الخميس، فبراير 05، 2009

غربة والعود أحمد 1 لحظة الرجوع

إهداء إلى :

كل من تجرع مرارة الغربة ... وذاق طعم الفراق ..






غـــــــــربة ..... والعـود أحـــــــمد (1 )





أوتي النبي صلي الله عليه وسلم جوامع الكلم، وترك لنا- صلي الله عليه وسلم- ثروة ضخمة من الأحاديث والسنن في الإيمانيات والمعتقدات وفي العبادات والمعاملات والأخلاق ....... ومن أروع ما ترك لنا- صلي الله عليه وسلم- تلك الأحاديث التي يضعك فيها النبي صلى الله عليه وسلم أمام نفسك أوأمام تجربة بشرية صرفة....... مر بها الناس فتذوقوا حلاوتها....أوتجرعوا مرارتها، فحكمواجميعا عليها حكما واحدا....... إنه صلي الله عليه وسلم فى هذا اللون من جوامع الكلم ... لا يأمرك ولا ينهاك ولا يحذرك، وإنما.... يضعك أمام نفسك.... وأمام التجربة.... ثم يدعك تتخذ القرار....

هو حديث متسلسل، ومفاده أن الرسول صلى الله عليه وسلم أداه بهيئة معينة، فيستحبون لراويه أن يؤديه بنفس الهيئة.

فعن ابن عمر رضى الله عنهما: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنكبى فقال:

" كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل " رواه البخارى


كم كنت أتمنى أن آخذ الآن بمنكبيك....... كما أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنكبى ابن عمر، وأن أهزك هذه الهزة الرفيقة........ والتى هى من لوازم الأخذ بالمنكبين.

هو...... لا يقول لك : اصنع كذا.... أو: اترك كذا.... أو: احذر من كذا.... ولكن لتقرر أنت بنفسك .

ماذا تأخذ....... وماذا تترك ؟!
ماذا تحذر...... وماذا تصنع ؟!


الغريب: في حلقه مرارة..... يقوم بها وتقعد معه.... تنام بعده وتصحو قبله.
قد يشارك الناس مرحهم...... وهم يظنون أنه مثلهم يتذوق حلاوة المرح!!! .... يبتسم والدمع في عينيه..... تنام الناس ملء أجفانها، وهو أيضا ينام ولكن.... من ألم السهد.... ومشقة السهر..... ومن تعب البدن بعد طول تقلب في الفراش.
الغريب:
في لوعة دونها لوعة اليتيم والأرملة والثكلي.....
إذ أن كل واحد من هؤلاء فقد واحدا.... أما الغريب فقد..... فقد الجميع...... فقد الوعاء الذي يحوي الجميع.
الغريب: كل همه...... الرجوع، وكل أمله.....العودة، وكل فكره....... الإياب، وإن لم يكن هناك مكسب غيره.


ولقد طوفت بالآفاق حتي رضيت من الغنيمة بالإياب


الغريب: جسده في دار غربته، أما القلب والعقل والفكر والحب والمشاعر والوجدان فهناك.... في الوطن .
نعم هناك... حيث كانت أول خطوة..... وأول سكني..... وأول ضمة...... وأول لقمة...... وأول بسمة...... وأول ضحكة..... وأول صحبة.... وأول فرحة..... كانت هناك.


نقل فؤادك حيث شئت من الهوى ماالحب إلا للحبيب الأول

كم منزل في الأرض يألفه الفتي وحنينه دوما لأول منزل


الغريب في دار غربته: متقلل من المتاع، زاهد في الفراش، متخفف من الأحمال إلا بقدر مايقيم أوده ويلملم شمله ويقضي مأربه....... لكن هناك في الوطن.... هناك فاخر الأثاث والفرش والرياش؛ يبني البيت ويحلم هناك بالقصر.


يوم أن يحلم الغريب أن دار الغربة صارت وطنا .... يحكم عليه بالغباء ،
ويوم لا يكون عنده فرق بين دار الغربة والوطن يقولون: ليس عنده وفاء.


