الاثنين، أغسطس 11، 2008

أحبوا الموت ........(2)الموت يصنع الحياة

أحبوا الموت..... (2)




ليس المطلوب حب الموت لذاته، وإنما لأنه الطريق إلى الله، ولا يمكن لقاؤه إلا بالموت.
"من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه" (رواه البخاري)
"....إن زعمتم أنكم أولياء لله من دون الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين"( سورة الجمعة :آية 6)
إن حب الموت وطلبه دليل على صدق الولاية.
"قل إن كانت لكم الدار الآخرة عند الله خالصة من دون الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين" (سورة البقرة-آية:94)
إن الثقة بما عند الله واليقين بموعوده تدعو لحب الموت، وإن مشاهدة الحقائق التي تعقب الموت هي التي تسوق نفوس المؤمنين إليه، فيلتذون بخوض غماره.
إنها الحقيقة التي رآها أنس بن النضر يوم أحد عندما لقي سعداً بن معاذ فقال "واهاً لريح الجنة إني لأجد ريحها دون أحد" ثم انطلق فقاتل حتى قتل.
إنها الحقيقة التي رآها آل ياسر فثبتوا حتى قتل ياسر وقتلت زوجه سمية "صبراً آل ياسر، إن موعدكم الحنة"
إنها الحقيقة التي أدركها عوف بن الحارث يوم بدر عندما سأل النبي صلى الله عليه وسلم: " مايضحك الرب من العبد؟" فأجابه صلى الله عليه وسلم: "غمسه يده في العدو حاسراً" ، فألقى درعه وقاتل حتى قتل. (رواه ابن إسحق)
إنها الحقائق التي شاهدها سيد قطب وعبدالقادر عودة ومحمد فرغلى ويوسف طلعت وهواش وغيرهم من الشهداء.



حب الموت قوة


إذا كان الوهن هو "حب الدنيا وكراهية الموت" فإن القوة هي حب الموت وكراهية الدنيا!!!!
ألم يكن من أوصاف الفاتحين السابقين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: أنهم يحرصون على الموت أكثر من حرص أعدائهم على الحياة.
يقول صلى الله عليه وسلم: "إن من خير معايش المسلمين لهم ؛رجل له فرس يطير عليه، كلما سمع هيعة أوفزعة طار عليه يبتغى الموت والقتل مظانه.........."(رواه مسلم) أي أنه يطلب الموت في الأماكن والمواطن التي يغلب على ظنه أن الموت فيها.
إن أمثال هؤلاء هم الذين يرسمون مستقبل أمتهم ويدعونها ترفل في ثياب العزة والكرامة .
وقديماً قالوا: احرص على الموت توهب لك الحياة، و قالوا: كم من حياة كريمة عزيزة كان سببها طلب الموت، وكم من حياة مهينة ذليلة كانت علتها اللهث وراء الحياة.

إن قوة المسلم الحقيقية تأتيه من حب الموت إذ هو علامة على صدق الولاية.
إن المسلم المجاهد الذي يحب الموت هو رجل من الآخرة، وليس من هذه الحياة التي يعيشها الناس، لذا تقف الدنيا كلها له إجلالا .


الموت...... هازم اللذات


ليس باعتباره نكداً وتنغيصاً يفسد لذائذ الحياة ويمحو عينها وأثرها، ولكن باعتباره أقواها وأعلاها وأعظمها وأحبها إلى قلوب المؤمنين إذ ينقلهم إلى آفاق الكون ورحائب السماء وإلى الجنات والحور والمسك والتيجان، ثم إلى زيادة تتضاءل عندها كل سوالف النعم "فما أعطوا شيئاً أحب إليهم من النظر إلى ربهم"
ألم يقل صلى الله غليه وسلم لفاطمة وهو يحتضر:"لاكرب على أبيك بعد اليوم"،وقال: "عبد خيره الله بين الدنيا وبين ماعند الله فاختار ماعند الله"، فعلم أبوبكر أنه الموت


نحن أمة صنعها الموت
فصنعت أعظم حياة


ألم يكن الموت جاثماً على صدرها يوم أن ذهب إبراهيم بإسماعيل إلى المنحر وتله للجبين وأجرى على عنقه السكين، وهاجر- أم المؤمنين- الأم تعلم ذلك يوم أن أراد إبليس أن يحرك قلبها ويلعب بعواطفها ومشاعرها لتكون حائلاً دون ذلك فيقول: لقد ذهب إبراهيم يذبح ولدك يزعم أنه ربه أمره بذلك: فإذا بها تلقمه حجراً وتجيبه بإيمان ويقين:إن كان ربه أمره بذلك فحسن أن يطيع ربه؛ وتكتب الحياة لإسماعيل ويعود إلى أحضان أمه وإلى سعيه مع أبيه، وفداه الله بذبح عظيم ليأتي بعد ذلك من صلبه عبدالله بن عبدالمطلب ....

