كتب عليكم الصيام ....(2)
من الواقع........إلى المثال
لم يكن من عادة العرب قبل الإسلام ان يتناولوا أكثر من وجبتين فى يوم، الأولى: وجبة الغداء ووقتها من بعد الفجرإلى الضحى ، والثانية: وجبة العشاء ؛ وكانت قبيل الغروب أو بعده ، وكانوا يعتبرون آكل الثالثة نهِِِِما ً أو شرِها ً أو بطِنا ً.
ولما كانت شهوة البطن هي رائدة كل الشهوات ومحركها، ولما كان المسلم يراد له أن يكون هو محرك الكون ومحور ارتكازه، وأن تكون قيادة الدنيا بيديه وحركتها بفكره وعقله؛ أراد الله للمسلم أن يكون قائدا ً لشهوته وحاكما ً عليها.
إن شهوة البطن هي التي تحرك شهوة الفرج وشهوة الرياسة وحب الدنيا وشهوة الاستعلاء والتسلط ثم شهوات الظلم والبطش، وأنّى لجائع أن يحلم بامرأة، أو كيف له أن يستعلي على الناس أو يترفع عليهم بينما هو ممسك ببطنه يهدهد ألم الجوع فيها، أو هل من الممكن أن يطلب الرياسة ويسعى إليها بينما فرغ من الطعام بطنه وقد جف ريقه عطشاً وتشقق حلقه ظمأً، أم هل يتوقع منه أن يظلم أو يبطش بينما هو في حاجة إلى من يطعمه ويسقيه ؟!
أليس قد دعا النبي صلى الله عليه وسلم الشباب غير القادرين على الزواج إلى الصيام لما فيه من قدرة على كسر هذه الشهوة وإطفاء نارها وإراحة صاحبها منها...، ومن ثم إراحة المجتمع من شروره وسلامته من فجوره، قال صلى الله عليه وسلم: "يامعشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء"( رواه مسلم)
أولسنا قد درسنا في كتب الطب وأبحاث علوم وظائف الأعضاء أن المرء إذا امتلأت معدته وأمعاؤه تدفق إليهما الدم وحظيتا باهتمام المخ والأعصاب للقيام بمهام الهضم والامتصاص والتمثيل الغذائي، وفي نفس الوقت ينسحب الدم من الجهاز العصبي فتقل القدرة على التركيز، وينسحب أيضا من الجهاز العضلي العظمي فتقل قدرة المرء على التحمل والأداء، وأحسب أن الحكمة القديمة: "إذا امتلأت المعدة نامت الفكرة ، وخرست الحكمة ، وقعدت الأعضاء عن العمل" ... أحسب أن قائلها مادرس طبا ً ولا تشريحا ً ، وما سمع كلمة عن علم وظائف الأعضاء، وإنما هي تجربة الإنسان وملاحظته وفطرته السليمة التي تهديه فيهتدي بها، وهي أصدق وأعم من كل بحث وأسبق من كل علم قال تعالى : "...... فطرة الله التي فطر الناس عليها، لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون" (سورة الروم ، الآية: 30)
ليس الصيام حرمانا ً ولا تجويعا ً..... هما الوجبتان، لكن الأولى صارت قبل الفجر.....فضلا وإحسانا، والثانية بعد الغروب......وجوبا وإلزاما ً.
إنها طريقة ربانية لتهذيب النفس البشرية والارتفاع بها فوق "الواقع"، وجعلها ترنو دائما إلى "المثال"، وإن كانت تدرك بفطرتها أن بلوغ "المثال " محال،
لكن شرف المحاولة ليس بأدنى من شرف الوصول .
إنها طريقة ربانية لتقف مع نفسك إذا دعتك إلى الطعام؛ فتقول لها: لا... ليس الآن، ولتقفي مع زوجك مرة إذا دعاك إلى نفسه فتقولين له: لا ... ليس الآن،
لتقوى إرادتنا ولتصبح لديناالقدرة على اتخاذ القرار، وأن تقول لنفسك ولغيرك لا؛ قد نحتاج إلى أن نقول: "نعم وسمعا وطاعة".... مرة، لكننا نحتاج إلى أن نقول: "لا وكلا".... مرات ومرات. إن "نعم" تقيم الحضارات وتبنى الامم، وإن "لا" تمنعها السقوط والانهيار، بقول عمر رضى الله عنه: "يعجبنى فى الرجل إذا سيم خطة خسف أن يقول بملء فيه: "لا".
إن الألفاظ جعلت من أجل مدلولاتها فلا قيمة لكلمة لا مدلول لها ولا معنى.
كم من أناسٍ ولدوا وملعقة الذهب في أفواههم، لم يعرفوا الجوع، ولم يتذوقوا طعم الحرمان، ترى ماذا يكون شعور أحدهم عندما يقال له: إن فلان جائع أو إن فلانة جوعانة..... هل تراه يتحرك ؟! هل تتوقع أن يتألم ؟! هل من الممكن أن ينفعل ليصنع شيئا ً تجاه من أخبر عنه ؟!