دخل رجل علي أبي الدرداء رضي الله عنه فنظر في أرجاء بيته فرأي متاعاً قليلاً وفراشاً حقيراً وأثاثاً بالياً ..... فقال: ألا تصلحون متاعكم ؟!
فقال أبو الدرداء رضى الله عنه : لنا دار أخري نرسل إليها صالح متاعنا. فقال الرجل: ولكن لابد لكم من متاع هاهنا. فقال أبو الدرداء رضى الله عنه: إن صاحب الدار لايدعنا فيه......... ففهم الرجل .
الغريب:
إذا قرر العودة لم يتراجع .... ولم يتوقف...... ولم يلتفت.... ولم يأبه.... وكلما اقتربت داره..... وحان قراره.... أسرع وانطلق...تسبقه إلي وطنه روحه.... وترنو هناك عيناه.... يود لو أنه في كل خطوة وضع قدمه عند منتهي بصره.

كنت في غربة من بعد غربة ، وكنت أذهب اتسوق وبصحبتى بعض أصدقائى..... فكنت كلما هممت بشراء شئ سألوني: هذا تستعمله هنا أم تأخذه معك هناك..... هذا يصلح هنا ولكن لايصلح هناك....... هذا يصلح هنا ويصلح هناك...... هذا لا يصلح هنا.... ولاهناك.

كان لنا جار من أهل البادية يقول لى
: كنا نركب البعير من الرياض إلي الإحساء لنحمل التمر من هناك، نقطع المسافة في سبعة عشر يوما ذهابا وفي خمسة عشر يوما إيابا...... ظننت أن الرجل نسي أوأ خطأ أو التبس عليه الأمر... فقلت مصححا: تقصد خمسة عشر يوما في الذهاب لأنه "فاضى " وسبعة عشر يوما في العودة لأنه "محمل "..... فقال الرجل بملء فيه وبرأسه وبسبابته: لا،.... يروح "فاضى" في سبعة عشر يوما، ويرجع "محمل " في خمسة عشر يوما،
ثم أضاف موضحا وشارحا: "البعير فرحان، يدري أنه راجع بلده، يكاد يطير، مايحب أن يقف ".

وهكذا الغريب........ أسعد لحظاته: لحظة الرجوع ..... وكل خطوة تقربه من وطنه هي خطوة سعادة وفرح.......... وليس البعير بأولي منك.



وللحديث بقية؛

الخميس، يناير 29، 2009

بين الصبر . . . والمصابرة

استراحة قصيرة
بين الصبر . . . والمصابرة
قال تعالى :
" يا أيها الذين آمنوا
اصبروا وصابروا
ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون "
آل عمران200
الصبــــر مــــــــــــــوقـــف . . . أما المصابرة فهي مبدأ .
لــذا كــان للـصـبــر حــدوده . . . أما المصابرة فلا حدود لها .
وكـــــان الــــصــبر نعمــــة . . . أما المصابرة فهي هبة .
وكان الصبر مقام الصالحين . . . و المصابرة فهي مقام الشهداء والصديقين .



الـــصــابــر
قدلايُنازعه أحد . . . ولكن المصابر فكثر ُ هم منازعوه .
الصابر قد يجزع وهو متجلد . . . أما المصابر فهو محتسب بلا جزع .
الصابر يتجرع مرارة الصبر . . . أما المصابر فإنه يجد حلاوته .


الصابر يرضى عند البلاء . . . ولكن المصابر يفرح به .
الصابر يرى البلاء طهرة من الذنوب . . . و المصابر يدنيه البلاء من المحبوب .
الصابر يرجو العاقبة . . . أما المصابر يراها ويلمسها .
الصابر إذا انقشع عنه الغبار اكتفى . . . و المصابر إذا انقشع عنه الغبار. . . أثار هو غباراً آخر .
الصابر تغبر قدماه ويعفر نعلاه . . . أما المصابر فتغبر رأسه ويعفر وجهه .
الصابر لا يفر من عدوه وإن زحف عليه . . . والمصابر يزحف نحو عدوه . . . فر منه أو زحف إليه .
الصابر إذا أغدق عليه رآها نعمة فحمد وشكر . . . والمصابر إذا أغدق عليه رآها فتنة . . . فخشي وكان على حذر .
الصابر يحمل هم الذين يعرفهم ويعرفونه . . . والمصابر يحمل هموم الذين يعرفهم . . . ولا يعرفونه .
الصابر قد يهنأ بالحياة . . . أما المصابر فلا يهنأ إلا بالموت .
وأخيراً . . . . . . .
كل مصابرٍ . . . صابر

