الأربعاء، يناير 07، 2009

صيام عاشوراء بين ماض زاهر ودرس حاضر 2

صيام عاشوراء .. بين ماض زاهر .. ودرس حاضر( 2 )



"كان يهود خيبر يصومون عاشوراء ... يتخذونه عيداً ويلبسون نساءهم فيه حليهم وشارتهم " رواه مسلم .

وكان النبي صلى الله عليه وسلم في مبدأ أمره يشارك أهل الكتاب ويوافقهم مالم يمنعه الوحي ... تأليفاً لقلوبهم من ناحية ... و إخماداً لنار العداوة والبغضاء في نفوسهم من ناحية أخري كما كان صلي الله عليه وسلم ماهراً في جذب القلوب واستمالة النفوس ... بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم ... ويعلم كم يكون أثر المشاركة عظيماً ... وأن مشاركة ساعة خير من موعظة دهر وأن درهماً من المعايشة خير من قنطار من الخطب والأحاديث .... ومن ذلك أنه صلى الله عليه وسلم كان يفرق شعر رأسه من منتصفه يميناً ويساراً علي عادة أهل مكة .... فلما هجر إلي المدينة وجد الأنصار يرسلون شعورهم فأرسل شعره علي عادتهم فلما كان يوم فتح مكة فرق شعره .... تأليفاً لقلوب قريش واستدعاءً لمودتهم .

كانت هجرة النبي صلى الله عليه وسلم في ربيع الأول .. فلما كان المحرم من السنة الثانية لهجرته صلى الله عليه وسلم وكان صيام عاشوراء ولأول مرة واجباً .... ثم فرض الله صيام رمضان في نفس السنة الثانية من هجرته صلى الله عليه وسلم .....
" فلما فرض رمضان ترك يوم عاشوراء " أخرجه البخاري عن عائشة رضي الله عنها ومسلم عن عبد الله بن مسعود .
ومعناه :
ترك وجوبه وبقي استحبابه .

وكان النبي ص حريصاً ألا يغفل الناس صيام عاشوراء بعدما فرض رمضان فحثهم عليه حثاً شديداً
ففي صحيح مسلم عن أبي هريره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " أفضل الصيام بعد رمضان : شهر الله المحرم " وفيه عاشوراء


في صحيح البخاري عن أبن عباس رضي الله عنه : مارأيت النبي ص يتحري صيام يوم فضله علي غيره إلا هذا اليوم : يوم عاشوراء وهذا الشهر : يعني شهر رمضان " وقد أخبر صلي الله عليه وسلم "أنه يكفر سنة " رواه مسلم .


توالت الشهور ... والأعوام ....في مدينة رسول الله ص وبدأت الشريعة الغراء تسن للمسلمين سنناً وتشرع لهم شرائع تميزهم عن غيرهم .... وفي نفس الوقت وبمرور الزمان بدأ المسلمون "أنصارا ومهاجرين" يكتشفون خيانة اليهود ونذالتهم وبغضهم للنبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين .... فكانت سفالة بني قينقاع وخيانة بني النضير وغدر قريظةونكول خيبر ..
وكان النبي ص حريصا علي أن يكون المسلمون
"كالشعرة البيضاء في الثور الأسود " أو" كالشعرة السوداء في الثور الأبيض " صحيح مسلم .


فكان المسلمون كثيرا مايسمعون النبي صلى الله عليه وسلم يأمرهم بمخالفة اليهود والنصاري والمشركين ، فتارة يقول " خالفوا اليهود صلوا في نعالكم فإن اليهود لا يصلون في نعالهم " رواه أبو داوود

