السبت، أبريل 30، 2011

الشفافية (4) أصل الحكاية

الشفافية....4











أصل الحكاية











لم أدع علما...ولا أنى أحتكر الصوابا.






وإنما قلت: هذا الذى عندى؛ فإن كان صوابا قبلناه، وإن كان غيره صوبتمونى.






ولا كان النقد لمجرد النقد،وإلا لكتبت ضعف ماكتب، والأحاديث مسجلة وبالإمكان عرضها على النقاد: حديث الثلاثاء بمسجد عصر الإسلام يومى29،22/4/2011.











أذكر أننى منذ ثمانية أعوام كتبت كتابا عنوانه: "إبهاج الأزواج فى فنون وآداب العلاقات الزوجية"، تلقاه الناس بالقبول وأثنوا عليه كثيرا، ثم تعرفت بعدها على عالم فاضل وهو فى نفس الوقت أستاذ للبلاغة فى جامعة الأزهر؛ أهديته نسخة من الكتاب وسألته أن يقرأه قراءة نقدية، زارنى الرجل بعد أسبوع وسلمنى أربع ورقات من مقاس الكراس A5 بها مايقارب ثلاثين تعليقا نقديا تتناول النحو والصرف والبلاغة: ولو أننى دفعت الكتاب إلى علماء آخرين فى الحديث أو فى التفسير مثلا لكتب كل منهم مثل ما كتب أستاذنا المذكور.






"وفوق كل ذى علم عليم"











لم أنصت إلى متحدث يوما لأتصيد خطأً أو لأتتبع عورة، وإنى لأومن بقول النبى صلى الله عليه وسلم: "يامعشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه لاتغتابوا المسلمين ولاتتبعوا عوراتهم؛ فإن من تتبع عورة المسلم تتبع الله عورته؛ ومن تتبع الله عورته يفضحه فى جوف بيته" فانظر كيف وصمه بالنفاق وإنى لأبرأ إلى الله منه. وإنما أنصت لأستفيد العلم والعمل، وأعلم ماذا آخذ وماذا أذر وأين أتوقف.











والذى آخذه أعطيه لغيرى، وأما الذى أتوقف عنده فالذى يخالف ماأعلم فأتوقف حتى أعلم، وأما الذى أذره فالذى لايلزمنى من فن لست له أهل، أو شاذ مخالف لذوق عام، أو ماأهدر مصلحة عامة؛ فإن إهدار العموم جريمة، ولا يكون الترك إلا بعد البحث والتنقيب والرجوع إلى الثقات من رجالات الدعوة من سبق منهم ثم من لحق، ثم إنى لاأبالى أن آخذ من صغير أو كبير، وأن أذر من سابق أو لاحق فإن الحق لايعرف بالرجال ولكن الرجال يعرفون بالحق، اعرف الحق تعرف أهله.











ليس النقد الأدبى يشغلنى‘ ولا النقد المعلوماتى؛ إلا إذا أثر سلبا فى مجتمع المؤمنين خلقا أو سلوكا؛ والخطأ الذى يكون إساءة إلى اللغة إو إلى مباحث علمية لا تشغل إلا أهل اللغة أو أهل العلم والمنظرين فأبعد ما أكون عنه على ملإ أو حتى فى غيابات جب عميق؛ إلا إذا كان يجمعنى بصاحبها ود قديم وكان لى قرين.











أما نقد سياسي أو اجتماعى يمس مصالح المسلمين وسلوك المؤمنين ويؤثر سلبا فى قيام نهضتهم وارتقاء دولتهم وعز أمتهم فالنقد النقد؛ ولا يكون إلا قويا لاذعا فالأمر لايحتمل السكوت بله المداهنة.











للإخوان مواقع إلكترونية ينشرون عليها أحاديث علمائهم ومقالات أدبائهم وخطب أئمتهم؛ وفى ذيل كل منشور إمكانية التعليق وقابلية النشر، وهو مايعنى أن تذكر رأيك بصراحة فيما قرأت أو سمعت، وقد يكون الرأى قدحا أو مدحا هجاء أو ثناء؛ مالم يكن إسفافا أو سبابا، هذا تقديرى وحسن ظنى، وهو باب من أبواب النقد العلني كما أفهم،وأحسب أن الدنيا كلها تفهم ماأفهم، إذ هى من بداهات العقول، إلا إذا كان القائمون على تلكم المواقع يعنون بالتعليق المدح والإطراء، وإلا حذفت مقالتك ومحيت عبارتك، وكنت من المحجوبين،وهو مالم أكن أتوقعه.











