الأربعاء، أكتوبر 29، 2008

أيها الفنان ماذا لو حلمت 6 كل إناء ينضح بما فيه

كل إناء ينضح بما فيه(1)
يقول صاحبي : "أنا فعلاً بحلم" ولكن أحلامي كلها مزعجة (كوابيس) ، كل الصور حولي تدعو إلى اليأس ، كل الوقائع تستدعي القنوط.
أقول لك:
"كل إناء ينضح بما فيه"
حكمة قديمة .... صحيحة
فالإناء المملوء خمراً لا ينضح رزقاً حسناً والوعاء المملوء تمراً لا يفيض بسراً ولا عبثاً.

وكذلك القلوب والنفوس إنما هي أوعية تنضح بما فيها ، وتفيض بما ملأت به.
ملأوك يأساً ... فنضحت يأساً
وسقوك القنوط .. كأساً ... كأساً


والبداية من العينين والأذنين،
هما مدخل القلب ومنفذ المعاني

ألم تر أن العينين للقلب رائد
فما ألفت العينان فالقلب آلف
أنت تصحو على أصوات البارود وتنام على أنين الحيارى ، وصراخ الثكالى ، ونحيب الأرامل ، وآهات المظلومين وتنقل إليك شاشات التلفاز وأوراق الصحف والمجلات .... تنقل لك صور الطفولة المشردة والأعراض المهتكة والأموال المنهوبة والبلاد المحروقة والثروات المسروقة ، وكلها من بلاد العرب والمسلمين التي سرقتها أمريكا ونهبتها بريطانيا وأذلها الروس والصرب وحتى الكروات.

فإذا نقلوا إليك صور بلادك التي لم يحرقوها بعد فهي صور العشوائيات والتلوث والازدحام والفوضى والأمراض والأوبئة والموظفين الكسالى الحالمين على مكاتبهم ، وأعضاء المجالس التشريعية الفارين من مقاعدهم ، وضباط الشرطة يصفعون المواطنين على وجوههم وأقفيتهم ، ويركلونهم بالأقدام ، وقد علقوا فوق ذلك كله لافتة مكتوب عليها
"الشرطة في خدمة الشعب"
فلما سخر الناس منها إذ هي أكذوبة كبيرة جعلوها :
"الشرطة في خدمة سيادة القانون"

فلما سخر الناس أكثر من ذي قبل فإنها كذبة كبرى وهي أكثر شططاً وأبعد عن الحق من سابقتها صاروا صرحاء مع أنفسهم وأسفروا عن وجههم وصنعوا ما شاءوا إذ لم يبق حياء ولا بقية من حياء فجعلوها :
" الشرطة والشعب في خدمة الوطن"
والوطن طبعاً هو شخص بعينه كل الناس تعرفه
"ولا عزاء للخدامين"
فإذا نقلوا إليك صور زعمائك وقادتك ورؤسائك فهم أذلة خاضعون ، ليس فقط لرجالهم وإنما الأدهى والأمر لنسائهم بدءاً بمادلين أولبرايت صاحبة أقصر جيبة في تاريخ السياسة الأمريكية يجلس أمامها الملوك والرؤساء ـ العرب طبعاً والمسلمون ـ وقد وضعت ساقاً على ركبة وانحسرت جيبتها إلى نصف فخذها ـ واللي ما يتفاوض يتفرج ـ فإذا ذهبت إلى السعودية خلعت جيبتها وارتدت بنطلوناً ووضعوا فوق رأسها قبعة أمريكية "حجاب" فصارت محترمة.

ومروراً بالمستشارة الألمانية "ميراكل" ثم "كوندليزا رايس" كلهن يجلسن "رجل على رجل" وأسفل الحذاء في وجه السيد الرئيس أو جلالة الملك الذي يجلس على كرسيه في غاية الأدب وقد صف قدميه ، ووضع يده على فخذيه ، وأرخى أذنيه ، ونظر إلى موضع سجوده لها .. كأوفى من عرف من الكائنات.

ثم يأتي رجالهم ليقبلوا نساء الرؤساء والملوك العرب والمسلمين بدءاً بقبلة ( بيجن وجيهان ) وانتهاءاً بقبلات بوش على خدود الغيد الحسان ، كل ذلك أمام الكاميرات ، وأما الذي خلف الكاميرات ... فالله أعلم به.!!

فإذا نقلوا إليك صور بلادهم فالأمن والأمان والنظام والنظافة والانضباط و الأخلاص والحضارة والعلم والثقافة والفنون..

الشوارع مستقيمة واسعة والخضرة على جانبيها وأعمدة الإنارة تتوسطها ، وتلك الشوارع تلتقي في ميدان فسيح تتوسطه حديقة غناء بأزهار فيحاء ويتوسط الحديقة تمثال لأي رجل أرعن أو امرأة رعناء
حتى قمم الجبال وشلالات الأنهار ومصباتها كل ذلك جمال في جمال وكأنها ليست صورة ملتقتطة بكاميرا..... وإنما ريشة فنان مبدع.


فإذا نقلوا إليك صور قادتهم فهم دائماً منتفشون منتفخون متعاظمون .. ومالهم لا يفعلون .. وقد قهرونا وغلبونا وذبحوا "التركي" ذلك الديك الذي تتبرأ كل بلد من نسبته إليها ، فالأتراك والمسلمون يسمونه "الإنجليزي" أو "الرومي" والإنجليز يسمونه "التركي" والصينيون يسمونه "الهندي" أما الهنود فلا أدري بم يسمونه ... أحسب أنهم سيسمونه "المسلم" ....