ومرة يقول: "خالفوا المشركين اعفوااللحى وأحفوا الشوارب " رواه البخاري

ثم يقول : "من تشبه بقوم فهو منهم " رواه أبو داوود


وصارت هذه الصورة أوضح ما تكون باكتمال الدين وتمام الشريعة .... وبعد حجة الوداع في السنة العاشرة من الهجرة .... وفي المحرم من السنة التي توفي فيها النبي ص وبينما هو يذكرهم صلى الله عليه وسلم بصيام عاشوراء .. إذا انبرى بعضهم فقال: " يارسول الله هذا يوم تعظمه اليهود والنصاري فقال صلي الله عليه وسلم : صوموه أنتم " صحيح البخاري
ثم قال ص : لئن بقيت لقابل لأصومن التاسع " أخرجه مسلم
عن ابن عباس
وقال : خالفوا اليهود ، صوموا يوما قبله أو يوما بعده " رواه أحمد عن أبن عباس
فكأن النبي ص حقق هدفين: هدف المشاركة في الحق الأصيل الذي لا نختلف معهم فيه بل نحن أولي به منهم " نحن أولي بموسي منكم " ثم أنه صلي الله عليه وسلم حقق هدفاً آخر وهو : المخالفة .... حتي يصير المسلمون متميزون غير مقلدين ، فخالف اليهود بصيام يوم قبله أو بعده ، وأمر المخالفة محمول علي الأستحباب لا علي الوجوب .


فصار صيام عاشوراء مراتب ودرجات :


1- كان في مبدأ أمره واجباً ولسنة واحد ولمرة واحدة .
2- ثم صار صيامه مستحبا..... ودرجات استحبابه كالتالي :
اعلاها صيام التاسع والعاشر
ثم صيام العاشر والحادي عشر
وأدناهاصيام العاشر وحده ، إذ أن صاحبه عمل مستحباً وهو صيام عاشوراء ، وترك مستحباً آخر وهو مخالفة اليهود والنصاري .


لكن العام المقبل .... لم يقبل .... حتي توفي رسول الله صلي الله عليه وسلم
بأبي هو وأمي
صلوا عليه وسلموا تسليما


هذا هو الماضي الزاهر...

فما هو الدرس الحاضر؟؟؟


هذا ما أحب أن أسمعه منكم أولا..

هناك 8 تعليقات:

abonazzara يقول...

اللهم صلي وسلم وبارك على معلم الناس الخير سيدنا محمد وعلى آلة الطيبين وصحبه الغر الميامين .
جزاكم الله خيرا يا سيدي

tarek alghnam يقول...

بارك الله فيك
وتقبل الله منك ومنا
ونصر الامه الاسلاميه التى تحتاج منا الى الدعاء والعمل
تقبل تحياتى لشخصك الكريم
وتقبل شكرى واحترامى وامتنانى

لكل الناس يقول...

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إن كان هذا الماضى الزاهر فإننا لن نحقق مثله إلا إذا فعلنا مثلما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم بأن نخالف اليهود

ثانياً : درس الحاضر هو أن نتفوق عليهم-فى هذا العصر وأقول فى هذا العصر لأننا متفوقون منذ عهد النبى صلى الله عليه وسلم حتى قامت هذه الدولة العنصرية- فى المجالات الذين تفوقوا فيها ألا وهى :
1- المجال الإعلامى الذى يخدم قضيتهم
2- أسلوب الرعب السياسى الذى يتبعونه لكل من يقف أمامهم عن طريق إظهار القوة الكاذبة
3- مجال الصحافة لأنهم يتحكمون فى العالم بفضل تكوين رأى عام عالمى لقضيتهم عن طريق الكتابة فى الصحف فهم يمتلكون فى أمريكا ألفى صحيفة وألف قناة إعلامية
4- مجال الحريات التى من أولويات المسلمين ولكننا تركناها وأخذوا بها فتقدموا

5- العدل فيما بينهم مع العلم أنهم لا يطبقونه على غيرهم من الأمم
6- الاتحاد والتكاتف أما الأمم الأخرى مع أن الله قال فيهم " تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى "

يا سيدى هذا ما استطعت حصره والوقوف عليه فإن كان عندك المزيد فأتنى به وإن لم يكن هناك المزيد فدعنا نفكر سويا كيف سنعالج هذه الموضوعات لكى نتفوق عليهم

عالم حبيب يقول...

