الاثنين، ديسمبر 28، 2009

الهجرة النبوية 3 ومن يسلم وجهه إلى الله وهومحسن

.

.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


.
.
كل عام وأنتم بخير.. كنت في مثل هذه الأيام من العام الماضي قد بدأت كتابة موضوعات عن "الهجرة النبوية " .. نشرت بعضها في حينها ثم حالت المقادير دون إتمامها .. واليوم إن شاء الله أبدأ في إتمامها .. وحتى تكتمل الفائدة .. وتتواصل الفكرة .. إليكم روابط الموضوعات التى نشرت في العام الماضي .
.
.






.


.








.

.


.


الهجرة النبوية 3


.
.
.
بين التوكل على الله ... والأخذ بالأسباب
.

.

أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يتوكل على الله وأن يأخذ بأسباب النجاة .... والنجاة بحساب البشر وظن المخلوقين : ألا يصل المشركون إلى الغار .. وألا يدركوه صلى الله عليه وسلم في الطريق ... لكنهم يصلون إلى الغار ...... ثم يكتب الله له النجاة ليس بأسباب اتخذها صلى الله عليه وسلم ولكن:


.
.


.

"أيده بجنود لم تروها " التوبة 40


.
.

ثم في الطريق : صخر ينشق ويبتلع قوائم فرس سراقة ....

.
.
.لولا أن الله كتب النجاة لنبيه صلى الله عليه وسلم بهذه الطريقة الربانية التى لا دخل للبشر ولا لقدراتهم ولا لأسبابهم فيها ... لولا ذلك لاعتقد الناس أن النجاة كانت بسبب حذر النبي صلى الله عليه وسلم وحيطته الشديدة وفطنته وذكائه وتخطيطه ...و...و...
.
.
.
ولو فعلوا ذلك فتعلقوا بالأسباب وأغفلوا التوكل على الله لهلكوا ولكن الله كما حفظ نبيهم صلى الله عليه وسلم .... حفظهم .
.
.
.
ولو أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج هكذا متوكلاً على الله بغير أسباب لتواكل الناس وأهملوا السعي ... أو سعوا بلا فكر ولاروية ولا تدبير ولا تخطيط ... ولأغفلوا العلاقة بين السبب والنتيجة وبين المقدمات والنهايات ... فما عمرت دار ولا استقر قرار ولخربت الدنيا وقد أراد الله عمارتها .
.
.
.
ارجع بنا إلى القرآن ليلخص لك كل مافات بل قل إن شئت ليشرحه لك ويزيدك عليه ولكن في كلمات معدودة:
.
.

.
"ومن يسلم وجهه إلى الله وهو محسن فقد استمسك بالعروة الوثقى وإلى الله عاقبة الأمور" لقمان 22
.
.
.

والله إنى لأعتقد أنك عرفت الآن ومن الآية أكثر مما عرفت من مقدمتي الطويلة وأنك فهمت من هذه الكلمات القليلة أكثر مما فهمت من ألفاظي وعباراتي..... وتلك عظمة القرآن وسر حلاوته أن كلماته القليلة قد تشرحها كتب ضخمة ثم تعود إلى كلماته فتراها أعذب من كل كلام والأغرب من هذا أنها لا تزال تشرح لك وتقذف في نفسك من المعانى مالا تحمله الكتب والمجلدات ...
.
.
.


1- " يسلم وجهه إلى الله "


.
.
يتوكل على الله حق توكله .. واثقاً في قدرته .. مطمئناً إلى حلمه وعلمه .. يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وأن ما أخطأه لم يكن ليصيبه .. وأن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوه بشيء لم ينفعوه إلا بشيء قد كتبه الله له .. ولو اجتمعت على أن يضروه بشيء لم يضروه بشيء قد كتبه الله عليه ... ثم يرضى بما قسم الله له . ويطمع في مثوبة الله وعاقبة الأخرى أكثر من طمعة في ثناء الناس وعاجلة الدنيا ... ثم يعلم أن الدنيا متاع وأن الآخرة قرار وأنه من أجهل الجهل أن يحلم بالقرار في دار المتاع ثم يعلم أيضاً أن الدنيا دار عمل ولا جزاء وأن الآخرة دار جزاء ولا عمل وأنه من أحمق الحمق أن يتوقع الجزاء وهو في دار العمل .
.
.
.