نعم : ذبحوا "التركي" وحمله جورج بوش بنفسه وقدمه على الصينية لضباطه وجنوده في أعياد الميلاد ، فإن "التركي" عندهم رمز للدولة العثمانية ، آخر دولة حملت لواء الخلافة ، وهم بذلك يطعنوننا في ديننا وخلافتنا وأمتنا ونحن نعلم ذلك ونعلم أنهم يعلمون أننا نعلم أنهم يعلمون.... ونعوذ بالله من الخذلان.
أرجو أن تفسر ما يلي :
ذات صباح و في الصحفة الأولى .... في جريدة الأهرام ... في منتصفها الأعلى ..
صورتان :
الأولى ناحية اليمين : لإمرأة رشيقة أنيقة مهندمة تحمل باقة من الزهور تكاد رائحتها تفوح على الجريدة إلى جوار قبر أنيق مزركش وقد كتب تحتها :
"أمريكية تضع إكليلا من الزهور على قبر ابنها الذي قتل في العراق"
الصورة كلها جمال في جمال....
الثانية ناحية اليسار: لإمرأة بدينة ترتدي سواداً بدوياً أو قروياً قد فغرت فاها وتباعدت شفتاها والدمع يغمر وجهها ومخاط أنفها قد فاض عن مخارجها وتكاد تسمع صوت النحيب والصراخ يمزق الصحيفة كل ذلك ألقته فوق كومة من التراب والحجارة المبعثرة التي هي ... القبر ... وقد كتب تحتها :
"عراقية تبكي أخاها الذي قتل في معارك النجف"
الصورة كلها قبح في قبح....
فسر من فضلك ... واشرح فإنني أحب أن أفهم.
الآن عرفت لماذا أنت غير قادر على التفاؤل ؟
عرفت لماذا أنت لا تحلم .... وإذا حلمت في الكوابيس المزعجة ؟!!
لأنك أسلمت نفسك وعينك وأذنيك وكل جوارحك للإعلام الذي يقودونه ويحركونه ويصنعونه بشاشاتهم وفضائياتهم وصحفهم ووكالات أنبائهم فامتلأت يأساً وقنوطاً فجاء الحلم كابوساً.
أنت ترى الفرق شاسعاً بين الصورتين والبون بعيداً بين الواقعين ولا تدري كيف يمكن أن تحدث النقله ولا كيف تضيق الفجوة وتسد الهوة وهل يمكن ترقيع الخرق أو رتق الفتق؟!!
لأنك لم تنهل منهلاً آخر ... ولم ترد مورداً آخر يروي ظمأك ويشبع نهمتك ويملأك أملاً ويعرفك الطريق ويدلك على أبواب النصر ومنافذ التمكين .
وللحديث بقية،

الجمعة، أكتوبر 24، 2008

أيها الفنان ماذا لو حلمت؟!5 الزنزرنة 2

الزنــــــزانــــــــــــــة
(2)


وانظر إلي وحشته وإلي الظلام يلف أركانه
وإلي الشقوق والثقوب قد خربت بنيانه
وإلي الهوام والحيات قد تقتسم جدرانه
وأنصت تري صمتاً رهيباً يفزع الاّذانا
وضع يديك تلمس الصخر والحصي أسناناً ....
.يأوي إليه فتية ملأ الله قلوبهم إيماناً
وتنزل رحمة ربي بينهم منشورة نشراناً
من ذا الذي يمسكها وقد أرسلت رحماناً
والرفق يملأ الجنبات ويظلل النفوس فتياناً
ويد الرحمن تقلب جنوبهم وتحفظ الأجساد يمنة ويسراناً
والشمس تزور كهفهم تمنحهم أشعتها
عند الصباح وفي المساء تطوف طوفاناً ..
حتي الكلاب... بسطت ذراعيها وأبت أن تغمض الأجفانا
وباتت تحرس جند الله طائعة وقرباناً
لم يكن عامَ ولا عمر شيخ أفني زمانه
ولا جيل من الناس ولا زمان زعيم مد طغيانه........
.لكن ثلاث مئين من السنين بتسع منها مزدانة
والناس في غفلة عنهم وعين الله يقظانة
لو اطلعت منهم بنظرة لوليت الفرارولملئت رعباناً
حراسة أخرى ..عناية كبرى... تلف الدهر فتيانه
وهم فى الكهف ..لا بل جنة الفردوس وهى جزلانة

من قام يدعو إلى الحق بالحق وأبانه
وكان الله غايته ورسوله له أسوة والفعل إحساناً
وكان القراّن دستوره ومنهجه والجهاد أفنانه
ولقيا الله أمنيته يغدو إلى الموت فرحاناً
يسعد بهيعة ويفرح بفزعة لتفدى الروح أوطانه ..
فالكون كله له حرس والمصيبات على رأسه تيجاناً
وكل الدنيا تسعى لخدمته وتسعد أن تصون أركانه
وأول الأيدي تمتد لخدمته لعمر الله سبحانه

أرأيت من قضى بالكهف نحبه ؟!
أو من عاش عمرا بأعماق زنزانة
هل صان موسى إلا قصر فرعون ؟!
وهل حاطه إلا سقوفه وجدرانه؟!
فنم قرير العين أو قم فرتل القراّنا
وافرح بصدق واحزن بعمق وتنفس الصعداء أحيانا
واركض مع الشبان أو قم فداعب الإخوانا
ما دام كل ذلك في رضا وما دمت حراً في أعماق زنزانة

حريتي في قلبي .. وقلبى ملك ربى
وربى صاغ فكرى بالقران إحسانا
وسنة النبي عليه صلاة ربى مصباحي
ومرساي إذا تباعدت شطانا
وصحبة صحبي وإخواني وزوجاته امى
وانصاره رحمى ارق الناس وجدانا

فضيقي يا دنيا بنا أو اتسعي فكل عندي سيانا
فإن ضقتي فبنفسك وإن اتسعتي فصدورنا أوسع منك أركانا
وأقبلي يا أخري بالجنات أو بالحور
أو بالمسك والياقوت علي الرؤوس تيجانا