جزاك الله كل خير يادكتور .. كعادتك ما شاء الله عليك متميز في إختيارك ومعالجتك للمواضيع

كم نحن في حاجة لمثل هذه الكلمات التي تبين عداء اليهود وخيانتهم

وكم نحن في أمس الحاجة لإظهار مخالفة الأعداء في كل شئ .. فالنبي صلى الله عليه وسلم حرص على مخالفتهم فما بالنا اليوم نقلدهم الخطوة بالخطوة

وما أجمل النبي صلى الله عليه وسلم وهو يتألف غير المسلمين ويتألف قلوبهم .. لكنه بأبي وأمي كذلك لا يفتأ أن يخالف أعداء الدين

تقبل الله منا ومنكم صالح العمل

أحــوال الهـوي يقول...

بارك الله فيك

تحياتي

الجواز و سنينه يقول...

و الله ماشاء الله عليك
اسلوب كتاباتك ثرى
و اكيد فيه ناس محتاجاه
ربنا يجعله فى ميزان حسناتك

غير معرف يقول...

السلام عليكم ...

دائما طريقة العرض لديك رائعة استاذنا الفاضل ..سأترك طويل ثناء انت احق به ..وأقول إن درس الحاضر قوله تعالى"ولا تهنوا ولا تحزنوا وانتم الاعلون إن كنتم مؤمنين" ..وكما سماها الشيخ سيد قطب استعلاء الإيمان..وقال انه يمثل الحالة الدائمة التى ينبغى ان يكون عليها شعور المؤمن وتصوره وتقديره للاشياء والاحداث والقيم والاشخاص سواء.....وقال ايضا الاستعلاء..مع ضعف القوة وقلة العدد,وفقر المال,كالاستعلاء مع القوة والكثرة والغنى على السواء..انتهى كلامه...فانت تحس بحالة من الاستعلاء فى حياة النبى وفى طريقة تناول الشريعة اصلا فى امورها حتى صار امر المخالفة مستحبا..نحن نختاج فى هذى الايام الى هذا الاحساس ولن كان الامر يتطلب غير ذلك وهذا ما احسست من حياة النبى وهو الذى يجذب الناس ويحتضن الناس ويخالف ايضا فى امور العبادة اليهودوالمشركين ويصرح بذلك ويقول "خالفوا المشركين." ...إنه الاستعلاء الذى نحتاجه فى هذا الوقت الذى سيطر الظلم على الاجساد ..فنسال الله الا يسطر ايضا على الارواح فتصبح الهزيمة منكرة لهذه القيمة الغالية وهى "استعلاء الارواح على الفتنة"....

د.توكل مسعود يقول...

أخي وحبيبي:أبو نظارة

صلى الله على محمد صلى الله عليه وسلم .. جزاك الله كل خير


طارق الغنام:
وبارك فيك وتقبل منا ومنك أخى الحبيب ..

جزاك الله خيراً كثيراً



لكل الناس :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

معك حق في كل ماذكرت ... أضف إلى ذلك وجوب مشاركة الآخرين في الخير الذي معهم وإن لم يكونوا معنا، ومفارقتهم في الشر ؛ وهذا يستدعى القرب من المجتمع ومخالطته .. ولكن بحذر وترقب مخافة الذوبان .



عالم حبيب :
جزاكم الله خيراً على كلماتكم .. أسعدتنا بالمرور والتعليق ..
تقبل الله منا ومنك ..



أحوال الهوى:
وبارك لنا فيك أخى الكريم .. ولا حرمنا الله من إطلالتك ..:)



الجواز وسنينه :
جزاكم الله خيراً على المتابعة ..

تسعدنا المداومة أفادنا الله وإياكم ..:)



معاذ عبيد:
والله واحشنى يا معاذ .. :)

ولكن لماذا ركزت على المخالفة .. وهل نسيت الموافقة ؟!
موافقته صلى الله عليه وسلم لقريش ، ثم موافقته صلى الله عليه وسلم لليهود أول الأمر ، ثم لما خالفهم لم يهدم موافقته الأولى .
إنه الحرص على الخير ومشاركة الناس في خيرهم أياً كانوا ومفارقة الشر وأهله أياً كانوا .
وتأليف قلوب المخالفين بما لا يخالف الدين ولا يحرم المروءة .



جزاكم الله خيراً جميعاً ...:)