وليس كل صابر . . . مصابراً
وابقوا معي ؛

الجمعة، يناير 23، 2009

هذا تأويل رؤياي ....لسعة وقروح

هذا تأويل رؤياي







أصاب المسلمين في أحد مصيبة الإنهزام فسماها الله " قَرح" بفتح القاف وفي قراءة " قُرح " بضم القاف وهما لغتان في الكلمة .


وأنزل الله قرآناً يعزي المسلمين في مصيبتهم : " وإن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله ..... " آل عمران 140



وفي اليوم التالي مباشرة لغزوة أحد دعا النبي صلى الله عليه وسلم المؤمنين الذين كانوا معه في أحد للخروج لملاقاة المشركين في "حمراء الأسد" فهبوا ملبين نداء النبي صلى الله عليه وسلم ونسوا مصيبتهم وجراحاتهم وآلامهم فعوضوا بنصرهم في حمراء الأسد هزيمتهم في أحد ، ونزل القرآن يخبر عن ذلك الموقف الرائع :



" الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم . الذين قال لهم الناس ......." آل عمران ( 172 - 173 )



إن لسعة البعوضة هي آلام غزة ومحنتها وهي لا تمثل شيئاً بالنسبة لقروح كثيرة وجروح غائرة في جسد أمتنا نسيناها لطول الأمد وفقدنا الإحساس بها لبعد الزمن من سقوط خلافتنا إلى ضياع هويتنا إلى تشرذم دولنا وتفرق كلمتنا إلى عجز علمائنا وخيانات حكامنا ثم ضياع الأندلس والبلقان إلى نكبة فلسطين ثم احتلال العراق وأفغانستان مروراً بمذابح دير ياسين وبحر البقر وصابرا وشاتيلا .... كل هذه القروح أصابت جسدنا لكننا نسيناها وماعدنا نشعر بها .. لكن تلك اللسعة التى هي آلام غزة ومحنتها قد ذكرتنا بذلك كله وأعادته إلى مخيلتنا وأعادت في نفس الوقت الأمل لتجاوز ذلك وعلاج كل ما مضى بتلبية نداء الله ونداء رسوله بالجهاد في سبيله ... جاء الداع ودعا فوضعنا أيدينا في يده وانطلقنا غير عابئين بجروحنا وقروحنا وآلامنا ... ولن نعود بعد هذه الإنطلاقة إلا بنعمة من الله وفضل .



والله أعلى وأعلم ؛



تنبيه : خشيت بعد هذه المقالة وسابقتها أن تتحول مدونتى "بلاوطن" إلى مدونة لتفسير الأحلام وهذا باب لا أحب ولوجه خصوصاً على المدونة حتى لا تفقد لونها وطعمها وعبقها فإن كان شيء من ذلك ضرورياً فليكن على البريد الإلكتروني :

dr_tawakul@hotmail.com

السبت، يناير 17، 2009

أفتوني في رؤياي لسعة وقروح

أفتوني في رؤياي .....