انا لا أقول الشعر ولكني أصدق القول
والصدق عندي اقوي القوافي وأعمق البحور وأصدق الأوزانا
جاء النبي يقول ليس بالشعر ولا بالنثر فكان بالحق
فإذا الشعر صريعاً والشعراء خرسانا
وإذا القوافي محطمة وبحورهم غرقي والأوزان خسرانا
فدعني أقول بصدق لا تحنث الأيمانا
أحكي حكاية حق ووصف بر واحسانا
إني هوية ديني وأحببت أمتي وألفيت نفسي بالاسلام إنسانا
روحي وديني في بدني.....
تزول روحي ..
ويبقي الدين في الأبدان أركانا

الثلاثاء، أكتوبر 21، 2008

أيها الفنان ماذا لو حلمت ؟! 4 الزنزانة 1

الـزنــزانــــــــــــة
(1)

قصيدتي.... ليست كلاماً من الشعر تقرؤه
ولا أنغاماً من الألحان أهواها
قصيدتي.... ألمَ أرقى به جُرحاً
عمّ البلاد.... فأرهقها وأبلاها
قصيدتى أملَ... من الإيمان منشؤه
وروحَ لو بعث في الأجداث أحياها
قصيدتى..... ليست من الأفراح مبعثها
لكنها من الأحزان منبتها ومرعاها
قصيدتى..... ماولدت فى لهو ولا لعب
قصيدتى ولدت فى أعماق زنزانة

نعم..... فى أعماق زنزانة

هل سمعت مثلها من كلمة رنانة ؟!
حرف الصفير وحرف الغن منحاها الرصانة
والألف بين تكرارهما كأنها سجانة
والهاء حرف الهمس يهمس بأمانة
نعم...... فى أعماق زنزانة!!

مادخلت قبلها من غرفة أنانة
لست أدرى أمنحوتة فى الصخر مزدانة ؟!
أم أنه حجر أصم أبكم بني جدرانه؟!
قبل الدخول.... ليس في اللفظ شيء أشانه
وبعد الدخول.... فاللفظ للمعنى إبانة
بابها..... كان الدخول ليس الخروج عنوانه
وجدرانها..... لفرط القرب تعانق بعضها نشوانة
والسقف.. عن أرضها تسامى.... كأنه الملك وهى شيطانة
وبالسقف روزنة... تنظر إليك من علِ ٍشمتانة
وهى لنفاذ شعاع ضوء الشمس ندمانة
أو بذرات من الهواء مع الغبار منانة
قلت : يا زنزانة..ألستُ عبد الله أبتغى رضوانه ؟!
وأنت أمة الله تسبحين وتحمدين غفرانه ؟!
فلم التجافى ! وليكن بيننا عهد نصون أركانه ...
قالت: صدقت، إنى أحبك فى ذات الله غيرانة
وأبكى لمثلك حين يدخلنى، وحين يبث إلى أحزانه
لكننى مسخرة لمن غلب، ليس بالوسع عصيانه
والدهر قلب، والأيام بالأنام دول حتى يؤول الله قراّنه
قلت: إذاً... فعفو الله أوسع لى، ولست أنت بمدانة
وفضل الله يغمرنى، وليس فى الحبس إهانة
يوماً فيوماً.. صارت بيننا ألفة... نبيت الليل رهبانه
فإن قرأت رددت صوتى... وأنت... لا تمل قرآنه
.وإن دعوت أمنت خلفى، وتيقنت إحسانه
وإن سكت دعتنى إلى قلم... وقالت: بث أشجانه .
وإذا الأيام تترا بصاحبتي كأنها الفردوس مزدانة
وكأن جدرانها تحوطني وتزفني فرحانة
والسقف تاج علا رأسي.... والروزنة مرجانة
والأرض في موكب العرس تحملني.... وهي تيهانة
وكأن فتح بابها أو غلقه عزفٌ بث ألحانه ....
لا تسل كيف.... واقرأ سورة الكهف تنبئك بأمانة
البقية تأتي .... :)


الجمعة، أكتوبر 17، 2008

فاصل.... ونواصل

فاصل.... ونواصل

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

"أفضل العبادة انتظار الفرج "
رواه الترمذي

وقال الشاعر :

الصبر مثل اسمه مر مذاقه
لكن عواقبه أحلى من العسل


لقد جربت هذا كثيرا ً .. حتى أصبحت أستبشر بالبلاء .. وأسعد بتجرع مرارته .. لما أنتظر بعده من حلاوة دونها حلاوة الشهد ، بل لا أبالغ إذا قلت إنني أصبحت أستمتع بالبلاء نفسه وأجد حلاوة الشهد في مرارته .


ابقوا معنا..

الثلاثاء، أكتوبر 14، 2008

أيها الفنان ماذا لو حلمت 3 ؟!الطابور 2

أيها الفنان .... ماذا لو حلمت ؟! (3)
من الخيال.... إلى الواقع(2)
الطـــــــــــــــــــــــــــــابور(2)

محروس: والله يا بني لقد ارتحت إليه ولمست في حديثه الصدق، وفي نظراته والتفاتاته أدب وخشوع.

أم محفوظ:
اذهب يا بني... والتجربة خير برهان.

محفوظ:
وماذا تصنع خمسة جنيهات وقد أنفقها جميعاً في يوم واحد.
محروس:
لا تنظر إلى الخمس جنيهات؛ ولكن انظر إلى الفراغ الذي ستملؤه، فهو مكسب آخر... فإن الفراغ في حد ذاته مفسدة.

