الأربعاء، مارس 25، 2009

هكذا يكون الجيران 1 أم المثنى

هكذا يكون الجيران ...... ( 1 )

.

.

"هكذا يكون الجيران ( 1) .. هى أولى تدوينات الدكتور توكل مسعود المعتقل حالياً بسجن الغربينيات في برج العرب بالإسكندرية ..كتبها والقيد في يده .. وهو نفسه الحر الذي لا وطن له .. فتابعونا .. "

.
.

" أم المثـنــي "
.
.

كنا في غربة ...من بعد غربة ... ومن قبلهما غربة!
.

كنا نسكن في عمارة تتكون من ثمان عشرة شقة ، أغلب السكان مصريون ، لكنك تجد السوري والعراقي والأردني واليمني والسوداني .
.

كنا كأننا أسرة واحدة... الرجال كأنهم أشقاء ، والنساء كأنهن شقيقات ، وأبناؤنا جميعا لا يكاد الواحد منهم يدخل شقته إلا عند النوم ، وإذا أردت ولدك فلربما تبحث عنه في كل شقق العمارة حتي تعثر عليه .

.

كان معي ثلاثة أولاد ، وكانت زوجي في حملها الرابع ، وكانت النساء يترقبن يوم وضعها ، كل تحب أن تحضر هذه اللحظة ، وأن تسبق إلي الخدمة .
.

كنت أعلم ذلك وأراه وكانت زوجتي تخبرني به ، فكنت أجد حرجاً شديداً وحياءً ، فإني لا أحب أن أثقل علي أحد، ولا أن أسال الناس شيئاً .
.

ذات مساء دقت " أم المثني" رضي الله عنها باب شقتنا ، وهي جارة لنا ، أردنية من أصل فلسطيني ؛ جلست "أم المثني " إلي "أم معاذ" زوجتي، واستحلفتها بالله أن تكون هي أول من يعلم بخبر الوضع والولادة ، وأن لا يسبقها أحد في ذلك ، وقالت : انا أعلم أن المصريين بالعمارة كثيرون ، ولكني أحب أن أحظي بشرف خدمتك دونهم ، فوعدتها زوجتي بذلك ،فانصرفت إلي شقتها راضية مسرورة .
.

الخميس الحادي عشر من فبراير1988
. وعند حلول المساء : شعرت زوجتي بمقدمات آلام الوضع ، فأخبرتني بذلك ، فاقترحت عليها أن تزور كل نساء العمارة هذه الليلة ، وألا تظهر لهن شيئاً ، وان سألنها عن موعد ولادتها أبهمته ، ففعلت ثم عادت .
.

قبل صلاة فجر الجمعة 12 فبراير1988 . فحصت زوجتي فوجدتها قد اقتربت جدا .... نزلت لصلاة الفجر ثم عدت اليها فوجدتها قد أوشكت .
.

في تمام السادسة صباحا كانت "إسراء " تستهل صارخة ، وكان الله رابعنا
أنهيت عملية التوليد بسلام ، وجمعت كل ما كان من ثياب وفراش ، فألقيت ما ينبغي أن يلقي ، وغسلت ماينبغي غسله .

.

أيقظت أولادي الثلاثة ، وأعددت لهم فطورهم ، وبعد الانتهاء جمعت الطعام ، وغسلت الاواني والاطباق ، ومررت علي غرف البيت غرفة غرفة ... فوضعت ... ورفعت ... وغسلت ... ومسحت حتي ما عاد في البيت شئ في غير موضعه ، وعاد كل موضع فيه يلمع ويسطع.
.

دعت أم معاذ ولدها الأكبر معاذ وقالت : إنزل ياحبيبي ... أخبر خالتك أم المثني أني أريد لقاءها .
.

دخلت أم المثني وهي تسلم وتسمي الله وتردد الأدعية وآيات القرآن .... حتي دخلت علي زوجتي في غرفتها فوجدتها في فراشها وإلي جوارها مولودتها.

.

هنأتها وباركت لها وانطلقت تجوب البيت.... المطبخ ... الحمام ... غرف الأولاد .... فماوجدت شيئا تعمله ... عادت أم المثني إلي غرفة صاحبتها حزينة تقول : أعلي هذا أتفقنا يا أم معاذ !!
فقالت أم معاذ :
والله مانقضت اتفاقي معك ، لقد طلبت أن تكوني أول من يدخل علي بعد ولادتي ، وأنت والله اول داخلة وما أخبرت غيرك .
.