ذات مساء لسعتني بعوضة في مقدم ظهر قدمي اليمنى ، فأحدثت في موضع اللسعة احمرارً ونورماً طفيفاً وألماً لم أحفل به ..
أويت إلى فراشي .. فرأيت فيما يرى النائم :
رأيت أني مشغول بموضع تلك اللسعة وأنني أتحسسه وأتفحصه ، وبينما أنا كذلك إذ وقع بصري على قرحة عميقة غائرة بأسفل ساقي فوق الكعبين ، رفعت ثوبي فإذا قرحة أخرى ... ظللت كلما رفعت ثوبي تكشفت قرح أخرى حتى بلغ ثوبي ركبتي ، فإذا ساقي اليمنى قد تناثرت فيها القروح يميناً ويساراً .. قروح عميقة غائرة تامة الاستدارة ذات حجم واحد مصبوغة كلها بلون الدم وبينما أنا كذلك اذ سمعت صوت داع يدعوني فنظرت فإذا رجل لم أتبين ملامح وجهه ... أرخيت ثوبي على ساقي المتقرحة وقمت إليه فوضعت يدي اليسرى في يده اليمنى وانطلقنا ....


ثم فتحت عيناي ؛




لقد تأولت ذلك .... ولكني أحب أن أستمع إليكم أولاً فلا تبخلوا على بالمشاركة .... أسأل الله أن يمن عليكم بحسن التأويل .


الأحد، يناير 11، 2009

مبروك عليكم المزبلة .....



صرح جورج بوش .. بأن الصراع بين إسرائيل وحماس هو جزء من الصراع بين جهة الإعتدال ؛ وتمثلها أمريكا وإسرائيل ومصر والأردن والسعودية .. وبين جهة التشدد ؛ وتمثلها حماس وإيران وسوريا ..

الأربعاء، يناير 07، 2009

صيام عاشوراء بين ماض زاهر ودرس حاضر 2

صيام عاشوراء .. بين ماض زاهر .. ودرس حاضر( 2 )



"كان يهود خيبر يصومون عاشوراء ... يتخذونه عيداً ويلبسون نساءهم فيه حليهم وشارتهم " رواه مسلم .

وكان النبي صلى الله عليه وسلم في مبدأ أمره يشارك أهل الكتاب ويوافقهم مالم يمنعه الوحي ... تأليفاً لقلوبهم من ناحية ... و إخماداً لنار العداوة والبغضاء في نفوسهم من ناحية أخري كما كان صلي الله عليه وسلم ماهراً في جذب القلوب واستمالة النفوس ... بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم ... ويعلم كم يكون أثر المشاركة عظيماً ... وأن مشاركة ساعة خير من موعظة دهر وأن درهماً من المعايشة خير من قنطار من الخطب والأحاديث .... ومن ذلك أنه صلى الله عليه وسلم كان يفرق شعر رأسه من منتصفه يميناً ويساراً علي عادة أهل مكة .... فلما هجر إلي المدينة وجد الأنصار يرسلون شعورهم فأرسل شعره علي عادتهم فلما كان يوم فتح مكة فرق شعره .... تأليفاً لقلوب قريش واستدعاءً لمودتهم .

كانت هجرة النبي صلى الله عليه وسلم في ربيع الأول .. فلما كان المحرم من السنة الثانية لهجرته صلى الله عليه وسلم وكان صيام عاشوراء ولأول مرة واجباً .... ثم فرض الله صيام رمضان في نفس السنة الثانية من هجرته صلى الله عليه وسلم .....
" فلما فرض رمضان ترك يوم عاشوراء " أخرجه البخاري عن عائشة رضي الله عنها ومسلم عن عبد الله بن مسعود .
ومعناه :
ترك وجوبه وبقي استحبابه .

وكان النبي ص حريصاً ألا يغفل الناس صيام عاشوراء بعدما فرض رمضان فحثهم عليه حثاً شديداً
ففي صحيح مسلم عن أبي هريره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " أفضل الصيام بعد رمضان : شهر الله المحرم " وفيه عاشوراء


في صحيح البخاري عن أبن عباس رضي الله عنه : مارأيت النبي ص يتحري صيام يوم فضله علي غيره إلا هذا اليوم : يوم عاشوراء وهذا الشهر : يعني شهر رمضان " وقد أخبر صلي الله عليه وسلم "أنه يكفر سنة " رواه مسلم .


