الثلاثاء، مايو 17، 2011

الحديبية والثورة

الحديبية والثورة




كان خروج النبى صلى الله عليه وسلم إلى مكة معتمراً وحيا، وكان منعه من دخولها وإحصاره فى الحديبية وحياً، وكان الصلح وحياً حتى عدّه القرآن "فتحاً"؛ وعلى الرغم من ذلك غضب عمر والمسلمون ورأوا ذلك إجحافاً بحقهم وتنازلاً عن دينهم، فلم يحملهم النبي صلى الله عليه وسلم على مراده حملاً، ولا أرغمهم على روءاه إرغاماً، وإنما فعل ما هو به قانع حتى أقنعهم فعله صلى الله عليه وسلم، ففعلوا بينما لم يكن الكلام مقنعاً، وكان التجرد شعاراً، والإخلاص لله دثاراً؛ لا يظن أحد بأخيه غير ذلك؛ راضياً كان أم ساخطاً، محباً كان أم كارهاً.



لم يثن عمر عن مشاعره ورغبته وعظ النبى صلى الله عليه وسلم ولا زجر أبى بكر رضى الله عنه، ولم يقنعه بجدوى الصلح نزول القرآن، كيف وقد سمع بنود الصلح فرآها تنازلا، وراى أبا جندل يعاد إلى قريش بعدما جاء مسلما، ورأى "الرحمن الرحيم" تمحى، و"رسول الله" تزال. إنما قنع عقله ورضيت نفسه بمرور الزمان ودوران الليالى والأيام.



فالزمان خير شارح للسنة


والدهر خير مفسر للقرآن.



كم من أحداث عظام وحوادث جسام هى عند حدوثها فوق العقول وأعلى من مدارك الأفهام، والناس إزاءها درجات وألوان: فواثق مقتحم، وأحمق ملتحم، ومتردد متلعثم، ومتروٍ منتظر: يرجو أن ينقشع الغبار وتنجلى الحقائق فيتخذ القرار، وكلٌ فى ذلكم يبتغى النجاة، ولامطعن فى نية ولا قدح فى إخلاص، وليس من حسن الأدب تهوين ولا تخوين، إذ التماس العذر فى تلكم الاحوال واجب؛ بل الواجب الذى لا عذر فى تركه أن يكون التجرد لله منطلقه؛ قام أو قعد، تردد أو تريث، بعيداً كل البعد عن هوى النفس وميل القلب ومصلحة العشيرة ورغبة القبيلة وزينة الدنيا وغرور الشيطان، وواجب أخر لا عذر فى إغفاله وهو سيادة الحب والود بين القلوب، إذ اختلاف العقول وارد أما اختلاف القلوب فلا يورد إلا المهالك.


لا تحملني علي تبني فكرتك واعتناق مذهبك، كما أني لاأحملك علي التزام طريقي ولا الارتباط بدعوتي، ولكن أذكرك التجرد، وتعظني بنبذ العصبية والخلوص من الهوي، فأذهب يميناً وتنطلق يساراً، ونعود آخر اليوم لنتعانق ونحسب مكاسبنا ونحصي خسائرنا، وذلك كل يوم حتي ننطلق يوماً معاً يميناً أو يساراً، فنقتسم رغيفاً واحداً، أونموت بضربة واحدة، وقد تدفنني بثيابي ولا صلاة، وقد أصلي عليك.



فالزمن جزء من العلاج.



كان بعض الناس في بداية الثورة يقولون إنها خروج علي الحاكم، وهم اليوم يلعنونه ويشاركون في قطف الثمار.


أراد الحاكم في أول لقاء له بعد الثورة أن يستدر عطف الجماهير؛ فبكي بعضهم تجاوباً، فلما خرج عليهم صبيحة الخطاب بالخيل والإبل والبغال؛ رموه بالأحذية وضربوه بالنعال.


كان كثير ممن ينعتون بالثقافة قد رفضوا تعديل الدستور، ورأوه عودة إلي ما قبل الثورة، فلما سعت فلول الحزب الوطني للوقيعة بين الشعب وجيشه اعترف بعضهم أن الذين أجابوا بنعم كانوا أبعد نظراً وأقدرعلي استشراف المستقبل.



فالزمن جزء من العلاج


وقد يكون هو العلاج.




والله من وراء القصد


هناك تعليقان (2):

أمل حمدي يقول...

جزاك الله كل الخير يا دكتور

د.توكل مسعود يقول...

ما ما أمولة

السلام عليكم ورحمة الله
وبعد
فشكرا لزيارتك الكريمة وأرجو الله أن يجعل كتابتنا شاهدة لنا لاعلينا

أدام الله سعادتكم فى الدنيا والآخرة