دخل ول
دي معاذ ليحضر لي ملابسي من غرفتي لأقوم بكيها وأنزل إلي صلاة الجمعة فقد اقترب موعد الصلاة .
رأته أم المثني وهو يحمل الثياب فقالت له : ثياب من هذه؟!

فقال : ثياب أبي
قالت : وماذا يصنع بها ؟!

قال: يريد كيها لينزل بها إلي الصلاة .
قالت :
والله ما يصنع هذا إلا أنا .
.

حملت أم المثني ثيابي ونزلت بها إلي شقتها ، وبعد قليل عادت الثياب مكوية كأحسن ما يكون الكي .
.
.


مكثنا ستة عشر يوماً لا يوقد في بيتنا نار ، وإنما يحمل الطعام إلينا ، لا ندري من اين ... فنأكل ، ويفيض عنا ، فندعوا أصدقاءنا من خارج العمارة ، أو نهدي إليهم .... كما كانت ثيابنا تحمل ثم تعود إلينا لا ندري من التي حملتها ولامن غسلتها وكوتها وأحضرتها ..... حتي نزلت ومعي زوجي ومولودتنا نطوف بالجيران ونتوسل إليهم أن:

.

.

"كفوا فقد كفيتمونا"

الخميس، مارس 19، 2009

سيكتب والقيد في يده ....

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

.
زوار المدونة الكرام /
.

.
اعتقلوا أبي ليلة أمس ..

.
بعد سبع محاولات باءت جميعها بالفشل الذريع .. كانت المحاولة الثامنة ليلة أمس .. حين داهمت قوات الأمن منزلنا في تمام الساعة الواحدة والنصف بعد منتصف الليل .. وألقوا القبض على أبي .. ونشر الخبر صباح اليوم على موقع اخوان أون لاين .
.
ربما يكون أبي قد غاب عن عيوننا ولكنه بالتأكيد حاضر في قلوبنا .. وربما يكون أيضاَ قد غاب عن المدونة الآن .. ولكنه غياب جسد .. لا غياب عقل وقلب وقلم ..
.
ليعلم من يظنون أنه باعتقاله قد توقف عن التدوين و عن أن يكون مؤثراً وفعالاً ومجاهداً .. ليعلموا أنهم مخطئون .. وأنهم سيحيق مكرهم بهم ..
قال الحق تبارك وتعالى : (وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلا بِأَهْلِهِ) فاطر (43)
.
.

* & * " المدونة " * & *

.
لن تغلق أبوابها .. ولن تسدل ستائرها .. وستظل على ماهي عليه .. سيكتب فيها الدكتور توكل مقالاته .. ولكن هذه المرة ليست من خلف شاشة الحاسوب وإنما من خلف أسوار المعتقل .. سيكتب والقيد في يده .. وسأضع بين أيديكم كل ما يكتب بإذن الله .. وسيرد على تعليقاتكم أيضاً .. والتي أعدكم بنقلها له أولاً بأول .. وبريده الإلكتروني سيستقبل رسائلكم .. وسأنقلها إليه بإذن الله .. وسأرسل لكم الرد في أقرب فرصة .
.
أتمنى أن أرى تفعلاتكم كما كنت أراها حين كان يكتب هنا بيده وبقلمه .. أتمنى أن تظلوا على تواصل مع قلمه كما أنه باذن الله سيظل على تواصل مع أقلامكم .. وإن اختلفت يد الكاتب .

فك الله أسرك يا أبي
.
أهديكم هذه التدوينة .. رسالة أبي إلى أختى الكبرى ليلة زفافها .. وهي من أوائل التدوينات التى نشرت على المدونة ..
.
.
.
سأكتب لكم بيدي ولكن بقلم أبي
إسراء توكل

الثلاثاء، مارس 17، 2009

ليست كرامات وإنما إكراميات 5 رد الضالة

ليست كرامات..وإنما إكراميات--- (5)
.

"وإذا سألك عبادى عنى فإنى قريب"
سورة البقرة آية 186
.
.