توالت الشهور ... والأعوام ....في مدينة رسول الله ص وبدأت الشريعة الغراء تسن للمسلمين سنناً وتشرع لهم شرائع تميزهم عن غيرهم .... وفي نفس الوقت وبمرور الزمان بدأ المسلمون "أنصارا ومهاجرين" يكتشفون خيانة اليهود ونذالتهم وبغضهم للنبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين .... فكانت سفالة بني قينقاع وخيانة بني النضير وغدر قريظةونكول خيبر ..
وكان النبي ص حريصا علي أن يكون المسلمون
"كالشعرة البيضاء في الثور الأسود " أو" كالشعرة السوداء في الثور الأبيض " صحيح مسلم .


فكان المسلمون كثيرا مايسمعون النبي صلى الله عليه وسلم يأمرهم بمخالفة اليهود والنصاري والمشركين ، فتارة يقول " خالفوا اليهود صلوا في نعالكم فإن اليهود لا يصلون في نعالهم " رواه أبو داوود

ومرة يقول: "خالفوا المشركين اعفوااللحى وأحفوا الشوارب " رواه البخاري

ثم يقول : "من تشبه بقوم فهو منهم " رواه أبو داوود


وصارت هذه الصورة أوضح ما تكون باكتمال الدين وتمام الشريعة .... وبعد حجة الوداع في السنة العاشرة من الهجرة .... وفي المحرم من السنة التي توفي فيها النبي ص وبينما هو يذكرهم صلى الله عليه وسلم بصيام عاشوراء .. إذا انبرى بعضهم فقال: " يارسول الله هذا يوم تعظمه اليهود والنصاري فقال صلي الله عليه وسلم : صوموه أنتم " صحيح البخاري
ثم قال ص : لئن بقيت لقابل لأصومن التاسع " أخرجه مسلم
عن ابن عباس
وقال : خالفوا اليهود ، صوموا يوما قبله أو يوما بعده " رواه أحمد عن أبن عباس
فكأن النبي ص حقق هدفين: هدف المشاركة في الحق الأصيل الذي لا نختلف معهم فيه بل نحن أولي به منهم " نحن أولي بموسي منكم " ثم أنه صلي الله عليه وسلم حقق هدفاً آخر وهو : المخالفة .... حتي يصير المسلمون متميزون غير مقلدين ، فخالف اليهود بصيام يوم قبله أو بعده ، وأمر المخالفة محمول علي الأستحباب لا علي الوجوب .


فصار صيام عاشوراء مراتب ودرجات :


1- كان في مبدأ أمره واجباً ولسنة واحد ولمرة واحدة .
2- ثم صار صيامه مستحبا..... ودرجات استحبابه كالتالي :
اعلاها صيام التاسع والعاشر
ثم صيام العاشر والحادي عشر
وأدناهاصيام العاشر وحده ، إذ أن صاحبه عمل مستحباً وهو صيام عاشوراء ، وترك مستحباً آخر وهو مخالفة اليهود والنصاري .


لكن العام المقبل .... لم يقبل .... حتي توفي رسول الله صلي الله عليه وسلم
بأبي هو وأمي
صلوا عليه وسلموا تسليما


هذا هو الماضي الزاهر...

فما هو الدرس الحاضر؟؟؟


هذا ما أحب أن أسمعه منكم أولا..

الجمعة، يناير 02، 2009

عاشوراء بين ماض زاهر ودرس حاضر 1

عاشوراء .. بين ماض زاهر .. ودرس حاضر( 1 )




عاشوراء .... هو يوم العاشر من المحرم ، فهو عاشر يوم في تأريخ الشهور ... إذ محرم أول الشهور. استوت سفينة نوح علي الجودي .... يوم عاشوراء – وهبط نوح بسلام وبركات عليه وعلى أمم ممن معه "فصامه نوح" أخرجه الإمام أحمد عن ابن عباس .

ومرت العصور وكرت الدهور ... وأرسل الله موسى إلى فرعون .. " فعصى فرعون الرسول فأخذناه أخذاً وبيلاً" المزمل ( 16) . فأنجى الله موسى وبني اسرائيل وأغرق فرعون وجنوده وكان ذلك يوم عاشوراء ،" فصامه موسى " أخرجه البخاري عن ابن عباس " وكانت اليهود تعده عيداً"
أخرجه البخاري عن أبي موسى الأشعري .