ألم يكن الموت جاثماً على صدرها يوم أخذ عبدالمطلب ولده عبدالله ليذبحه وفاء بنذره، والناس حوله يلومونه ويلحون عليه بالرجوع، وهو مصر على الوفاء ومصمم على الأداء، حتى هدي إلى أن يقرع بين ابنه وبين مائة ناقة، فخرجت القرعة على المائة، ففداه بها، وعاد عبد الله وكتبت له الحياة ليأتي بعد ذلك من صلبه محمد صلى الله عليه وسلم وليعلن هذه الحقيقة التي غفل الناس عنها " أنا ابن الذبيحين "



نحن أمة ولدت من رحم الموت ...مرتين


نحن أمة صنعها الموت فصنعت أعظم حياة



لأننا نعلم أن الموت قدر الله لا دخل للناس فيه، ولا قدرة لهم على دفعه أو منعه، كما أنهم لا قدرة لهم على جلبه وإحضاره؛ كما أننا نعلم أن الحياة هبة ومنة من الله لا حيلة للبشر في منعها أو منحها .

ونعلم أن أسباب الحياة وأسباب الموت من رزق ومرض وشفاء وسقم ودواء وصحة وداء كلها بيد الله، لذا نتوجه إليه صباح مساء بالخضوع والدعاء والدموع والبكاء أن يجعل الحياة زيادة لنا في كل خير وأن يجعل الموت راحة لنا من كل شر، ومن أجل ذلك نهتف :


الله غايتنا


نحن أمة صنعها الموت فصنعت أعظم حياة لأننا نعلم أن نبينا صلى الله عليه وسلم كتب عليه الذبح مرتين، مرة وهو في صلب إسماعيل، ومرة وهو في صلب عبدالله، ثم كتب الله له الحياة، ونعلم أنه كان على مقربة من الموت يوم أن خنقه عقبة بن أبي معيط بردائه، ويوم أن كان في الغار ومعه أبو بكر رضي الله عنه، ويوم بدر، ويوم أحد، ويوم الخندق، ويوم بني النضير، ويوم بني قريظة، لكن الله كتب له الحياة لنحيا بعده ببركته صلى الله عليه وسلم، ولنعيش أعظم حياة في ظل القرآن وظل سنته وهديه لذا نهتف من أعماق قلوبنا :


الرسول قدوتنا


ونعلم أن القرآن الذي أنزله الله على محمد صلى الله عليه وسلم يأخذ بـأيدينا إلى أكرم حياة وأهنأ معيشة يخبرنا أن حياة الشهداء عند ربهم لا تعدلها حياة وأن ميتة الدنيا هي لحظة انتقال من حياة إلى حياة .
"ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون"( سورة آل عمران،آية:169)
لذا نهتف دائما ً:


القرآن دستورنا


ونعلم أن الجهاد في سبيل الله هو ذروة سنام الإسلام لأنه تعبير عن رغبة المسلم في بذل روحه لله واعتراف من العبد لربه بأنه خادم لمولاه وأنه وديعة توشك أن ترد إلى صاحبها وخالقها وبارئها .


الجهاد سبيلنا


ونعلم أن الموت يصنع الحياة، وأن الحياة الكريمة العزيزة تعانق الذين يحبون الموت ويبحثون عنه، وأن الموت الذليل المهين يتربص بالذين يلهثون وراء الحياة .


الموت في سبيل الله أسمى أمانينا


ألم أقل لكم:




أحبوا الموت





والله من وراء القصد

هناك 3 تعليقات:

magdy ahmed hussein يقول...

أخى الفاضل نسأل الله لنا ولك عيشةً سويه وميتةً سوية ومرداً غير مخزى ولافاضح

د.توكل مسعود يقول...

آمين آمين آمبن

وأن يجمعنا فى مستقر رحمته

abonazzara يقول...

أستاذي الفاضل
انتقلت بنا من المفهموم الضيق للموت الى المفهوم المتسع له
ولكن الموت على السرير كما وصفه سيدنا خالد بن الوليد بقوله "كما يموت البعير" أو الموت تحت عجلات المركبات كما تموت الكلاب والقطط أو الموت ومثلها من الميتات أعاذنا الله وإياكم منها جميعا - تختلف تماما عن تلك الميتات المشرفة الأخرى في سبيل الله تحت ظلال السيوف مقبلين غير مدبرين
أنا أعلم أن النية هي الأساس وأن عمل القلب أهم من عمل الجارحة وإن رب ميت على فراشه أفضل عند الله ممن نراه نحن شهيدا في جهاد
ومع ذلك تجدني لا أستطيع أن أحب الموت إلا إذا كان بهذه الطريقة
أما غيرها فلا فالزاد قليل والعقبة كؤود والناقد خبير ولا أحد يأمن مكر الله
أسأل الله لي ولكم شهادة في سبيله مقبلين غير مدبرين بعد إثخان في عدوه
تقبل تحياتي واحترامي