نعم... والله قريب، لو لم يكن القرآن قد أخبرنا؛ لكان الواقع وتجارب الحياة يشهدان بذلك ويدلان عليه.... فما بالنا والقرآن يخبر بذلك،... إن إخبار القرآن هو علم اليقين.... وشهادة الواقع هى عين اليقين.... فالحمد لله الذى جمع لنا علم اليقين وعينه.
.
.
كنت قد حفظت هذا الدعاء منذ زمن بعيد: "اللهم رب الضالة رد الضالة فإنها من فضلك ومعطياتك" رواه الطبراني ..ومعناه أنك إذا فقد منك شىء أو نسيت موضعه ومكانه لجأت إلى الله ليدلك عليه ويرشدك إليه، فإنه سبحانه أعلم بمكانه وموضعه وأعلم بحاجتك إليه... وهورحيم.
.
.
ذات يوم قمت أغتسل قبل الفجر..... انقطعت الكهرباء ولا أزال فى الحمام........ خرجت والبيت كله قطعة ليل مظلم.... ظللت أتحسس طريقى.... ولم أشأ أن أوقظ أحدا..... حتى أتممت كل ما أريد فى ظلام أشبه بظلام القبور... و بقى شىء واحد.... مشط أو فرشاة أمشط بها شعرى.
.
.
بقيت أتحسس المواضع التى يغلب على ظنى أن بها مشطا أوفرشاة، وأنا حريص كل الحرص ألا أوقظ أحدا، وكذلك ألا أصطدم بشىء يؤذينى أو أتلفه..... حتى تذكرت هذا الدعاء فما أن قلت: "اللهم رب الضالة" حتى عثرت قدمى اليمنى بشىء خشن على الأرض.... مددت يدى فإذا هى فرشاة شعرى... فقلت : الحمد لله أنك رددت الضالة"...... فصار الدعاء هكذا: اللهم رب الضالة، الحمد لله أنك رددت الضالة.
.
.
مرة أخرى وكنت متجها إلى عملى فى مستشفى"القبارى العام"، وفى شتاء 1984 وكا ن يوما عاصفا باردا، ذلك البرد الذى يلسعك لسعا........ وكنت بعد نزولى من الترام أقطع الطريق إلى المستشفى مارا بشارع طويل يسمى شارع "ابن السيار" وهو عمودى على البحر، وعلى جانبيه مطاحن ومخازن الغلال..... كنت أحمل حقيبتى فى يدى...... وكانت الريح تضرب الحقيبة يمنة ويسرة فأترنح معها حيث سارت..... حتى ضممتها إلى صدرى... ثم شعرت باحتقان أنفى وأن ماء الرشح والزكام يكاد يتساقط الآن من الفتحتين، تذكرت أننى نسيت أن أحمل معى مناديل جيبى.... فقلت أدعو بدعاء الضالة لكن نفسى قالت لى: وأى ضالة وأنت لم تحمل شيئا أصلا....نظرت حولى أبحث عن دكان أومتجر أشترى منه علبة مناديل فلم أر شيئا أبدا... ولا مخلوق فى الشارع، ..... الشارع طويل ولازال المستشفى بعيدا... وماء أنفى يكاد يغادرها... فكأنى شعرت بالعجز... فقلت لنفسى :هو يدبرها......... خطوت بعدها خطوتين.... وفى الثالثة.... علبة مناديل "هاندى" ملقاة على الأرض...... مددت يدى نحوها فأخذتها.... فإذا هى مغلقة لم تفتح ولم يستعمل منها منديل واحد.
.
.

سبحان الله.......... كم هو كريم ولكننا لانسأله ... وكم هو قريب ولكننا لا نتقرب إليه.... وكم هو مدبر ولكننا لانفوض إليه أمرنا.......... بل كم دبر لنا..... فأدرنا ظهورنا لتدبيره ورحنا نقترح .... فخبنا وخسرنا.....
.
.

اللهم رحماك.
.
.