2- "وهو محسن"

.
.
سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإحسان فقال "أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك " رواه البخارى ... ومعلوم أن رؤية العامل لصاحب العمل ومراقبة صاحب العمل للعامل تدفع إلى إحسان العمل وإتقانه وضبطه ... على هذا جبلت نفوس البشر ... ولله المثل الأعلى ..
.
.
وقال صلى الله عليه وسلم: "إن الله كتب الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته " رواه مسلم
.
.
.
والحديث يختار نموذجاً غريباً للإحسان ... ألا وهو إحسان القتل والذبح وما من عاقبة لهما إلا الموت وإزهاق النفس ويدلك على أسباب ذلك من إحداد الشفرة وإراحة الذبيحة .
.
.
.

وقد يقول ميكافيللي النزعة : طالما أن النتيجة هى الموت فلا علينا أن نبلغها بأي طريق ... فليعلم أن الإسلام أمرنا بالإحسان حتى فيما نبلغ به الموت .. فلا أقل من الإحسان فيما نبلغ به الحياة .
.
.

فقوله "وهو محسن" يعنى الأخذ بالأسباب الكفيلة بإخراج عمله في أحسن صورة مما تعارف عليه البشر ودلت عليه تجارب الحياة وخبرات المجربين .
.
.
.


3- "فقد استمسك بالعروة الوثقى"

.
.


العروة الوثقى : حبل السلامة وطوق النجاة .
.
.

النجاة من الكفر ... من الفقر ... من الأعداء ... من الظالمين ... من الفشل ... من الهلاك ... من العقوق ...
.



وهل يشغلك إلا النجاة ... وهل تريد غيرها ...!!؟؟
.
.
.


4- "وإلى الله عاقبة الأمور"
.
.



وهذا مربط الفرس.

.
.

ذلك أن أحدنا يعتقد أن الأسباب تؤدي إلى نتائج بعينها فيذاكر مثلاً ... ويجتهد ويتوكل على الله ليتجح ويتفوق ويدخل كلية الطب مثلاً.
.
.

فيذاكر فعلاً ويجتهد حقاً ويتوكل على الله صدقاً .. ثم ينجح وقد يتفوق أولا يتفوق ثم لايدخل كلية الطب ...
.
.


أخي : إن الله لايريدك طبيباً : هو يريدك مهندساً أو عالماً أو مدرساً ... أو صانعاً أو تاجراً .. وفي هذا نجاتك ونجاحك وفلاحك وإن كانت خلاف ما أردت وتوقعت ... لأن عاقبة الأمور إلى الله وحده وليست إليك.
.




علىّ طلب العز من مستقره *** ولا ذنب لي إن خالفتني المقادير


.


..
أخى : توكل على الله وكأنه ليست هناك أسباب . ثم خذ بالأسباب إلى أقصى درجة تبلغها إمكاناتك وقدراتك المتاحة في حدود ما أحل الله ومن غير أن يطغى ذلك على حقوق الآخرين أو حريتهم أو كرامتهم .
.
.

فإذا فعلت ذلك فقد ضمن الله لك النجاح والفلاح "استمسك بالعروة الوثقى "
.
.

ولكن هل ستصل إلى ذات النتيجة وعين العاقبة التى كنت تظن أن أسبابك توصل إليها ... أم أنك قد تصل إلى نتيجة أخرى مخالفة تماماً لما كنت تتوقع وإلى عاقبة أخرى لم تكن في حسبانك .
.
.



هذا ليس إليك ... هذا إلى الله

.
.



"وإلى الله عاقبة الأمور"
.
.
.


الأخذ بالأسباب فرع ... بينما التوكل على الله أصل .

.
.

إذا انقطعت الأسباب لم ينقطع مسببها

.


.




الأسباب لا تعمل بنفسها لكن رب الأسباب يعمل بنفسه


.
.



وإليك هذا المثال الصارخ

.
.


"هو الذي يسيركم في البر والبحر حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة وفرحوا بها جاءتها ريح عاصف وجاءهم الموج من كل مكان وظنوا أنهم أحيط بهم دعوا الله مخلصين له الدين لئن أنجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين" يونس 22
.
.
.

ليتك ترجع إليها في القرآن ... ثم ترى ماذا قال فيها العلماء والمفسرون وإنى لفى انتظار إفادتك وردك "
.
.