لا أحضر درسا ولا أقرأ كتابا إلا ومعى قلم وكراس؛ أسجل ما سرنى وما أحزننى وأدون الخواطر، وأقيد ماشرد وما ورد، فما تعلم المرء إلا بالقلم!! "وربك الأكرم الذى علم بالقلم".











كان حديث الأستاذ صبحى صالح المحامى يوم الثلاثاء 1/3/2011 بمسجد عصر الإسلام بسيدى جابر ببلدتى الهنية المرية " الإسكندرية".











كان الحديث شائقا حول الدولة المدنية والدولة الدينية وأيهما كانت دولة النى صلى الله عليه وسلم فى المدينة!!!! وكان مما ذكره الأستاذ الكريم فى محاضرته تعريف الدولة فى القانون الحديث بأنها: "أرض يعيش عليها شعب له حكومة"، وذكر أن دولة الرسول صلى الله عليه وسلم ينطبق عليها التعريف انطباقا كاملا، ثم عرج على صلح الحديبية باعتباره عمل من أعمال الدولة، وأفاض حتى أفاد.











كنت قد استمعت إلى محاضرة قبلها ببضعة أيام من الأستاذ المستشار مختار العشرى؛ تحدث فيها عن الدستور المصرى بين التجديد والتعديل، ذكر فيها تعريفا للدولة فى القانون الدولى فذكر نفس التعريف الذى ذكره الأستاذ صبحى صالح مضيفا إليه "أن يعترف بها دوليا".











بينما كان الأستاذ صبحى صالح يذكر صلح الحديبية قفز إلى ذهنى أن صلح الحديبية هو بمثابة اعتراف ضمنى من قريش بدولة النبى صلى الله عليه وسلم إذ تفاوضت معه بعدما كانت تقاتله، وصار ندا بعد تمرد، وصار ملفه فى مكة سياسيا بعد ما كان الملف أمنيا.






اتصلت بالأستاذ الكريم صبحى صالح وبثثت إليه خواطرى ومشاعرى فأنكرها، فشكرته وأزحت الفكرة من رأسى ولم أنشغل بها لاتدوينا ولاتلقينا، وإنما الشىء بالشىء يذكر، وماذا على أو لى أن يكون الصلح اعترافا أو لايكون، وماذا يضيف إلى واقع المسلمين أن تصح رؤيتى أو لا تصح فى هذه الناحية.؟؟!!.











حضرت حديث الثلاثاء يوم 22/4/2011 وعدت إلى موقع "أمل الأمة" فسجلت تعليقى فلم ينشر، ثم كان الثلاثاء 29/4/2011 سجلت تعليقى فلم ينشر، فاستغثت بمن أعرف فأخبرنى بأنها أخطاء فنية فى الموقع، وطلب إلى كتابة مقال عن الموضوع ووعدنى بنشره؛ ففعلت.... فلم ينشر... فلما اتصلت أسأله عن سر عدم النشر أخبرنى بأن "فلانا" رفض النشر..... فنشرت.











لم يكن الأمر سلسا ولا متتابعا بالطريقة التى رويتها لك، وإنما جنبتك إزعاجا وانزعاجا لاعليك إذا لم تدركه .











والآن: إذا كان من حقى التعليق فى "أمل الأمة" فهو أملى وأمل كل الأمة، وإذا لم يكن من حقى فالتمسوا لى عذرا أن أسميه: "أمل المكتب"؛ فإن "الأمة" أعظم من هذا بكثير.









والله من وراء القصد..















الاثنين، أبريل 25، 2011

الشفافية..... 3 حوار مع مخالف 2

الشفافية....(3)










قال أخى: ولكنك بنقدك العلنى تعطى الأعداء فرصة فيكيدوا للإخوان كيدا، وتمنح المتربصين سهما ليطعنونا به، وهم بذلك فرحون.