الخميس، مارس 12، 2009

ستة + سبعة = خمستاشر

ساعة .......... وساعة
.
.
بعد سلسلة من المقالات الجادة ...والمبكية..... أحببت أن أروح عن أحبائى وإخوانى بمقالة فيها دعابة ومرح واشترطت على نفسى ألا أقول إلا صدقا .
.
كنا قد حبسنا فى سجن مزرعة طرة فى الفترة من 15 مايو وحتى 12 نوفمبر 2004 وكانت تسمى مجموعة ال 56 وكانت تضم إخوانا من ست محافظات: القاهرة والإسكندرية والغربية والمنصورة وكفر الشيخ والمنوفية.
.
.
كان من أبرز أفراد هذه المجموعة "الحاج حسين" من المنصورة... كان صاحب دعابة لا تنقطع...وفى المعارك أسد هصور.
.
6 + 7 = 15.......................؟!
. .
يقول: كانت أختى الصغرى غير موفقة فى دراستها بالمرة، بالإضافة إلى أنها كانت ساذجة إلى حد بعيد. وكان والداى قرويين بسطاء.
.
ذات يوم عدت من عملى فسمعت أختى من داخل غرفتها تقول: يارب ستة وسبعة يبقوا خمستاشر...يارب يارب....ستة وسبعة يبقوا خمستاشر ...يارب يارب.
.
طرقت بابها وسألتها:
فيه أيه يابنت
فردت: ياحسين....هو ستة وسبعة مش يبقوا خمستاشر؟!
قلت لها: لا.... ستة وسبعة يبقوا تلاتاشر.
قالت: أنا جت لى مسألة فى الحساب: 6 + 7 = ... وأنا كتبت خمستاشر...ماينفعش ياحسين؟!
قلت لها: ماينفعش...المهم عملتى أيه فى باقى الامتحان.
قالت: لا ....حليت كويس.
. .
بعد بضعة أيام، كنت فى غرفتى فسمعت صراخ أختى، وأمى تضربها، وتقول لها:
جبت صفر ياخايبة....
وأختى تقول لها: والله البنت اللى غشت منى جابت عشرة من عشرة.....
وأمى تقول لها: وتغششيها ليه ياخايبة.. آهى جابت أحسن منك.
.
استيقظ أبى على صراخ أختى فنادى من داخل غرفته:
بتضربى البنت ليه يا ام حسين؟!
قالت: بنتك جابت صفر فى الحساب.
فرد أبى: وماله... أهو الصفر أحسن من مافيش.
قالت أمى: يعنى الصفر "حلو" يا ابو حسين؟!
فرد أبى: أيوه... الصفر كويس... كل اللى يجيبه ربنا كويس.... سيبينى أنام بقى يا ام حسين.
.
.
عادت أمى إلى أختى فأمسكت بأذنها وقالت لها فى صوت خفيض:
على الله ماتكونيش جبت صفر... وأختى تقول لها: لا.. والله جبت صفر.
.
.
يقول حسين: هنا شعرت أن دماغى "بتغلى"، ورأسى "هتنفجر".... فناديت أمى... فأسرعت إلى وقالت: مالك ياحسين؟!
قلت لها: الحقينى بكباية شاى واسبرينة.
قالت: سلامتك من الوحش ياحسين.
قلت لها: هو بعد الصفر مابقى "حلو" و "كويس".....يبقى فى إيه وحش؟!
قالت: ليه هو الصفر مش "حلو" ياحسين؟!
يقول حسين: فتذكرت العلقة التى أخذتها أختى.... وأبى الذى يريد أن ينام.
فقلت لها: الصفر أحلى حاجة فى الدنيا....... للى زيكو


ملاحظة دقيقة.. ورقيقة.

اعترضت الأخت خديجة عبدالله على العبارة الأخيرة "للى زيكو"
واعتراضها فى محله.. وقد شكرتها... وإنى لأحسب أن التعبير خاننى وأنه لم يقل العبارة بنفس الأسلوب.. ربما قال: الصفر أحلى حاجة فى الدنيا.... بس ابويا ينام ....أو قريبا من هذا.


..............................

الأحد، مارس 08، 2009

المسألة السودانية... والبلطجة الأمريكية.

المسألة السودانية... والبلطجة الأمريكية.