والله معك ويرعاك؛

هناك 15 تعليقًا:

كريم مصطفي سيد يقول...

السلام عليكم
كل عام وانت بخير

غير معرف يقول...

بارك الله لنا فيك ياأستاذى الحبيب الحقيقه أنني عندما أقرأ هذه المعاني الدافئه الدافعه يزداد الأمل والحماس داخلي للعمل والمثابره
،الحمد لله علي عودتك سالما
والحمد لله علي نعمة الاسلام وكفي بها نعمه

غير معرف يقول...

What about this name (alhr bela waten) ? I am sorry , i read from six monthes ago and no nothing about freedom in general or espacial meaning. You wrote about memories and data we can found it in books . We need who can connect between our life and religion. For example, the freedom, it is really presents or just a word like democracy?. the relation between Al-islam and freedom ? moslems in all a world must be feel this word and responsability of this word but how? we need adifferent words, different opinion. and i think you can do that but you need hard work.

د.توكل مسعود يقول...

كريم مصطفى سيد
غير المعرف
م/الحسيني لزوم

جزاكم الله خيراً كثيراً

د.توكل مسعود يقول...

Dear (Undefind)..
I'm glade you visited my Blog "Bela wattan", and also happy for your comment. I can see that you are able to read in Arabic and you followed up my posts for six months. So; why don't you write in Arabic as long as you can read in Arabic? I'll be grateful if you write in Arabic for better communication and to allow other readers to communicate with us.....
Thank you.

لجين أبو الدهب يقول...

اللهم صلى وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ..

تحليل مبدع للايات ..

بارك الله فى مداد قلمكم وزادكم علما

دمتم بخير..

-_- يقول...

جزاك الله خيرا

Beram ElMasry يقول...

اخي الكريم د. توكل السلام عليكم ورحمة الله
الهم اجعل طيب دعاءك لك ونفعنا به اخي وحبيبي في الله

تحياتي والسلام ولاسلام مع بني اسرائيل

أ / أحمد عبد المنعم يقول...

بسم الله الرحمن الرحيم

كل عام وأنتم بخير

عام جديد نسأل الله أن يكون سعيدا علينا وعليكم وعلى سائر أهل الأرض

ولكن
يبقى سؤال

أى فكر يحكم العالم يجعله سعيدا ؟
وأية قوة تهيمن على العالم تنشله من الظلم وتجعله سعيدا ؟
وأي بشر يقودون العالم إلى هذه السعادة؟

فلنفكر سويا

لنعتنق هذا الفكر
ونكون هذه القوة
ونحمل صفات هؤلاء البشر

رئيس التحرير يقول...

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
استاذنا العزيز...
ننتظر المزيد من النبع الطيب نحن في غايه الشوق للأرتواء من نبع علمكم الصافي .

alreda&alnoor يقول...

دروس الهجرة كثيرة وأن أصحاب الدين الذي رضيه الله لهم لابد لهم من هجرة هجرة بالقلب واللسان والعقل ليس شرطا بالجسد فهي هجرة لاقامة الدولة باللسان نقيمها وفي القلب نقيمها وبالعقل تقييمها وتقديرها والتخطيط لها فهل الى هجرة من جديد ؟

فليعد للدين مجده يقول...

ولذلك قيل أخي د. توكل
ان حديث الطير خير معبر في هذا المعني فقد جمعت بين كمال التوكل وقوة الأخذ بالاسباب
(لو توكلتم على الله حق توكله، لرزقكم كما يرزق الطير، تغدو خماصا وتروح بطانا)

حياتى نغم يقول...

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تقبل الله منك أستاذنا وطيَّب قلبك وزادك علماً ودمتَ لنا بكل خير .

والله من أجمل ما قرأت عن الهجرة وحسن التوكل على الله يا دكتور توكل .

جعلنا الله وإياكم من المتوكلين عليه حق توكله تعالى آمين .

سلامى لأختى إسراء .

أمل حمدي يقول...

أخي الفاضل / د توكل مسعود

اللهم صلي وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

جزاك الله كل الخير وأثابك ونفع بك اللهم أمين

د.توكل مسعود يقول...

لجين أبو الدهب
SHARM
بيرم المصري
أحمد عبدالمنعم
رئيس التحير
الرضا والنور
فليعد للدين مجده
أمل حمدى
حياتى نغم


جزاكم الله خيرا على متابعتكم وتعليقاتكم