قلت: "هذه حجة داحضة من عدة وجوه:



















أولها:










أنها حجة كل الذين يكممون أفواه الشعوب ويقيدون الحريات ويحرمون الناس حرية التعبير.



















ثانيها:










أن الأمة لم تخل في فترة من فتراتها ولا في مرحلة من مراحل حياتها -على اتساع رقعتها وعمق زمانها- من أعداء يكيدون ومتربصين يطعنون، فلو كان لهذه الحجة ساق تقوم عليه لكان معناه أن الأمة تحرم من التناصح وإبداء الرأي فيما يتعلق بالحكام والأمراء والأنظمة التى تحكمها لتبقى دائما زهرية الصورة وردية اللون مخملية الملمس، وهو مالم يحدث في أزهى وأكرم وأنقى عصورها؛ أي في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم من تبعه من الخلفاء الراشدين.










وإن كان لهذه الحجة من مردود فهو انحسار قضية التناصح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في آحاد الناس بعيدا عما يمس الأنظمة والحكام فيضمنوا لأنفسهم عيشة هنية وقلوبا رضية، كل ذلك باسم مصلحة الشعوب وهي براء.



















ثالثها:










أن التاريخ يشهد أن الأمة لم تؤت من خارجها ولم يؤثر فيها أعداؤها سلبا لأنهم كانوا أقوى منها، وإنما لأنها ضعفت وتآكلت من الداخل ليس بسبب التناصح وإبداء الرأى، ولكن بسبب انفصال الأمراء ومن سار في ركبهم من العلماء عن القاعدة العريضة، وقد بين القرآن هذا المعنى في أكثر من موضع فقال مرة: "وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدكم شيئا" وقال: "عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم"










فليس المعيار هو استفادة الأعداء من إعلان التناصح لأنه ظنى ومفسدته متوهمة، ولكن استفادة الأمة من التناصح وقدر "الهدى" و"التقوى" الذي يحققه وعمق "الصبر" الذي ستلتزم به الأمة لتبلغ هذا الهدى وتلك التقوى هى المصلحة المعتبرة.










وهل يمكن إلغاء مصلحة معتبرة من أجل مفسدة متوهمة بحجة أن دفع المفسدة مقدم على جلب المنفعة؟؟!! أحسب أن هذه القاعدة تعنى مفسدة متحققة ومصلحة مرئية، أما والفساد متوهم ومظنون بينما المصلحة قائمة متحققة فيسقط الاستدلال بتلك القاعدة ومن ثم لاتنطبق.



















ورابعها:










أن الأمة لم تمر بمرحلة من كيد المتآمرين وتربص المنافقين مثلما كانت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم؛ إذ المشركون بمكة يعدون العدة والعتاد لضرب المدينة في بدر وأحد والخندق وبينهما سرايا وغزوات هى أقل ذكرا، ثم اليهود يكيدون ويشككون في الوحي ويستهزئون بالرسالة داخل مدينة النبي صلى الله عليه وسلم، ومعهم المنافقون يلمزون ويهمزون ويغمزون، ثم لم يمنع ذلك كله الوحي من أن يتنزل على النبي صلى الله عليه وسلم ليصحح له بعض اجتهاداته، ثم ليتلى هذا التصحيح على مسامع الدنيا جميعا من المؤمنين في المدينة ثم المنافقين واليهود، ولا غرابة أن يبلغ أسماع المشركين في شتى أنحاء الجزيرة، فهل كانت هذه سهام ورماح تعطى لأولئك المتربصين ليطعنوا بها النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته.



















زوج النبي صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة من زينب بنت جحش وهي له كارهة، وأعلم الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن زيدا يطلق زينب، وأنه -أى النبي صلى الله عليه وسلم- يتزوجها من بعده، فلما تراخى النبي صلى الله عليه وسلم في تنفيذ ما عهد إليه أنزل الله عليه: "وتخفى في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه".



