أرسل الله عيسى بن مريم إلى بني اسرائيل
" مصدقاً لما بين يديه من التوراة وآتيناه الإنجيل فيه هدىً ونور ومصدقاً لما بين يديه من التوراة .... " المائدة ( 46 )
فلم تنسخ الإنجيل التوراة ، وصام عيسى عاشوراء تبعاً لصيام موسى وصامه النصارى إذ التوراة عندهم أصل وهي مرجعهم في الأحكام الفرعية .

كل ذلك والعرب في شبه الجزيرة أمة أمية لا يقرأون كتاباً ... ولا يتبعون رسولاً .. ولا علاقة لهم بتاريخ الأنبياء وسيرة المرسلين إلا من جهتين :
الأولى :
تقديسهم لبيت الله الحرام بمكة المكرمة وإدراكهم إدراكاً تاماً أن هذا البيت بيت الله لا مرية في ذلك .. وإن عبدوا الأصنام .. وأن احترام هذا البيت وتقديسه وصيانته وعمارته ورعاية زائريه وخدمة حجيجه دين لا يغفر الله لمتهاون فيه ولا يرحم مضيعاً له .

والثانية :
إدراكهم أن اليهود أهل كتاب وقد سبقت فيهم بنوات فهم "أهل العلم" .. فكان اليهود مرجعاً دينياً تستفتيهم قريش في كل ما عمي عليهم مما يعتقدون أنه دين ويسألونهم عن كل ماغم عليهم مما ليس لهم إليه سبيل .

أذنبت قريش ذنباً في الجاهلية فعظم في صدورهم فأرسلوا إلى اليهود يستفتونهم : ما كفارة ذلك فأفتاهم اليهود: صوموا يوم عاشوراء ... فصامت قريش عاشوراء وصارت تعظم هذا اليوم فكانت تكسو الكعبة فيه .

توالت الأجيال... وقريش تصوم عاشوراء... وربما نسوا السبب والدافع والمبرر.... ونسوا الفتوى والمرجعية..... كعادة الناس لما يطول عليهم الأمد فينسون الأصل والأساس..... والدليل والبرهان... والسبب والعلة..... ولا يبقى إلا الظواهر والرسوم.... وتلك علة كل إشراك... وسبب كل ابتداع... ومبرر كل معصية وكل غفلة..... ولنا معها حديث آخر إن شاء الله .

نشأ النبي صلى الله عليه وسلم في قريش سوى الطبع، عظيم الخلق، نقي الفطرة، سليم الطوية، فكان يشارك قومه في مكارم أخلاقهم وجميل أعمالهم ومحاسن عاداتهم... ثم أنه كان يفارق رديء الصفات وخبيث الفعال وسيء العادات.... فصام معهم عاشوراء... وظل يصومه صلى الله عليه وسلم حتى بعث.... ويصوم معه المسلمون.... وحتى هاجر صلى الله عليه وسلم إلى المدينة... وهناك رأى اليهود تصوم عاشوراء.....

"فقال ماهذا ؟ قالوا : هذا يوم صالح، هذا يوم نجى الله فيه بني إسرائيل من عدوهم، فصامه موسى . فقال صلى الله عليه وسلم: "أنا أحق بموسى منكم، فصامه وامر بصيامه"
اخرجه البخاري عن ابن عباس .

لم يضيع النبي صلى الله عليه وسلم الفرصة فأرسل رجلاً من أسلم: "أن أذن في الناس؛ أن من كان أكل فليصم بقية يومه ومن لم يكن أكل فليصم فإن اليوم يوم عاشوراء"
أخرجه البخاري عن سلمة بن الأكوع .

فكان صيامه بالنسبة للنبي صلى الله عليه وسلم والمهاجرين استمراراً لما كانوا عليه قبل الهجرة وإن تجددت النية وصلح القصد... وصامه الأنصار ابتداءً إذ لم يكن لهم به عهد.. وكان صيامه آنذاك واجباً ....


وللحديث البقية ؛