أم محفوظ:
كما أنك ستتعلم حرفة ترتزق منها، وسوف يزيد أجرك كلما تعلمت وأتقنت وتسببت في نجاح الدكان وزيادة دخله.

محروس:
كما أنك من خلال العمل ستتعرف على أناس كثيرين.... وستقيم معهم علاقات ينفعك الله بها، ولا تنس أن معرفة الرجال كنوز.
محفوظ:
ولا شك أن هذا كله سيجعل لي قيمة ضخمة بين الناس فيكون لي قدر وشأن.

محروس:
نعم يا بني، بارك الله فيك، غداَ إن شاء الله تذهب إلى عم صابر... ولا تنس أن تأخذ حذائي معك لإصلاحه.... فقد تحملني طويلاً وأرهقته كثيراً.



في اليوم التالي ؛ انطلق محفوظ إلى دكان عم صابر الاسكافي.

محفوظ:
السلام عليكم.

صابر:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

محفوظ:
أنت عم صابر؟

صابر:
نعم.

محفوظ:
أنا محفوظ...... ابن الحاج محروس.

صابر:
أهلاً أهلاً..... أنت محفوظ..... وأبوك محروس... ماشاء الله.... ماشاء الله.
سأعطيك مفاتيح الدكان لتفتحه كل يوم..... في الساعة التاسعة صباحاً، وتقوم بكنس المحل.... وتنظيف الفاترينات... وأنا آتي في العاشرة،.... وعلى الله رزقي ورزقك.

وبينما هما يتحدثان إذ دخل صبي فألقى السلام.

صابر:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

الصبي:
هذا حذاء المعلم عبدالجبار..... صاحب المخبز..... يقول لك: أصلحه.. ونظفه.... يريده جديداً لامعاً.

عم صابر يتناول الحذاء.... ويبتسم في وجه الصبي:
يا بني..... نحن نأتي إلى المخبز ونقف الساعات الطوال لنحصل على الخبز، وهذا الولد "محفوظ" يعمل عندي.... وأبوه رجل مسن لا يقوى على الوقوف في الطابور.... بهذه الصورة المملة......أنا أحتاج خمسة عشر رغيفاً، وهو أيضاً يحتاج لمثلها.... فلا داعي لأن يتعطل رجلان من أجل ثلاثين رغيفاً.... هو يأتي يوماً... وأنا آتي يوماً..... وفي كل يوم يحمل أحدنا ثلاثين رغيفاً..... ما رأيك؟

الصبي:
ولايهمك يا عم صابر... أرسله إلي كل يوم... وأنا أعطيه ثلاثين رغيفاً.

يؤذن المؤذن لصلاة الظهر.... فيردد عم صابر الأذان، ويتهيأ للخروج إلى الصلاة.

صابر:
هيا بنا يا محفوظ.

محفوظ:
اذهب أنت يا عم صابر، وأنا سأصلي في المحل ليبقى مفتوحاً.

صابر:
يا بني.... أنا أغلق المحل من أجل طابور الخبز... أفلا أغلقه من أجل الصلاة؟!... ثم اعلم يا بني أن الله لا يبارك في عمل يشغل صاحبه عن الصلاة.

بعد الصلاة انطلق محفوظ إلى المخبز وعاد ومعه ثلاثون رغيفاً ... نصفها لعم صابر، ونصفها حمله إلى بيت أبيه.


بعد صلاة المغرب أخرج عم صابر من جيبه خمسة جنيهات ونصف، وأعطاها لمحفوظ.

محفوظ:
ماهذا يا عم صابر!! أنت اتفقت مع والدي على خمسة جنيهات!
صابر:
نعم يا بني... وهذه الزيادة لوقوفك في طابور الخبز.

محفوظ:
ثم إنك لم تأخذ أجرة اصلاح حذاء والدي!

صابر:
هذا هدية مني لأبيك.... ليته يدعولي.

محفوظ يعود إلى بيته بعد المغرب، ويلقاه والداه مسرورين ... فيقص عليهما وقائع هذا اليوم الذي أعاده إلى الحياة مرة أخرى.

محفوظ:
صليت الظهر والعصر والمغرب في جماعة.... وزاد راتبي من أول يوم... وتعرفت على صاحب المخبز... وشاركت عم صابر في إصلاح حذائك يا أبي... هو أصلحه، وأنا قمت بمسحه وتلميعه.

محروس: هذه بركة العمل يا بني.

محفوظ: لا يا أبي........ هذه بركة التعارف.

أم محفوظ: لا يا جماعة........ هذه بركة الطابور.

السبت، أكتوبر 11، 2008

أيها الفنان ماذا لو حلمت ؟!(2) الطابور1

أيها الفنان .... ماذا لو حلمت ؟! (2)
من الخيال.... إلى الواقع(2)

الطـــــــــــــــــــــــــــــابور(1)

مهداة إلى... بيرم المصري.... أكون أو لا أكون... أحمد سعيد بسيوني.... لكل الناس..... عالم حبيب.... لازم نتغير..... بورسعيدي..... محمد الجرايحي.... إيمان عاطف دياب... أنفاس الصباح ... أحمد بسام ... وغيرهم ممن لاتحضرنى أسماؤهم.
محروس.... وصابر...... يقفان فى طابور طويل لشراء الخبز، صابر يقف أمام محروس.

محروس:
كم رغيفاً تشتري يا بني؟

صابر: خمسة عشر رغيفاً يا عمي.

محروس:
اجعلها ثلاثين يا بني، فإني لم أعد أقوى على الوقوف.

صابر:
صاحب المخبز لا يبيع أكثر من عشرين رغيفاً للفرد.

محروس:
هل أستطيع أن آخذ دورك يا بني...؟؟؟ فتكون قد رحمتني من هذا الوقوف الطويل؟

صابر:
كان بودي والله يا عمي... لكني أغلقت دكاني الذي أعيش منه أنا وأسرتي لأقف في طابور الخبز.... وأنا الآن أكاد أختنق.