وحرم النبي صلى الله عليه وسلم على نفسه لونا من الطعام إرضاءً لبعض أزواجه؛ فأنزل الله عليه: "لم تحرم ما أحل الله لك تبتغى مرضاة أزواجك".



















وأعرض النبي صلى الله عليه وسلم عن عبد الله بن أم مكتوم في موقف دعوى بحت لمكانة كبار القوم يرجى منه إسلامهم فأنزل الله عليه: "عبس وتولى* أن جاءه الأعمى* وما يدريك لعله يزكى* أو يذكر فتنفعه الذكرى* أما من استغنى* فأنت له تصدى* وما عليك ألا يزكى* وأما من جاءك يسعى* وهو يخشى* فأنت عنه تلهى* كلا إنها تذكرة ".



















وسرق أنصارى درع أخيه الأنصاري، فلما حامت حوله الشبهة عمد إلى الدرع فألقاها في بيت رجل يهودي، وأسرع قومه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليدفعوا التهمة عن صاحبهم ويلصقوها بالبريء، فقام النبي صلى الله عليه وسلم فعذره على رؤوس الناس فأنزل الله القرآن: "إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيما* واستغفر الله إن الله كان غفورا رحيما*و لا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما"










وقد كان من الممكن أن تكون هذه المعاتبات وتلك التصحيحات سهما يؤتاه اليهود والمنافقون ليطعنوا به المسلمين وهم محقون؛ في وقت كانوا يطعنون وهم مبطلون.



















أما مراجعات القرآن العلنية للمؤمنين فأكثر من أن تحصى:



















ففي بدر خرج المؤمنون يريدون العير، وأراد الله لهم أن يلقوا النفير، فكره بعضهم ذلك، فأنزل الله القرآن: "وإن فريقا من المؤمنين لكارهون* يجادلونك في الحق بعدما تبين كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون* وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم".



















وفي أحد خالف الرماة أمر النبي صلى الله عليه وسلم فنزلت بهم الهزيمة؛ فنزل القرآن: "أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم"، وقال لهم أيضا: "حتى إذا فشلتم وتنازعتم في الأمر وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة". حتى قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: ما كنت أحسب أن أحدا من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم يريد الدنيا حتى نزلت هذه الآية.



















ولما تسارع المسلمون في بدر يقيدون أسرى المشركين قبل الإثخان رغبة في الفداء أنزل الله عليهم: "ماكان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة والله عزيز حكيم* لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم".



















وفي الخندق اجتمعت الأحزاب من قريش وثقيف وغطفان ومعهم اليهود على ضرب المدينة، فوصف الله حال المؤمنين: "وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا* هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا".



















فلم يكتف في كل ما سبق بأن يكون التصحيح والتنبيه وعظا عاما غير مباشر أو غير معلن بكلمة يلقيها عليهم صلى الله عليه وسلم في مجمع خاص أو داخل جدران المسجد؛ حتى جعلها قرآنا يتلى يسمعه القاصي والدانى والعدو والصديق والموافق والمخالف، ولم يكتف بنقض أعمال ظاهرة حتى كشف خبايا النفوس وأخرج مكنونات القلوب، وفي ذلك من وجهة نظرى فائدتان لا غنى للمؤمنين عنهما يساهم كل منهما في بناء دولة قوية:



















أولاهما:










لجوء المؤمنين الدائم والمستمر إلى الله، وانكسارهم بين يديه إذ يروا فى كل مرة ضعفهم ثم تقوية الله لهم،وأخذه بأيديهم، وجبره لكسرهم، فيكون أبعد لهم من العجب والغرور والزهو بالنفس والركون إلى أسباب القوة المادية والعددية، ليوقنوا دوما أن النصر من عندالله.



