فى الرابع من شهر مارس الجارى صدر قرار" المحكمة الجنائية الدولية" باعتقال الرئيس السودانى "عمر حسن البشير" لاتهامه من قبل المحكمة المذكورة بارتكاب جرائم حرب فى صورة إبادة جماعية وتطهير عرقى ضد المتمردين فى دارفور.
.
.
"المحكمة الجنائية الدولية" هى "الولايات المتحدة الأمريكية" أو "عصابات السطو الأمريكية" كما أحب أن أسميها" و"أمريكا" هى" مجلس الأمن"، و"مجلس الأمن" هو"إسرائيل"، وقد صرح "باراك حسين أوباما" رئيس "عصابات السطو الأمريكية" -أسود القلب- أن "أمن إسرائيل" هو "أمن واشنطن"، وهى أول مرة يصرح فيها رئيس أمريكى بهذا الوضوح أن "إسرائيل" هى "أمريكا" وأن "أمريكا هى إسرائيل".
.
.
"الحكومة السودانية" أتت من أول يوم مخالفة للرغبة الأمريكية والخطة الإسرائيلية لتفتيت "السودان"، فقد كانت القوات المتمردة الآتية من الجنوب بزعامة "جون جارانج" على مشارف الخرطوم قبل قيام الثورة بأيام، وكان "جون جارانج" قد أعلن لجنوده محفزا ومشجعا أن نساء "الخرطوم" حل لهم حال دخولهم إياها.
.
.
استطاعت "ثورة الإنقاذ" دحر قوات "جون جارانج" وفر الكثيرون منهم بما فيهم قياداتهم إلى الدول المجاورة.
.
.
لم تستطع "أمريكا" إرغام أنف "السودان"، فلجأت إلى العقوبات الاقتصادية من ناحية وإلى إثارة النعرات العرقية والدينية من ناحية أخرى فأثارت الجنوب الوثنى المسيحى، وأغرت ضعاف النفوس من الذين يحملون أسماء المسلمين فى "دارفور"، وحركت "أبناء النوبة" فى شمال السودان وجنوب مصر.
.
.
"أمريكا" تريد تقسيم "السودان" لإضعافه..... نعم.
لنهب ثرواته وبالذات البترول واليورانيوم... نعم.
للسيطرة على منابع النيل..... نعم.
للحيلولة دون قيام دولة قوية فى هذه المنطقة تتمتع بأراض عالية الخصوبة يكفى إنتاجها لإطعام الدنيا كلها، سماها خبراء الإنتاج الزراعى: "سلة غذاء العالم".... نعم.
.
.
إن "أمريكا" تريد إثارة الفتن فى بلاد المسلمين وإغراق هذه البلاد فى حروب مستمرة تضمن لأمريكا ولإسرائيل دوام ضعف هذه البلاد من ناحية وانشغالها عن قضيتها الأصلية وهى قضية فلسطين من ناحية أخرى.
.
.
ماأسهل أن تثار الفتنة فى "مصر" وفيها أقلية مسيحية يتطلع "قساوستها وكهانها" إلى إقامة دولة مسيحية فيها تكون عاصمتها "الإسكندرية" ... يعنى احنا هنبقى من سكان العاصمة.... فى المشمش.... على رأى بيرم المصرى.
وفى مصر أيضا جماعة عرقية مهضومة الحق مهانة فى الإذاعة والتلفزيون غرقت بلادهم فى جنوب أسوان عند بناء السد العالى وتمزقوا كل ممزق وهم اليوم ينادون بأبسط حقوق الآدميين ألا وهم أبناء النوبة.
.
.
وماأسرع أن تثار الفتنة فى "الجزيرة العربية" وبها أقلية "شيعية" تتركزفى مدينة النبى صلى الله عليه وسلم وعلى الشاطىء الغربى للخليج العربى... أو الفارسى كما تسميه "إيران"...... وبالذات فى مدينتى "الإحساء" و"الهفوف"، وقد حدثت منذ أسبوعين أحداث عنف ومصادمات بين الشيعة والشرطة فى المدينة المنورة.
.
.
وماأسهل أن تثار الفتنة فى "تركيا" التى أصبحت حكومتها ترنو نحو الإسلام وتترس بالشعب المسلم فى مواجهة الجيش العلمانى ولم يعد الجيش قادرا على الإطاحة بالحكومة فى ظل سياسة ذكية حرمت الجيش من مبررات الإطاحة بها..... وفى "تركيا" جماعة عرقية كردية تمثل نحو عشرين بالمائة من سكان تركيا يتطلعون دوما إلى لم شملهم فى دولة واحدة "كردستان" والتى مزقها الإنجليز بين ثلاث دول هى العراق وسوريا وتركيا،... البرلمان التركى يمنع التحدث تحت قبته بغير اللغة التركية... منذ أسبوعين قام أحد النواب الأكراد ليتحدث فى البرلمان... بدأحديثه باللغة التركية ثم انتقل فجأة وبدون مقدمات إلى اللغة الكردية فثار البرلمان التركى ، وقام باقى النواب الأكراد وعددهم عشرة نواب ليدعموا أخاهم الكردى... أليست هذه بداية فتنة؟.
.
.
وماأسهل أن تمد أمريكا الأقليات المتمردة بالمال والسلاح، وماأكثر الخائنين الذين يرحبون بذلك ويتنادون إليه. والمقابل أن تضع أمريكا بعد ذلك أقدامها وتحط رحالها فى تلك البلاد بدعوة من أبنائها وبترحيب شديد من أهلها،... ولا حرب ولادياولو.
.
.
فإذا أراد حكام بلاد المسلمين قمع الفتنة وإخماد نارها... فقاتلوا المتمردين وشردوا العملاء والخائنين وأدبوا المارقين وصمموا على حماية دولهم من التفرق والتشرذم.... إذا أرادوا ذلك اتهمتهم "أمريكا" التى هى "محكمة الجنايات الدولية" بالإبادة الجماعية والتطهير العرقى وصدر قرار باعتقالهم، وأصبح حكام المسلمين بين شقى الرحى، أوبين خيارين أحلاهما مر، أو بين نارين.... إما المضى قدما فى قتال المتمردين والمارقين حفاظا على وحدة الأمة ثم تعرضهم للاعتقال والمحاكمة، أو الرضا بالأمر الواقع والخضوع للعملاء والخونة والاستسلام للمنشقين والقبول بتقسيم البلاد، ذلك المسلسل الذى ماإن يبدأ حتى يستمر كالمتوالية العددية.. فالواحد يصير اثنين... والاثنان يصبحان أربعة... والأربعة يمسون ثمانية ... وهلم جرا... وسحبا.
.
فما هو الحل.....؟!
. .