محروس:
ماذا تعمل يا بني؟

صابر:
أنا إسكافي، عندي محل لتصليح الأحذية والنعال، وأتاجر في لوازم الأحذية، وبعض المصنوعات الجلدية مثل حافظة النقود والأحزمة وغيرها، وكان يعمل معي غلام يحمل عني أعباء فتح الدكان.... ونظافته.... وبعض الأعمال التي تناسبه.... ولكنه تركني منذ يومين.... عندما بدأ العام الدراسي.... إنه تلميذ من أسرة فقيرة.
وعندي زوجة ترعى ولدي الصغيرين..... وأماً مسنة.... مثلك يا عم الحاج.، وقد توفي والدي منذ عشر سنين..... وأنت يا عم الحاج؟!


محروس:
أنا اسمي الحاج محروس.... عندي سبعون سنة.... على المعاش..... عندي زوجة.... وولد واحد.... عمره أربعة عشر عاماً.

صابر ينظر إلى محروس مندهشاً.

محروس: نعم يا بني.... زوجتي الأولى توفيت منذ خمسة عشر عاماً، ولم أرزق منها بولد.... وتزوجت بهذه المرأة فرزقني الله منها ولداً، لم أرزق غيره.... وهو الآن بين البيت والشارع.... بعدما فشل في دراسته الابتدائية مرتين... مرة بتقصير منه... ومرة بتقصير مني... والله يسامحني ويسامحه.

صابر: مارأيك لو ترسله إلي.... يعمل معي في دكاني؟.... يتعلم صنعة ويحترف حرفة، سأعطيه خمسة جنيهات عن كل يوم.

محروس:
حسناً.... لعله يرضى، وتكون فاتحة خير..

جاء دور صابر في الطابور فحمل خبزه، والتفت إلى عم محروس فسلم عليه.... وقال لا تنس أن ترسل الولد.

محروس:
حاضر يا بني..... ولكنك لم تخبرني عن اسمك، وعنوان دكانك!!!

صابر:
أنا اسمي صابر... ودكاني خلف هذا المخبز... ومكتوب عليه: صابر لتصليح الأحذية.... وعليه شعار..... "ريح رجلك... راسك ترتاح"

حمل الحاج محروس خبزه وعاد إلى بيته وهناك تلقته امرأته..... كانت قد أعدت الطعام، وجلست تنتظر عودة محروس ومعه الخبز... سألها عن ولدهما "محفوظ".... فأخبرته أنه لازال نائماً..... ذهب إليه فأيقظه، وذكره بغسل يديه قبل الجلوس إلى الطعام.... وهناك دار حوار طويل...

محروس: لقد تعرفت اليوم في طابور الخبز على رجل طيب أذهب عني حديثه عناء الوقوف في الطابور فمر الوقت سريعاً.

أم محفوظ:
ذلك تخفيف من ربكم ورحمة.

محفوظ:
أنت في كل يوم تتعرف على رجل ثم لا تلقاه بعد ذلك.

محروس:
لكن هذا سألقاه دائماً إن شاء الله.

أم محفوظ:
كيف؟

محروس:
لقد عرض علي أن يعمل محفوظ عنده مقابل خمسة جنيهات لليوم الواحد.

محفوظ: كيف أعمل عند رجل لا أعرفه أنا، ولا تعرفه أنت؟! اللهم إلا حديث الطابور؟


ترى ماالذي سيحدث بعد ذلك ؟!

الثلاثاء، أكتوبر 07، 2008

أيها الفنان.ماذا لو حلمت 1. من الخيال إلى الواقع

أيها الفنان.......ماذا لو حلمت؟! (1)

من الخيال .... إلى الواقع

مهداة إلى... بيرم المصري.... أكون أو لا أكون... أحمد سعيد بسيوني.... لكل الناس..... عالم حبيب.... لازم نتغير..... بورسعيدي..... محمد الجرايحي.... إيمان عاطف دياب... أنفاس الصباح ... أحمد بسام ... وغيرهم ممن لاتحضرنى أسماؤهم.


"السلوك فرع على التصور"


عبارة قديمة وصحيحة أيضاً، يدرسها أهل المنطق... وأصحاب الفلسفات... والمهتمون بعلوم النفوس.
فالإنسان يتصور أولاً: يتصور سلوكه، ثم يتصور مراحله، ووسائله، وعواقبه.... ثم بعد ذلك يتصرف... أى: يعمل.
فإذا تصور صحة السلوك وسلامة الوسائل وتتابع المراحل وحسن العاقبة أقدم على التصرف إن كان عاقلاً وأحجم إن كان الحمق مذهبه.

وإذا تصور خطأ السلوك وخيبة الوسائل وتناقض المراحل وسوء العاقبة ثم أقدم على التصرف كان أحمقاً وكان من تمام التعقل أن يمتنع.

ومن هنا ينتقل الإنسان من خيال يحتاج إلى عقل سليم وبديهة حاضرة إلى الواقع الذي يحب أن يعيشه بعدما رسم له خياله صورة ذلك الواقع.


"السلوك فرع على التصور"

التصور هوالأصل، والسلوك هو الفرع... التصور هو العود، والسلوك هو الظل.

كيف يسلم الفرع بينما الأصل قد حواه السقم؟؟... ومتى يستقيم الظل والعود أعوج؟؟


إن هذا الواقع المر الكئيب الذي تعيشه أمتنا ليس له من سبب إلا فساد التصور وسوء التخيل وتغبش الرؤية.


" ألجموا نزوات العواطف بنظرات العقول، وألزموا الخيال صدق الحقيقة والواقع، واكتشفوا الحقائق فى أضواء الخيال البراقة" من رسائل الإمام حسن البنا.