وآخرهما:










أن قيام الدولة المسلمة بإحصاء أخطائها ونقاط ضعفها ومعرفة آحاد الناس بذلك ثم مشاركة الجميع فى المعاجة المستمرة والمتابعة الدؤوب يوقظ مشاعر الأمة ويحفزها نحو مصالحها، ويقوى الشعور بالانتماء إلى الوطن، وهو من أقوى الضمانات التى تصون نسيج المجتمعات ووحدتها، ثم إنها من ناحية أخرى تقطع كل الألسنة الخارجية أو حتى ألسنة المنافقين التى تلوك الموضوع أو تتناوله، وأنى لهم ذلك وقد ذكره أهله وتناولوه بشفافية ومصداقية، وناهيك به من أسلوب لايسمح معه بإطلاق شائعات مغرضة؛ إذ مجتمع المؤمنين يتناول المعلومات من مصادرها الموثقة نقية صحيحة أولا بأول؛ فلا مجال للإرجاف هناك.









قال أخى: ولكن ألا تري أنها مثالية مطلقة؟؟!!









قلت: إذا قلت لي ما هي المثالية؛ ما تعريفها عندك!! أستطيع أن أجيبك ب"نعم" أو "لا". أما أن تطلق مصطلحاً له في نفسك معني لا أعرفه وتريدني أن أجيبك عليه فكلاً وألف كلا؛ وقد كان ذلك من أسباب تدهور حضارتنا وتراجع أمتنا: إطلاق مصطلحات غامضة ليس لها معني دقيق يتفقون عليه قبل التحاور فإذا بهم يتفقون علي ما اختلفوا في فهمه، ولو أنهم اختلفواعلي ما فهموا لكان أولي.









ولكنى أكاد أدرك قصدك... وأجيبك بعيداً عن مصطلح "المثالية":

















أعلم أن الكمال لله والعصمة لمحمد صلى الله عليه وسلم؛ وسلوكه صلى الله عليه وسلم وأخلاقه هى غاية ما يطمح إليه من الكمال البشري، وأن القرآن هو المثال الأعظم في هذه الحياة وأننا بين المثال والواقع مترددون؛ فجواذب النفس والهوى تهوى بنا إلى أسفل بينما القرآن يأخذ بأيدينا إلى الارتقاء والسمو، وأن علينا أن ننظر إلى المثال دائما ونتطلع إليه؛ لا لنبلغه لأن ذلك محال، ولكن حتى لا نتردى ونسقط، وقد نقع وعيوننا على المثال فيأخذ بأيدينا ليرفعنا مرة أخرى فإذا زاغت عنه عيوننا وانصرفت عنه قلوبنا كان السقوط، وهو ما عبر عنه القرآن بقوله: "ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه"، وما تلاوة القرآن إلا لون من ألوان التطلع الدائم والمستمر إلى النموذج الأرقى لتظل العيون والأفئدة ترقب الكمال وإن لم تكن لتبلغه؛ والبديل هو التسفل.









ليس معنى أنى أدعوك إلى النظر إلى الكمال أنى أطالبك بالوصول إليه، ولكنى أخشى عليك السقوط.









فإذا كنت تعنى بالمثالية بلوغ الكمال النبوي المحمدى فهو مطلب من لاعقل له، أما إذا عنيت التعلق بحبله المتين ودوام النظر إليه فهى فريضة لا يسعنا تركها وإلا فأمه هاوية.



















قال صاحبى: ولكنك كنت قاسيا فظا والأصل فى النصح أن يكون رقيقا!!!










قلت: القسوة والفظاظة كلمات فضفاضة يتسع معناها ويضيق حسب تفسير كل واحد منا ورؤيته وبيئته وقد كان عمر رضى الله عنه يوصف بأنه فظ غليظ؛ وصفه بذلك بعض أزواج النبى صلى الله عليه وسلم، ووصفه أيضا بعض أصحابه صلى الله عليه وسلم على فراش موت أبى بكر فأنكر عليهم ووصفه بأنه خيرهم.



















عد إذا شئت إلى الآيات التى صحح فيها القرآن بعض مواقف النبى صلى الله عليه وسلم لتراه وهو يقول له: "تخشى الناس والله أحق أن تخشاه"..."فأنت عنه تلهى" ...." كلا إنها تذكرة".."تبتغى مرضاة أزواجك" واسأل نفسك أخى لو أن أحد الناس خاطبك بذلك أكنت تراها قسوة؟؟!!... "ومن أحسن من الله حديثا"؟؟!!