لعل الله أراد من الصيام أن يتذوق أمثال هؤلاء حرارة الجوع الملهبة ومرارة الظمأ المفحمة، وهم بالطبع مسئولون عن شعوبهم وأممهم..... لعلهم إذا رأوا جوعى أو علموا بظمأى تسارعوا إليهم وتفانوا في إشباعهم وريهم إذ شعروا بهم وتألموا من أجلهم .
وللحديث بقية ؛
هناك 12 تعليقًا:
حضرتك مشااء الله مدونة حضراتك رائة واسلوب حضرتك جميل ومميز
بالنسبة للموضوع الاحصائيات في رمضان بتقول ان الناس بتصرف 3 اضعاف مابتصرفه في شهر تاني رغم انه العكس زي ماحضرتك قولت والله الواحد فعلا بيتعجب
جزيت الجنه اخانا
أخى المنشد:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعد
أحسن الله إليك، هيا نبدأ بأنفسنا:
"لا يكن أحدكم إمعة؛ يقول: أنا مع الناس، إن أحسن الناس أحسنت ، وإن أساءوا أسات، ولكن وطنوا أنفسكم : إن احسن الناس أن تحسنوا ، وإن أساءوا أن تجتنبوا إساءتهم"
رواه الترمذى
اخى الفاضل:ممكن استغل هذه المساحة لاسجل فيهابعض النصائح عن الصلاةولك الاجران شاء الله.
جزاكم الله خيرا
عاى الافاده والمعلومات
فيينك ماأرسلت الرد عسى ماشر.تسمح لى اسجل بعض الخواطرعبر مساحة(تعليق)ولك جزيل الشكر.ويعودعليك رمضان وانت فى خيروأمان.
غير معرف ومحب لدينه: أهلا بك ومرحبا
نفع الله بك ، لكن برجاء عدم التعرض لخلافات الفقهاء والانتصار لآراء الرجال.
دعنا نعمل ونتناصح فى إطار المجمع عليه وماعلم من الدين بالضرورة .
فى انتظار هداياك.....
اوعى تفكر
شكرا ًلمرورك
على فكرة: أنا برضه "باحب الإخوان"
أخوانى-أخواتى:كيف تتلذذبصلاتك: كيف تشعربالراحةبعدأدائك صلاتك قال رسول الله عليه الصلاةوالسلام أرحنابهايا بلال.عنداستقبال القبلةهناك مشاعرتستقبلهابقلبك فانت تستقبل بيت الله وهوشرط من شروط الصلاة فكيف تصح صلاةصلاةلمن يتوجه بقلبه الى رب القبلة. التكبير:الله أكبررفع اليدين فى التكبيريدل على الاستسلام وكانك تلقى الدنيامن خلف ظهرك الله أكبرمن الهموم التى تشغل بالك وعندالتكبيرتبدأالذنوب تتصاعد على كتفيك واذا ركعت وسجدت تساقطت هذه الذنوب(ماعظم هذا الدين) (ان الله يبسط وجهه فى عبده عند صلاته ان لم يلتفت)فيعرض عنه ويقول الى خيرمنى .نكمل لاحقاإذا أعجبكم وأحظى إهتمامكم.
أخوانى-أخواتى:كيف تتلذذبصلاتك: كيف تشعربالراحةبعدأدائك صلاتك قال رسول الله عليه الصلاةوالسلام أرحنابهايا بلال.عنداستقبال القبلةهناك مشاعرتستقبلهابقلبك فانت تستقبل بيت الله وهوشرط من شروط الصلاة فكيف تصح صلاةلمن يتوجه بقلبه الى رب القبلة. التكبير:الله أكبررفع اليدين فى التكبيريدل على الاستسلام وكانك تلقى الدنيامن خلف ظهرك الله أكبرمن الهموم التى تشغل بالك وعندالتكبيرتبدأالذنوب تتصاعد على كتفيك واذا ركعت وسجدت تساقطت هذه الذنوب(ماأعظم هذا الدين) (ان الله يبسط وجهه فى عبده عند صلاته ان لم يلتفت)فيعرض عنه ويقول الى خيرمنى .نكمل لاحقاإذا أعجبكم وأحظى إهتمامكم.
هل هو خطأإملائى:
"فكيف تصح صلاة......القبلة"
هل هو خبر صحيح:
تبدأ الذنوب تتصاعد......تساقطت..."
النص غير دقيق:
"...فى وجه....إن لم يلتفت....."
النبى صلى الله عليه وسلم أوتى جوامع الكلم وكل تغيير فى كلامه يذهب بك بعيداً عن المعنى المراد "فإن الله ينصب وجهه لوجه عبده في صلاته مالم يلتفت "
استمر ... وأسعدنا بالمزيد..والله معك .
نعم هناك خطأإملائى________أستغفر الله وأتوب اليه .معذرة:أعترف انى فشلت . أعطى الخبز لخبازه-ولك الشكر
المحب لدينه لا يعرف الفشل
أنت خبازه
استمر والله معك
إرسال تعليق