أيها الفنان أنت لست ( كاميرا ) تلتقط المناظر ثم ترسل منها نسخاً هذه مصغرة وتلك مكبرة..... إحداها فيديو ناطقة والأخرى صورة صامتة.

هذه الصورة سلوك.... هذا الواقع تصرف.

خلف الصورة تصور... ووراء الواقع خيال.

التصور أفرز الصورة.... والخيال صنع الواقع.

لا يكن همك التقاط الصورة ولا تصوير الواقع... فإن هذا عمل الصحافيين الممتهنين، يعيشون من وراء ذلك ويرتزقون... أما أنت أيها الفنان فإنك أرفع من هذا وأسمى..... الفن رسالة يعيش صاحبها من أجلها ويضحي في سبيلها.... ويموت وهو يدفع ثمنها..... أما الصحافة فهي ارتزاق مال وانتهاب شهرة.

آفة الفن أن يتحول إلى وسيلة للتكسب والشهرة........ عندها يموت.

أيها الفنان لا يكن دورك تصوير الواقع فإننا جميع نراه ونعيشه ونلمسه وإن كنت تصوره بألوان جذابة وألفاظٍ خلابة وموسيقى رائعة، ولكن انظر إلى ما وراء الواقع والصورة.... انظر إلى الخيال والتصور الذي صنع هذا الواقع....... تجده خيالاً سقيماً وبصوراً دنساً،ً ثم تخيل أنت خيالاً أطهر وتصور صورة أنقى.

واحلم حلماً............... جميلاً
احلم..... ولا تمل من طول الحلم
احلم...... ولا تيأس من تحقق حلمك
احلم............. وكن فارس أحلامك


احلم كيف تخرج من طابور الخبز الطويل... بصداقة... بحكمة..... بعلم.... قبل أن تحلم بالخبز...... فإن الخبز هو الواقع، عندها يتحول طابور الخبز إلى:

طابور مدرسة
أو إلى طابور عسكر
أو إلى صف صلاة خلف محراب عظيم


كم خرج من بين الأشلاء أحياء...... وكم أخرج من تحت الحطام ومن بين الركام رضع ملؤوا الحياة بعد ذلك إصلاحاً أو إفساداً.
لقد أنزل الله في كتابه منذ أكثر من ألف وأربعمائة عام "الذي جعل لكم من الشجر الأخضر ناراً فإذا أنتم منه توقدون"(سورة يس، الآية:80)، وظل الناس يتصورون ويتخيلون، وكان يقع في كل عصر ما يناسب ظنهم ويوائم خيالهم، ففي عصر الفحم..... ظنوه هو... إذ الفحم قد تكون في العصور الجيولوجية القديمة من الأشجار التي دفنت في باطن الأرض بعد التصحر، وفي عصر البترول.... حسبوه هو... إذ البترول قد تكون أيضاً من تحلل الأشجار الضخمة بعدما دفنت في باطن الأرض، وفي عصرنا هذا وقعنا على الوقود الحيوي، إذ نحصل عليه من النباتات الخضراء مباشرة..... ولن يكون هذا آخر واقع في تصور معنى الآية...... طالما بقي أناس يتخيلون ويتصورون ويحلمون ثم يعملون.... ويعمل الناس معهم.

أيها الفنان أنت تقود الناس بفنك.... بخيالك.... بتصورك.... بحلمك.... عش واقعهم... وأخرج لهم أجمل ما فيه..... وأبرز لهم منه مالم يتصوروه... واصنع لهم من الآلام آمالاً ومن الأحزان أفراحاً... واجعل مآتمهم..... عبرة وعظة وسروراً... واصنع من المآثم حسنات... واشرح بها الصدورا...


(......وَاللّهُ مَعَكُمْ وَلَن يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ ).(سورة محمد،الآية: 35)

(وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ)(سورة محمد،الآية: 38)

قريباً إن شاء الله........ نلتقي في:

الطـــــــــــــــــــــــــــــــــابور

ومن بعده نلتقي في:

الزنــــــــــــــــــــــــــــــــــزانة

السبت، أكتوبر 04، 2008

إلى....بيرم المصرى... المدهول...

مهداة إلى: "بيرم المصرى"


أرسل إلى أخى بيرم المصرى تهنئة بمناسبة عيد الفطر المبارك، هذا نصها.."
سيدتى عيد فطر سعيد أعاده الله عليكم باليمن والخير والبركة ، وأدام سعدكم وحقق أحلامكم
29 سبتمبر, 2008 07:28 ص


أسعدتنى كثيراً تهنئة أخى "بيرم" والذى تحمل مدونته عنوان: "المدهول"، فرددت التحية بأحسن منها، وقلت له:
أخي وحبيبي .. بيرم المصريالسلام عليكم ورحمة الله وبركاتهوكل عام وأنت بالصحة والعافيةأخي الكريم .. أنا أعلم أنك تعلم أني "رجل" ولست "امرأة".أنت تقول: "سيدتي "يبدو أنك كنت "مدهول" جداًتقبل تحياتي واحترامىكتبت بهذه المناسبة مقالة أستأذنك في نشرها على مدونتي وإهدائها إليك..... فإن أذنت وإلا فلا ..
02 أكتوبر, 2008 01:54 ص


لم أكن معاتباً ولا محاسباً لأنى أدركت أنها "خطأ مطبعى" كما يقولون، ولكنى أردت أن أجعلها دعابة وأن أتخذها وسيلة لدوام التواصل.

تفضل على أخى "بيرم" بالإذن بنشر مقالتى فازددت به فرحاً وله حباً، والآن أتمنى أن أراه... وألقاه... وأعانقه... أكثر من ذى قبل.