ثم عد مرة أخرى إلى القرآن وهو يخاطب المؤمنين: "تريدون عرض الدنيا"..."لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم"...منكم من يريد الدنيا"......وتخيل إذا وجه هذا الخطاب إليك!!! "ومن أصدق من الله قيلا"؟؟؟!!!




























روى مسلم عن أبى هريرة رضى الله عنه قال: بينما عمر بن الخطاب يخطب الناس يوم الجمعة دخل عثمان بن عفان فعرض به عمر بن الخطاب فقال: مابال رجال يتأخرون عن النداء؟! أية ساعة هذه!! فقال عثمان: مازدت حين سمعت النداء أن توضأت ثم أقبلت. فقال عمر والوضوء أيضا، وانت تعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بالغسل؟؟!!



















الله الله ياأهل الدعوة



















الله الله يارجال الإخوان



















الله الله يامسؤلين



















عثمان الأسبق إسلاما...عثمان الأكثر إنفاقا... عثمان ذو النورين...وصاحب بئر رومة.










لم يخالف فى فريضة، وإنما ترك الأحسن وفعل الحسن..لم ينصح سرا وإنما علانية على رؤوس القوم فى مسجد النبى صلى الله عليه وسلم ومن على منبره،



















قال النووى: قاله توبيخا له وإنكارا لتأخره إلى هذا الوقت وفيه جواز الإنكار على الكبار فى مجمع الناس. انتهى



















ياقوم إن الكبار الذين يقتدى بهم لا ينصحون سرا إذا كان موقفهم علانية لأنهم يقتدى بهم، وأقوالهم شرائع ومفاهيم، وإنما الغرم بالغنم.










ياقوم تعلقتم بقول الشافعى: من نصح أخاه سرا فقد وعظه وزانه ومن نصح أخاه علانية فقد فضحه وشانه.......وهذا فى من كان شأنه سرا أو ليس فيه أسوة.



















تعلقتم بهذا الظنى وتركتم المحكم من القرآن ومن سنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعد محمد صلى الله عليه وسلم:



















أقول قولى هذا واستغفر الله لى ولكم... فاستغفروه... لكم ....ولى.























































والله من وراء القصد

الأربعاء، أبريل 20، 2011

الشفافية . (2) حوار مع مخالف

الشفافية.......(2)









تذكر الأساطير أن الله لما خلق الخلق وقسم عليهم أرزاقهم من الأموال وأنصبتهم من العقول رضى كل منهم بعقله بينما تسخطوا على الأرزاق؛ وهم فى هذا وذاك مختلفون.









لم يزعجنى الذين خالفونى كما لم أفرح بالموافقين ، والمخالفون فى أشياء هم عن غيرها راضون، كما أن الموافقين لابد لديهم بعض التحفظات. ولن يختلف أخوان على طول الخط لأن أصل الفطرة فيهم ومنهل العلم عندهم واحد كما أن مورد الفهم لديهم صاف لايعرف الكدر؛ فلا غرو يلتقيان.





وبنفس الدرجة لن يتفق أخوان على طول الطريق لأن كلا منهما خلق وحده "ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة" وليس فى البشر نسخ مكررة لا شكلا ولا مضمونا، ولا صورة ولاتصورا، ولا خلقا ولا خلقا.









لذا لايزعجنى المخالف لأننا سنلتقى يوما، ولا تفرحنى الموافقة إذ الاختلاف متوقع ولو مرة، والحكمة القديمة تقول: "أحبب حبيبك هونا ما عسى أن يكون بغيضك يوما ما، وأبغض بغيضك هونا ما عسى أن يكون حبيبك يوما ما" ولا نعرف إلا الحب اتفقنا أو اختلفنا.









لكن أسعدنى عفيف المنطق موضوعى المذهب وإن خالفنى، وأحزننى شاط عند موافقة سليط عند مخالفة والله يغفر لى وله.