هذا ما سوف أسمعه منكم إن شاء الله.

الثلاثاء، مارس 03، 2009

ليست كرامات وإنما إكراميات فهو يخلفه

ليست كرامات..وإنما إكراميات -4
.
.

"وماأنفقتم من شىء فهو يخلفه وهو خير الرازقين"
سورة سبأ ، آية 39
.
.

قبل انقضاء فترة التجنيد الإجبارى لأبى رحمه الله بشهر واحد.... انتقلت أمى إلى الإسكندرية، وعادت لتسكن "ببحرى" فى شقة قريبة من سابقتها..... ثم جاء موعد ولادتى... فوضعتنى فى مستشفى "الشاطبى" للولادة وكان ذلك فى أبريل سنة 1956
.
.

كانت السنوات الثلاث عجافا يابسات.... .قد غسلتهما غسلا... وعصرتهما عصرا... وكوتهما كيا...... فخرجا منها كأصفى ما يكون الصديقان..... وأصدق ما يكون الحبيبان... وأحب ما يكون الزوجان...... وهكذا تصنع المحن بأهلها..... تذهب الخبث... وتنقى الذهب.... وعندئذ تصنع السبائك.
.

كان لأمى حلى من الذهب.... وكان أبى رحمه الله يعتبر بقاء الحلى بعد محنة السنوات العجاف مكسبا ضخما ونجاحا كبيرا.
.

لكن يبدو أن الله كان قد أراد أن يتمم لهما الامتحلن... وأن يكمل لهما الاختبار... وأن يبليهما بلاء حسنا.
.

مكث أبى رحمه الله بعد الخروج من"الجيش" ستة أشهر... "بدون عمل"..... باع خلالها القرط والسوار والخاتم.... وبقيت القلادة.
.

كان لأبى عمة غير شقيقة، وكانت قد ورثت بيتا بحى القبارى... ورثته من أمها..... رقت عمتى لأبى رقة شديدة، وعرضت عليه غرفة فى بيتها يستأجرها:
.

