الخميس، يوليو 10، 2008

وجهة نظر ... أم سيد قراره (2)

وجهة نظر....أم سيد قراره (2)
في أبريل 2008

كان اللقاء سمراً ، وكنت في مركز اللقاء لصيقاً بمقدم البرنامج، وكان معد البرنامج يجلس في مقابلتي ، بينما المسؤول الثقافي في أطراف المجلس .
رأيت أدوات اللعب والسباق تتسارع إلي المنضدة التي توسطت المجلس ،وراعني من بينها شمامتانٍ "كنتلوب" متوسطتا الحجم قد كشط قشرهما بمهارة ، وأفرغ لبهما بشطارة ، مع المحافظة علي سلامتهما وكرويتهما ، فعلمت أن من فقرات حفلنا مسابقة في التهام هاتين الشمامتين .

همستُ في أذن الأخ مقدم البرنامج: هل ستجري مسابقة في أكل هاتين الشمامتين ؟!!
قال: نعم .
قلت: ياأخي هذه المسابقات تعبر عن الثقافة الأوربية وتصور أخلاق غير المسلمين ، وقد بدأها الإيطاليون بمسابقات التهام أطبق المكرونة الاسباجتي بغير شوكة ولا ملعقة ، فيضع المتسابق فمه في الطبق ويعقد يديه خلف ظهره ، وقد يتكئ بهما علي المنضدة في هيئة هي أشبه بالحيوان منها بالإنسان .
أما نحن المسلمين فنعلم أن الله كرمنا باعتدال قامتنا وانتصاب خلقتنا "خلقك فسواك فعدلك" (سورة الإنفطار- الآية : 7) وأننا نرفع الطعام إلي أفواهنا بأيماننا ، ولنا في تناول الطعام آداب وأخلاقيات منها : الشعور بالنعمة وشكر خالقها وواهبها ، والاستعانة بها على الطاعة ، والخوف والوجل من زوالها ، ثم إن التنافس على المآكل والمشارب طبع الحيوان وسمت البهائم ، وأن هذه المسابقات وإن أضحكت الحضور إلا أنها ازدراء للنعمة وتنافس في النهمة ، وإني بعد ذلك كله أطلب منك عدم إجراء هذه المسابقة وإلغاء هذه الفقرة من البرنامج .

طار الأخ مقدم البرنامج إلى معده فهمس في أذنه ثم طار هذا إلى المسؤول الثقافي فتهامسا . لم أدر على أي شيء اتفقوا ، إلا أنني فوجئت وفى آخر الوقت بالشمامتين تعلوان المنضدة في إناء مستطيل.
تقدم أخوان كريمان وعقد كل منهما يديه خلف ظهره" وهو شرط التسابق حتى النهاية" ، انكب كل منهما على شمامته فاصطدمت الرأسان وتناطحا فاحتفظ أحدهما لنفسه بالمنضدة ، وطارت شمامة الآخر على الأرض ، واشتد البأس بينهما :
أحدهما راكعا ً على المنضدة منحنيا ً ظهره ....
"كالمعلوفة"
والآخر منبطحا ً على الأرض منكفئا ًوجهه .... "كالسائمة"
وكلاهما يداه معقودتان خلف ظهره
واحمرت الحدق وحمي الوطيس
وفازت المعلوفة على السائمة

وصفق الجميع
وقفت وقلت ما عندي وبصوت ملأ الساحة وغمر المساحة ... ما زدت على الذي همست به في أذن مقدم البرنامج أولا ً
مر يومان بعدها ... واللقاءات عابرة ، والتحيات فاترة ، والنظرات شاذرة .
قلت لنفسي : أكسر الحاجز وأعبر الصمت وأخترق الجمود .
انطلقت إلى الأخ المسؤول الثقافي وقلت له بعد السلام والتحية :ما رأيك في الذي حدث منذ يومين ؟!
قال : أنت مخطئ .
قلت : نبهت قبلها وأرشدت إلى عدم الجواز .
قال: انتظر حتى نلتقي بعدها ونتحاور.
قلت : إذا كان المنكر علانية وعلى الملأ فلا بد أن يكون الإنكار على نفس المستوى.
قال : ليست القضية جنة و نار، ولم نصل إلى مستوى الحلال و الحرام بعد .
قلت : إذا كان هذا في حق العامة ففي حق الدعاة تختلف مقادير الأعمال ، وقديما ً قالوا:
" حسنات الأبرار سيئات المقربين "
قال: لقد صارع النبي صلى الله عليه وسلم ركانة وفاز عليه ، وهذه مسابقة ،وكذلك تسابق الصحابة في الأكل ، وقال عمر للنبي صلى الله عليه وسلم : "إنك لأكول يا رسول الله " .
قلت :ما ذكرتَ من الاستدلالات فاسدة ولا علاقة لها بموضوعنا من قريب ولا من بعيد ، وقضية التسابق والتنافس في المآكل والمشارب مرفوضة شرعا ً وعرفاً وعقلاً.ً
قال : هكذا أنت دائما ً متمسك برأيك ، وتعتبر وجهة نظرك شرعا ًودينا ً.قلت في نفسي :
رمتني بدائها وانسلت
في الأسبوع التالي كانت حفلة السمر على مايرام ويطلب ، قبلت رأسه ويده
وقلت له : هكذا نفعل مع المحسنين .
وقلت في نفسي : وكذلك نصنع مع المسيئين .
ولكن السؤال يدوي في أذني : هل سنمكث عقدا ً آخر من الزمان حتى يتبين لنا أن التسابق والتنافس في المآكل والمشارب على ما ذكرت ؟؟ ومن لي بحسم هذه المسألة ؟!