أما "غير معرف" ثم تتناول شخصى وتتهم خلقى وتجرح مشاعرى وتذكر مايدل على أنك قريب منى وأنى أعرفك وأنك تعرفنى؛ فلا أدرى تحت أى لون من ألوان الشجاعة يندرج هذا السلوك؟؟؟!!! ثم ماذا أنت فاعل حين تلتقى الوجوه؟؟!! هل ستبتسم فى وجهى وتمد يدك مصافحا بعد إذ غششتنى!! أم ستكون صريحا واضحا وتعنفنى كما عنفتنى فى تعليقك على مقالتى؟؟!! فمن الآن إذن عرفنى بنفسك واذكر اسمك برجولة أنت لها أهل!!!!،يرحمنى الله ويرحمك.





***********





قال صاحبى: ليس بحثنا فى حق أو باطل ولا فى جنة أو نار؛ وإنما هو صواب أو خطأ.









قلت: بل فى ما هو أبعد من كليهما ، إنما هو فى صواب أو أصوب، وفى حسن أو أحسن، والتوقف فى البحث عند حد الحق أو الباطل شأن العوام، ثم الانتهاء إلى حدود الخطإ أو الصواب دأب الخواص، أما الارتقاء بالبحث إلى مستوى الصواب أو الأصوب والحسن أو الاحسن فهو هم الأصفياء وخلق الأنقياء، وقديما قالوا: حسنات الأبرار سيئات المقربين، ولاتنس أن المقربين: "ثلة من الأولين وقليل من الآخرين" بينما أصحاب اليمين: " ثلة من الأولين وثلة من الآخرين"؛ فالمقربون فى الآخرين "قليل" بينما أصحاب اليمين فيهم"ثلة" أى كثيرون، وكلٌ من الباطل بريئون وعن الخطإ بعيدون، وإنما الفرق كان فى الصواب والأصوب وفى الحسن والأحسن.









قال صاحبى: "أنت أسميت مقالتك "شفافية"، وهذا لمز فى الآخرين فهل أنت "شفاف" بينما هم "معتمون"؟؟؟!!!





قلت: دعك من العنوان فإنها كلمة لاتنهض وحدها أن تكون جملة ولكن بتقدير محذوف تستطيع بالحب أن تقدره كما تستطيع بالهوى أن تغيره، وحسبى أننى أخرجت ماعندى ووضعته على مائدة التباحث والتحاور فإن كان صوابا التزمنا به جميعا وإن كان خطأ صوبتمونى فارتحت من حمله وتخلصت من عبئه ووزره.









قال: كنت أحب أن تبقى فى الطريق الذى اخترته لنفسك من دراسة العلوم الشرعية و تدريسها والانتظام فى لقاءات المساجد ودروسها والنأى عن الإداريات وعدم الخوض فى سياسات الجماعة.









قلت: الطريق الذى اخترته هو جماعة الإخوان المسلمين، وأما العلوم الشرعية فهى وسيلة من وسائل النهوض بنفسى وبها "قوا أنفسكم وأهليكم نارا" وهى أنجع وسيلة للارتقاء بالإداريات وضبط السياسات ثم إنى لاأعرف هذه المسميات ولكنى أعرف الإسلام بشموله، وبئس العلم علم مبتوت عن الإدارات، وإذا انفصلت لقاءات المساجد عن السياسات فبئست المساجد وبئست اللقاءات؛ ثم إنها علاقتى بربي وليس من شأن المخلوقين أن يحددوا علاقات بعضهم بالله وأين تبدأ وكيف تنتهى.









قال أخى: كانت مكالمة الأستاذ المرشد للأستاذ سيف الإسلام حسن البنا مجرد خاطرة تعبر عن حبه واهتمامه بأخيه.





قلت: كانت خاطرة يوم الحادى عشر من فبراير، فلما حكيت فى اليوم التاسع والعشرين من مارس -أى بعد مضى شهر ونصف بالتمام- دل ذلك على أنها استقرت بالذهن وتمكنت من القلب حتى انتقلت من حالة الخاطرة العابرة إلى حالة الفكرة المستقرة، والخطرة إذا لم تدفع صارت فكرة كما يقول "ابن القيم" فى "الفوائد".









قال أخى: كان خروجى من المعتقل يوم الحادى عشر من فبراير سنة ألفين وعشرة، فلما خلع حسنى مبارك فى الحادى عشر من فبراير سنة ألفين وإحدى عشر؛ -أى بعد مرور عام كامل على خروجى من المعتقل- هللت زوجتى وكبرت وقالت: اليوم ثأر الله لك يا مصباح.