"لكل امرىء من اسمه نصيب"


حكمة قديمة صحيحة
كانت العرب فى الجاهلية قبل الإسلام تسمى عبيدها أسماء رقيقة ذات معان نبيلة؛ رجاء أن يعود ذلك إليها، فيسمى الرجل عبده بلالاً أو رباحاً أو يساراً أو زيداً أو ياسراً أو عماراً...... وكانوا فى نفس الوقت يسمون أبناءهم أسماء غليظة ذات معان قاسية؛ رجاء أن يعود ذلك على أعدائها، فيسمى الرجل ولده صخراً أو حرباً أو مراً أو صعباً أو يسميه "قاسى" أو "رامى"...وكانوا يقولون:

أسماء أبنائنا لأعدائنا...وأسماء عبيدنا لنا


ولما بعث النبى صلى الله عليه وسلم حرص على تغيير كثير من الأسماء التى تحمل مدلولات غير سوية إذ تؤثر فى نفوس أصحابها سلباً، فنهى صلى الله عليه وسلم عن الأسماء والألقاب التى تحمل معانى التعظيم والتفخيم والعلو فتحمل صاحبها -وبمرور الوقت وتكرار النداء والوصف- على التعالى، وربما حسب نفسه كذلك فاستكبر وركب الغرور .... أو ركبه.

نهى النبى صلى الله عليه وسلم أن يلقب أحد بقاضى القضاة.... أو ملك الملوك.....

فإن قاضى القضاة.... هو الله
وإن ملك الملوك...... هو الله

روى البخارى فى صحيحه عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن أخنع الأسماء عند الله رجل تسمى شاهان شاه"

وشاهان شاه هو ملك الملوك

"شاه": كلمة فارسية معناها: "ملك"
و"شاهان": جمعها،.... أى:"ملوك"
إذ الجمع فى الفارسية يكون بزيادة "ألف"و"نون" على المفرد
فكلمة: "مرد" فارسية معناها: "رجل"
وجمها:"مردان" أى: "رجال"
وكلمة: "زن" فارسية معناها: "امرأة"
وجمعها: "زنان" أى: "نساء"

كلما قرأت هذا الحديث تذكرت "امبراطور إيران" السابق "محمد رضا بهلوى" والذى كان يلقب "شاهان شاه"..... حتى استكبر واستعلى.... وفسد وتجبر.... وطغى وتكبر...... وحنى طرده شعبه شر طردة فحمل دنياه فى مائتى حقيبة، وطارت طائرته تطوف الأرض؛ تدق أبواب الملوك والرؤساء؛ تستجدى المأوى وتسأل النزل، فرفضته الشعوب التى تحترم الحرية وتقدس الحقوق؛ وتنكرله الحكام الذين يحترمون شعوبهم أو يحسبون لهم حساباً، ولفظته الأرض.... حتى ابتلعته مصر أرضاً ورحبت به شعباً واستقبلته حكومة.... والرئيس فى ذلك الوقت "أنور السادات".
لقد استعلى على الله وجعل نفسه له نداً فوصف نفسه بصفة الله... فأهانه الله وأذله.... وأخنعه... وأخضعه.



كان النبى صلى الله عليه وسلم يغير أسماء أصحابه بما يحملهم على الارتقاء والمروءة والنبل........ فجعل "صعباً".... "سهلاً"... وجعل "حرباً"..... "سلماً" ، كما أطلق النبى صلى الله علي وسلم على المشركين المحاربين المعاندين أسماء تقهر نفوسهم وتذل كبرياءهم وتحقرهم عند أتباعهم وتذهب رهبتهم من قلوب المؤمنين، فكان "أبوالحكم" سيد قريش وزعيم حربهم فسماه النبى صلى الله عليه وسلم: "أبو جهل"... وكان"أبوعامر الراهب" ماكراً خبيثاً يتظاهر بالتناسك فسماه النبى صلى الله عليه وسلم: "أبوعامر الفاسق".

كانت السيدة زينب بنت جحش زوج النبى صلى الله عليه وسلم..... وكان اسمها قبل ذلك:"برة" بفتح الباء.... وكان اسم أبيها: "برة" بضم الباء.
و"البرة" بالفتح هى كثيرة البر دائمة الصلة المعروفة بالإحسان إذ البر جماع الخير، وأما البرة بالضم فهى حبة القمح وهى شىء حقير لا وزن له ولايأبه الناس به.
رأى النبى صلى الله عليه وسلم أن هذا الاسم"برة" بالفتح؛ يحمل معنى التزكية،
وربما ظنت صاحبته أنها فعلاً كذلك من كثرة ما تسمع الناس ينادونها..... يابرة.... برة..... يابرة..... فقال: "تزكى نفسها"؟!..... فسماها: "زينب"

فرحت زينب باختيار النبى صلى الله عليه وسلم، وطمعت أن يشمل التغيير اسم أبيها فقالت: "يارسول الله غير اسم أبى، فإن البرة شىء حقير" فقال لها صلى الله عليه وسلم: "لو كان أبوك مسلماً لسميناه اسماً من أسمائنا، ولكنه رجل مشرك فنسميه "جحشاً" فصارت: "زينب بنت جحش".

وأراد النبى صلى الله عليه وسلم أن يعلم أصحابه كيف يختارون الأسماء فقال: "أحب الأسماء إلى الله: "عبدالله" و"عبدالرحمن"...وأصدق الأسماء: "حارث" و"همام". إذ كل الناس لا ينفك عن الحرث والهم. إما لدنيا وإما لدين.. قال تعالى: "من كان يرد حرث الآخرة نزد له فى حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منه وما له فى الأخرة من نصيب"........... وقال النبى صلى الله عليه وسلم: "من كانت الدنيا همه فرق الله عليه شمله، وجعل فقره بين عينيه، ولم يأته من الدنيا إلا ماقدر له... ومن كانت الآخرة همه جمع الله له شمله، وجعل غناه فى قلبه، وأتته الدنيا وهى راغمة"، وقال: أكذب الأسماء: "خالد" إذ ماجعل الله لبشر خلداً ولاخلوداً.