وقد يكون للحديث بقية :)

هناك 6 تعليقات:

اسلام صديق يقول...

استاذي الفاضل دكتور توكل

سعدت جدا بهذه المدونة الرائعة

فنحن الشباب نحتاج جدا الي التواصل

مع اساتذتنا وعلمائنا حتي يوجهونا ويرشدونا الي الطريق القويم


انا ساعلق علي الموضوعات الفائتة

اولا بالنسبة لموضوع الملصقات انا اتفق معك تماما في ماذكرت وقد كانت بعض الملصقات واللوحات تجعلني متضايقا تماما
من اسلوبها واود ان يتم مراجعة هذه اللوحات والبوسترات من المتخصصين
حاجة تانية اختلف مع حضرتك في ان اللوحات لازم تكتب بالفصحي
اظن العامية تكون اقرب للناس واستخدام الصور والالوان لجذب الانتباه

كنت اتذكر ان الاخوة كانوا عاملين دعاية لحضرتك اثناء الانتخابات
مكتوب عليها ياقومنا اجيبوا داعي الله
انتخبوا الدكتور توكل اظن استخدام الاية كان في غير موضعها بالمرة وينم عن خلل في الفهم


بالنسبة لموضوع الحجاب اظن ان الخطا في انتشار ذلك النموذج نحن ساهمنا فيه
لان التركيز اثناء حملتنا كان علي تغطية الشعر واستثارة المشاعر الغرائزية لا الدينية في بعض الاحيان عند الاباء لتحجيب فتياتهم فظهر ذلك النموذج الذي اعتبر شرف البنت هو غطاء الراس ولم يركز علي اخلاقها وعفتها وحياءها اقترح تصحيح المسار والتركيز اولا علي بناء المعاني الاخلاقية قبل الظاهرية
اضرب مثال لذلك
اشهر عبارة كانت تستخدم عن الحجاب
فتاة بلاحجاب مدينة بلا اسوار
ليس فيها اي قيمة دينية اظنها اقرب الي ان تكون شتيمة

اخيرا دكتور توكل اني احبك في الله

ويسعدني التواصل معك

د.توكل مسعود يقول...

أخى الحبيب / الأفغاني

أحبك الذي أحببتني فيه

سعدت بمرورك الكريم وبتعليقك

ويسعدني أيضاًالتواصل معك

والله من وراء القصد؛

abonazzara يقول...

سيدي وأستاذي
كنا في الماضي نبكي في حفلات السمر
وكنا نستأذن بعدها ألا ننام وانما نذهب الى المصلى أو على الأقل الخدمة من فورة الشحنات الإيمانية التي أخذناها في حفلة السمر
كانت حفلات السمر تغذي العقل والروح معا
وكان القائمون على إعدادها يختارون من خيرة الموجودين وأعلمهم
أما الآن فيبدو أن ثقافة الاستسهال والاستهبال التي تسود المجتمع هي السائدة عندنا أيضا
لقد عرفنا سيد قراره في مجلس الشعب يحقق مصالح النظام ومصالح أسياده فيه ، ولكن سيد قراره عندنا يحقق مصلحة من ؟
لمصلحة من نقتل التقوى في نفوس من نربيهم ؟
لمصلحة من نهون من شأن المكروهات أو الشبهات في نفوس من نلي أمرهم ؟
لمصلحة من نحشد الناس الى طاعة ثم نصر على غمسها بمعصية ؟
أسئلة كثيرة دارت في ذهني عند قراءتي لهذه التدوينة لأني مررت بمثلها عدة مرات
والحل ياسيدي ألا نيأس أبدا وأن نقاتل من أجل نشر الحق وحشد الناس حوله
والله من وراء القصد
تقبل تحياتي واحترامي

abonazzara يقول...

سيدي الفاضل
تعليق سيادتكم القيم عن الشيعة في مدونتي ، أقترح أن أقوم بنشره في موضوع مستقل باسم سيادتكم ، أو تقوم سيادتكم بنشره على مدونتكم ، فحرام أن تدفن هذه المعلومات القيمة في تعليق
أنا في انتظار معرفة رأي سيادتكم حتى أبدأ في التنفيذ
جزاكم الله خيرا
تقبل تحياتي واحترامي

د.توكل مسعود يقول...

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أخي الحبيب :أبو نظارة
جزاكم الله خيرا ً على متابعتك واهتمامك ، ويمكنك نشر التعليق بالطريقة التي تروقك :)
والله من وراء القصد؛
د/ توكل

غير معرف يقول...

اخى ابونضارة:نحن بحاجةالى دعاةيمتازوا بالرحمة والمودةوليس لجندى قاسى فى ساحة معركةتغييرالسلوك مش محتاج لقتال.ولكن بالصبروبعدين من مناخالى من العيوب.اعتقداننا محتاجين لتغييرانفسنااولا.والاجتهادفى توصيل دعوة للاصلاح ثانيا.دعواتى لى ولك بإصلاح انفسنا.