قلت: هذه مشاعر زوجة لاترى فى الدنيا إلا زوجها، ولاشك أن الله قد انتقم لك ولغيرك، منهم من تعلم وكثير لايعلمهم إلا الله، ثم أردفت قائلا: ولو وافق يوم خلع مبارك يوم اعتقالك لكان أقوى وأبين فى الانتقام من موافقته يوم خروجك.









قال أخى: وكان غرق العبارة المصرية فى الحادى عشر من فبراير سنة ألفين وست؛ غرقت وعلى متنها ألف وثلاثمائة تقريبا من الرجال والنساء والأطفال، كانوا وجبات شهية لأسماك القرش لبضعة أيام، وفى مساء نفس يوم حتفهم كان مبارك المخلوع يشاهد إحدى مباريات كرة القدم وقد ارتسمت على ملامحه ابتسامات عريضة وهو يلوح بيده للجماهير، وكان خلف كل واحد من هؤلاء الضحايا عشرات من الأرحام والأصدقاء والأحباب والجيران اكتوت قلوبهم جميعا فى ذلك اليوم، فلما وافق يوم حتفهم يوم خلع مبارك اتصلت بى والدة إحدى الضحايا وقالت: اليوم انتقم الله لابنتى.





قلت: وهذه أيضاً مشاعر أم احترق قلبها وتفتت كبدها على ابنتها فأعماها الحزن عن رؤية غيرها، وأذهلها الهم فلم تسمع استغاثات المئات بينما سمعت استغاثة ابنتها، ولو أنصفت لقالت: اليوم انتقم الله لألف وثلاثمائة رجل وامرأة وطفل.





ولو أن الأستاذ المرشد ذكر هذا المثال لكان أوقع فى قلوب المؤمنين وأشرح لصدور المصريين من اختزال الانتقام فى الثأر لحسن البنا، ومايليق بآحاد الناس والمتحدث بالإصالة عن نفسه وأيضا بالنيابة عنها لايليق بالمتحدث عن أمة أوبالأحرى عن جماعة ترنو إلى قيادة الدنيا وتعتبر أن من تمام أهدافها أستاذية العالم بنشر دعوة الخير فيه.









قال صاحبى: أنت تقول إن المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين ينظر إليه على أنه إمام المسلمين وأمير المؤمنين؛ بينما نحن نعلم اعتقادا أن جماعة الإخوان المسلمين هى جماعة من جماعات المسلمين وليست هى جماعة المسلمين!!!





قلت:نحن الآن جماعة من المسلمين ولسنا جماعة المسلمين،ولكنا نطمح أن تسود دعوتنا الدنيا بأسرها، ومراحل العمل عندنا سبع؛ تبدأ بإعداد الفرد المسلم وتنتهى بأستاذية العالم بنشر دعوة الخير فيه، وإن عيني لترصد هذا الهدف وتراه قريبا، وأرى أن الاستعداد ينبغى أن يكون من الآن، وأن نرقى إلى مستواه، وأن من أبجديات ذلك أن نرفع الحواجز بيننا وبين الآخرين فضلا عن أن نصنع بأنفسنا حواجز،ويكفى بالحديث عن الذات وبالمن حاجزا هو أثبت وأرسى من كل الحواجز التى يضعها الأعداء.





إننى أحب وأتمنى أن يذوب الإخوان المسلمون فى هذا الشعب المصرى ذوبانا ليس بالطبع هو الضياع وفقدان الهوية، وإنما ذوبان التواضع والحب والخدمة حتى الفناء، وأن يذوب المصريون فى الإخوان المسلمين ذوبان الحب ووحدة الوجود، ولن يكون هذا إلا برفع الحواجز.





قال أخى: ولكنك بنقدك العلنى تعطى الأعداء فرصة فيكيدوا للإخوان كيدا، وتمنح المتربصين سهما ليطعنونا به، وهم بذلك فرحون.





قلت:....................................................









وللحديث بقية.









والله من وراء القصد