وسمى النبى صلى الله عليه وسلم أبابكر: "الصديق" ، وسمى عمر بن الخطاب: "الفاروق" وراى عبدالرحمن بن صخر رضى الله عنه يحب القططة ويرحمها فسماه: "أبوهريرة"، ورأى علياً نام على الأرض وانحسرت عنه ثيابه فالتصق التراب بجلده فداعبه قائلاً: "قم أباتراب" فكان على يفرح إذا قال الناس له: "أباتراب"، ومر صلى الله عليه وسلم بعمار بن ياسر وهو يحرس معسكر المسلمين منتبهاً فى حذر ويقظة فدعاه: "أبااليقظان"

بل إنه صلى الله عليه وسلم سمى سيفه: "ذوالفقار"........ وسمى ناقته: "القصواء".... وسمى حماره: "عفير".

ونشأ الناس بفطرتهم يعلمون أثر الاسماء فى أصحابها.....لما أدخل سعيد بن جبير على الحجاج بن يوسف الثقفى وأراد الحجاج أن يفت فى عضده، وأن يقلل من شأنه قال: مااسمك؟!... قال: "سعيد بن جبير......" قال: بل أنت "شقى بن كسير..." فرد سعيد رحمه الله: كانت أمى أعلم باسمى منك.
ودخلت فتاة على معاوية أمير المؤمنين فلما لم يعجبه اسمها قال: "أما وجد أهلك غير هذا الاسم فيسمونك به"؟!.... فقالت: وأنت أما وجد أهلك غير هذا الاسم فيسمونك به؟!... ومعاوية: كلبة عوت حتى صارت معاوية.... فسكت معاوية رحمه الله.


أخى وحبيبى "بيرم"

أنت رأى حصيف... وكلام فصيح...... وعقل مهموم..... وقلب مشغول...... أنت فارس مغوار..... وشيخ مجرب..... وفنان مبتكر..... وفكر حر..... قلمك سيف على العدا... ولسانك كرباج على المارقين والغاصبين.... نحسبك كذلك ولا نزكيك على الله...... والله حسبك وحسيبك.

لو أدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم أخى بيرم فهل كان سيسمى مدونته اسماً آخر؟!.... وماهو؟!...... فكروا معى.... وأجيبونى.


والله من وراء القصد؛

الأربعاء، أكتوبر 01، 2008

أمير المؤمنين.... بريطانى

أمير المؤمنين .....بريطاني!!



"يحيى" .... شاب بريطاني الأصل والجنسية، عيناه خضراوان، أصفر الشعر مسترسله، ذو وجنتين تشتعلان احمراراً، صاحب لسان إنجليزي، ولهجة عربية فصيحة ملكونة، ومفردات عامية قليلة، أبواه لا يزالان مسيحيين، أما هو فقد أسلم منذ سنوات عدة وتعلم العربية،... وحفظ القرآن،..... ودرس الفقه،.... ونشط في الدعوة إلى الإسلام أكثر من كثير ممن ولدوا في الإسلام، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء،.... "وربك يخلق مايشاء ويختار" (القصص)
تزوج البريطاني المسلم من باكستانية مسلمة سمراء، ورزقا: "يوسف" الذي جاء بوجه باكستاني الملامح والتقاطيع ولكن الشعر الأصفر والوجه الأحمر والعيون الخضراء تتفوق على الملامح الباكستانية .

جدة يوسف لأمه هندية مسلمة، تداعب يوسف وتنشد له أناشيد إسلامية، وتتغنى له بالقرآن وبحب النبي صلى الله عليه وسلم
التقينا في إحدى المناسبات،..... وكان معي زوجتي وأبنائي السبعة،.... صارت جدة يوسف تتنقل بين الجالسين تتعرف عليهم وتصافح نساءهم وتداعب أولادهم الصغار، إنها صاحبة روح طيبة وخلق رفيع..... وهكذا يصنع الإسلام بأهله،.... روحها إسلامية ورقتها هندية ولغتها بريطانية، جاءت جدة يوسف وجلست بيننا وصافحت زوجتي وبناتي الثلاث وظلت تحكي عن يوسف ونوادره ومواقفه اللطيفة ثم قالت: إن يحيى يدعو الله دائما ً أن يكون يوسف هو خليفة المسلمين وأمير المؤمنين، فرددت أنا وزوجتي وأولادي في وقت واحد: "آمين". ثم نظرت إلى وجوه أبنائي فرأيت عيون بعضهم قد كستها الدموع في جلسة أحسب أن الملائكة كانت تحفها، فقد كانت السكينة فوق الوصف .

أي دين هذا الذي أذاب الأجناس واللغات والألوان جميعا ً في بوتقة واحدة حتى ذابت الحدود وامحت الألوان وزهقت الجنسيات، وحتى تمنى المصريون من كل قلوبهم والباكستانيون والهنود والإنجليز أن يكون أميرهم بريطاني الجنسية من أم باكستانية وجدة هندية وكلهم ينعمون بالإسلام في مصر .

إنها ليست مصر ولا الهند ولا هي باكستان....... ولا دخل لبريطانيا في الموضوع ....إنه الإسلام وأخوة الإسلام
أبي الإسلام لا أب لي سواه *وإن تاهوا بقيس أو تميم



وطنى الإسلام لا أفدى سواه *وبنوه أين كانوا إخوتى
مصر.. والشام...ونجد ورباه *مع بغداد....جميعاً أمتى