السبت، نوفمبر 22، 2008

ليشهدوا منافع لهم 2 الحج تربية نفسية

2- الحج تربية نفسية


فكم من متعجل يرى النص سهلا والتمكين قريبا : حج فرأى حال المسلمين وضعفهم علي كثرة عددهم ، ولمس عن قرب جهلهم بدينهم : في الطواف يتدافعون ، وفي الصلاة مختلفون ، وفي رمي الجمار مُفْرِطُون ، جُلُ همهم المظهر بينما غاب عنهم حقيقة الجوهر. رأي ذلك كله ؛ فعلم أن الطريق طويل ، وأن الحمل ثقيل ، وأننا في حاجة إلي ثورة ثقافية وعلمية وأخلاقية يقودها القرآن ، وينظم صفوفها أحباب الرسول ،فأعاد حسابته وعاد بعقل جديد .




وكم من يائس قنوط :لايرى لمشكلات المسلمين حلاًولا لأدوائهم دواءً إلا إذا كانت معجزة أو كرامة لا تتأتى من الأرض وإنما تهبط من السماء ، حج فرأي المسلمين قوة لا ينقصها إلا جمع الشمل وترتيب الإهتمامات وتحديد الأولويات .. ثم تنظيم الصفوف .... فعاد من حجه وقد انبعث فيه الأمل وعادت إليه الثقة .


وكم من مغرورمزهو بنفسه معجب بعمله : حج فرأي الألسنة تلهج بما لا يفهم من ذكر وتسبيح ، والألوان كلها قد اجتمعت من أحمر وأسود والأجناس كلها من عرب وعجم : تتنافس في السعى والطواف والرمى والنحر والحلق والتقصير ، قد اختلطت الأصوات بين دعاء ومناجاة واستغاثة ومناداة ، ورأى الناس ما بين راكع وساجد ، وما بين باك وخاشع ، قد خضعت كل الركاب وذلت كل النفوس ، وفوق الكل رب العالمين يسمع الأصوات ويستجيب الدعوات ويلبى الحاجات ، فقال لنفسه : أين أنت من هؤلاء وأين عملك من عملهم وأين بعدك وكيف قربهم؟!..... فعاد بأدب جم وبخشوع وهم .


وكم من سافرة ماكرة .. تكشف الشعر وتبدى النحر.. أحرمت فى ثياب العفة وحجاب الستر والوقاية ورأت نفسها ولأول مرة...... محتشمة . فتذوقت ولأول مرة حلاوته ، وأحست فيه بأنوثتها، وأنه أمن وملاذ يصون عفتها من أعين الذئاب ونظرات المتلصصين، فوجدت فيه ضالتها المنشودة حيث صارت مصونة، فأصرت عليه وأبت أن تعود إلابه ..... فعادت أطهر وأنقى وأعف وأتقى ، فصامت النهار، وقامت اليل ، وقرأت القرآن ، واستغفرت بالأسحار، وبكت وخشعت وتذللت ، ودعت ربها وناجته ، وقلبت وجهها في جنبات الكون وآفاق السماء؛ حتى قالوا:
إنها مجنونة.
وما هو بجنون ، لكن التقوي والاعتبار بالآيات والتفكير في خلق الأرض والسموات
"وتزودوا فإن خير الزاد التقوى"
(البقرة 197)
وكم من متفلت لا يمسك لسانه ، وقد أرخي لنفسه عنانه ، وأفلت من زمامه ، وقف مع نفسه في الحج وقفة ، وقال لنفسه : "إنها فى العمر مرة وقد لاتعود ، فإما أن يكون الرجوع بالأجر والإحسان أو أن عود بالوزر والخسران" ..... فأمسك لسانه وعف قلبه وأنشغل بالذكر والدعاء ، وذاق ولأول مرة ...... حلاوة المعاني وجمال التسامي ، فأخذ بنفسه بها وعاد كيوم ولدته أمه ، ومن الله عليه بالثبات والزيادة ، فصار من أهل الفضل والريادة والسبق والسعادة.

روى البخاري في "صحيحه" عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( من حج لله فلم يرفث ولم يفسق، رجع كيوم ولدته أمه ) وفي رواية له أيضًا: ( من حج هذا البيت فلم يرفث، ولم يفسق، رجع كيوم ولدته أمه ) وعند مسلم نحوه .

هناك 6 تعليقات:

محمد عبد الباسط يقول...

ليا الشرف
1 ان حضرتك تتفضل بزيارة مدونتى المتواضعة كما تشرفت ايضا بتعليقكم على كتاباتى
2 ان اعلق على موضوعات حضرتك الرائعة ويعلم الله ان هذه ليست الزيارة الاولي لمدونة حضرتك
3 انى اكون اول تعليق كمان

جزاكم الله خيرا على الخواطر الرائعة
ولا تنسانا من صالح دعائك
ابنك محمد ( حلم كبير )

على عبدالله يقول...

استاذ توكل
جزاك الله خيرا
انا حاسس انى بقرأ لامام أو شيخ عالم
ربنا يباركلك
على فكرة انا ان شاء الله هاحج هذا العام باذن الله
اسالك الدعاء

جزاك الله خيرا وبارك فيك
وبارك فى علمك
ونفعنا بك

Beram ElMasry يقول...

اخى الحبيب د.توكل مسعود
السلام عليكم ورحمة الله
سلمت من كل مكروه انت من احببت
نفعنا الله بعلمك وجعلنا من الملبين
لا تنسانا فى دعائك

لكل الناس يقول...

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أستاذى العزيز
كتاباتك صارت بستاناً لكل جائع

نفع الله بك
وأتمنى أن أكون من الذين وقفوا مع أنفسهم وقفة تغيير فى زمن لا ينفع فيه إلا التغيير

د.توكل مسعود يقول...

محمد عبدالباسط:
أنا الذي ازداد شرفاً .. حفظك الله ونفع بك :)

جزاك الله خيراً



علي عبدالله:
لا تنسنا من الدعاء هناك .. حج مبرور بإذن الله ..
جزاك الله خيراً .. وبارك فيك:)



أخي وحبيبي بيرم المصري:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
رزقنا الله واياك حبه وحب من أحبه وحب كل عمل يقربنا إلى حبه..



لكل الناس:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خيراً على كلماتك ..نفع الله بنا وبك الإسلام والمسلمين ..

أكون أو لا أكون يقول...

جزاك الله خيرا... استاذي العزيز...