("بنصف جنيه فى الشهر"، بدلا من شقة "بحرى" والتى تكلفك جنيها ونصف فى الشهر... وأولادك أولى بالجنيه... لاسيما أن بعض الأثاث قد بيع... والغرفة فسيحة تستوعب مابقى من الأثاث.. والأولاد الثلاثة مازالوا صغارا.....).وكانت.
.

كانت عمتى رحمها الله تتقاضى إيجار الغرفة -نصف جنيه كل شهر-... ثم تشترى لنا به لعبا.... وحلوى.


وكان أبى رحمه الله يخرج كل صباح يبحث عن عمل... فلا يجد العمل المناسب..... أولا يجد صاحب العمل المناسب...... أو لا يجد الأجر المناسب..... وكان رحمه الله صاحب نفس كريمة... وعزيمة أبية..... وهمة قوية... محبا للمعالى.
.
.

حتى جاء الدور على القلادة
.
.

فخرج بها أبى ذات صباح ووضعها فى جيبه..... وفى الجيب الآخر ربع جنيه.... هوآخر مايملك من نقد..... ولكنه كان وحتى هذه اللحظة يحافظ على مظهر أنيق وملبس "شيك" من رآه ممن لا يعرفه حسبه "باشا".
.

ركب أبى رحمه الله "الترام" من القبارى إلى "المنشية"، ومنها إلى شارع "نوبار باشا"، وهناك لقيه رجل .... اقترب منه جدا، ووضع يده على كتفه، وهمس فى أذنه: "عايز افطر".
.

أخرج أبى رحمه الله "الربع جنيه" من جيببه وأعطاه الرجل ودعا له بخير وحمد الله على الستر، وقال فى نفسه: لقد بلغ هذا الرجل أشد مما بلغنى..... الجمد لله، لازال معنا مال كثير.
يقول أبى: فأدركت أنها رسالة.
.

دخل أبى رحمه الله أحد محلات الصاغة بشارع "فرنسا"..... أخرج القلادة وأعطاها لصاحب المحل ليزنها ويقدر ثمنها.... وجلس على المقعد المقابل للميزان الحساس مهموما حزينا قد أسند رأسه إلى راحتيه وأسند مرفقيه إلى ركبتيه... وغلبه البكاء..... فبكى.
.
.

مرت لحظة كأنها الدهر.... لم يدر أبى إلا ويد تربت على كتفه.... رفع رأسه فإذا صاحب المحل قد وضع القلادة وثمنها فى يمناه وهو يقول لأبى: "خذ قلادتك يابنى..... وخذ ثمنها لحين ميسرة......." وألح الرجل... وأصر أبى.... حتى إذا أخذ ثمن القلادة وهم بالانصراف أخذ الرجل بمنكبيه وهزه هزا رفيقا وهو يقول: "والله ليخلفن الله عليك خيرا منها... ولكن بعد أن تنجح فى الامتحان."
.

شكر أبى الرجل وانصرف....... وكان وقت صلاة الظهر..... دخل أبى رحمه الله المسجد.... صلى الظهر... ثم صلى ركعتى الحاجة ودعا دعاء طويلا..... كان يقول فيه:
.

اللهم لم يبق إلا الثياب
اللهم لم يبق إلا الثياب
اللهم لم يبق إلا الثياب

.
.

التحق أبى رحمه الله بعدها بوظيفة حكومية..... وكان ذلك فى أواخر سنة 1956.... ثم فتح الله له باب التجارة فباع واشترى وربح.
.
.

بعدها بعشر سنوات.... وفى سنة 1966 كانت أمى تجمع حليها الذهبية فى علبة معدنية، وضعتها داخل كسوة من القطيفة الحمراء... فإذا أرادت أن تتزين....... فكت الكسوة.... وفتحت العلبة... ونظرت إلى مافيها.... وجعلت تنتقى.... فتأخذ هذا... وتدع هذا.
.
.

ملك الملوك إذا وهب لاتسألن عن السبب
.
الله يرزق من يشاء فقف عند حد الأدب
.

سمعتهما من أبى، لم أسمعهما من أحد غيره.
.
اللهم اغفر لأبى.... وارحمه.... وأكرم نزله... ووسع مدخله..... وأفسح له فى قبره.... وافتح له بابا إلى الجنة.

آميــــــــــــــــــــــــــــــــــــــن