الأحد، مارس 08، 2009

المسألة السودانية... والبلطجة الأمريكية.

المسألة السودانية... والبلطجة الأمريكية.


فى الرابع من شهر مارس الجارى صدر قرار" المحكمة الجنائية الدولية" باعتقال الرئيس السودانى "عمر حسن البشير" لاتهامه من قبل المحكمة المذكورة بارتكاب جرائم حرب فى صورة إبادة جماعية وتطهير عرقى ضد المتمردين فى دارفور.
.
.
"المحكمة الجنائية الدولية" هى "الولايات المتحدة الأمريكية" أو "عصابات السطو الأمريكية" كما أحب أن أسميها" و"أمريكا" هى" مجلس الأمن"، و"مجلس الأمن" هو"إسرائيل"، وقد صرح "باراك حسين أوباما" رئيس "عصابات السطو الأمريكية" -أسود القلب- أن "أمن إسرائيل" هو "أمن واشنطن"، وهى أول مرة يصرح فيها رئيس أمريكى بهذا الوضوح أن "إسرائيل" هى "أمريكا" وأن "أمريكا هى إسرائيل".
.
.
"الحكومة السودانية" أتت من أول يوم مخالفة للرغبة الأمريكية والخطة الإسرائيلية لتفتيت "السودان"، فقد كانت القوات المتمردة الآتية من الجنوب بزعامة "جون جارانج" على مشارف الخرطوم قبل قيام الثورة بأيام، وكان "جون جارانج" قد أعلن لجنوده محفزا ومشجعا أن نساء "الخرطوم" حل لهم حال دخولهم إياها.
.
.
استطاعت "ثورة الإنقاذ" دحر قوات "جون جارانج" وفر الكثيرون منهم بما فيهم قياداتهم إلى الدول المجاورة.
.
.
لم تستطع "أمريكا" إرغام أنف "السودان"، فلجأت إلى العقوبات الاقتصادية من ناحية وإلى إثارة النعرات العرقية والدينية من ناحية أخرى فأثارت الجنوب الوثنى المسيحى، وأغرت ضعاف النفوس من الذين يحملون أسماء المسلمين فى "دارفور"، وحركت "أبناء النوبة" فى شمال السودان وجنوب مصر.
.
.
"أمريكا" تريد تقسيم "السودان" لإضعافه..... نعم.
لنهب ثرواته وبالذات البترول واليورانيوم... نعم.
للسيطرة على منابع النيل..... نعم.
للحيلولة دون قيام دولة قوية فى هذه المنطقة تتمتع بأراض عالية الخصوبة يكفى إنتاجها لإطعام الدنيا كلها، سماها خبراء الإنتاج الزراعى: "سلة غذاء العالم".... نعم.
.
.
إن "أمريكا" تريد إثارة الفتن فى بلاد المسلمين وإغراق هذه البلاد فى حروب مستمرة تضمن لأمريكا ولإسرائيل دوام ضعف هذه البلاد من ناحية وانشغالها عن قضيتها الأصلية وهى قضية فلسطين من ناحية أخرى.
.
.
ماأسهل أن تثار الفتنة فى "مصر" وفيها أقلية مسيحية يتطلع "قساوستها وكهانها" إلى إقامة دولة مسيحية فيها تكون عاصمتها "الإسكندرية" ... يعنى احنا هنبقى من سكان العاصمة.... فى المشمش.... على رأى بيرم المصرى.
وفى مصر أيضا جماعة عرقية مهضومة الحق مهانة فى الإذاعة والتلفزيون غرقت بلادهم فى جنوب أسوان عند بناء السد العالى وتمزقوا كل ممزق وهم اليوم ينادون بأبسط حقوق الآدميين ألا وهم أبناء النوبة.
.
.
وماأسرع أن تثار الفتنة فى "الجزيرة العربية" وبها أقلية "شيعية" تتركزفى مدينة النبى صلى الله عليه وسلم وعلى الشاطىء الغربى للخليج العربى... أو الفارسى كما تسميه "إيران"...... وبالذات فى مدينتى "الإحساء" و"الهفوف"، وقد حدثت منذ أسبوعين أحداث عنف ومصادمات بين الشيعة والشرطة فى المدينة المنورة.
.
.
وماأسهل أن تثار الفتنة فى "تركيا" التى أصبحت حكومتها ترنو نحو الإسلام وتترس بالشعب المسلم فى مواجهة الجيش العلمانى ولم يعد الجيش قادرا على الإطاحة بالحكومة فى ظل سياسة ذكية حرمت الجيش من مبررات الإطاحة بها..... وفى "تركيا" جماعة عرقية كردية تمثل نحو عشرين بالمائة من سكان تركيا يتطلعون دوما إلى لم شملهم فى دولة واحدة "كردستان" والتى مزقها الإنجليز بين ثلاث دول هى العراق وسوريا وتركيا،... البرلمان التركى يمنع التحدث تحت قبته بغير اللغة التركية... منذ أسبوعين قام أحد النواب الأكراد ليتحدث فى البرلمان... بدأحديثه باللغة التركية ثم انتقل فجأة وبدون مقدمات إلى اللغة الكردية فثار البرلمان التركى ، وقام باقى النواب الأكراد وعددهم عشرة نواب ليدعموا أخاهم الكردى... أليست هذه بداية فتنة؟.
.
.
وماأسهل أن تمد أمريكا الأقليات المتمردة بالمال والسلاح، وماأكثر الخائنين الذين يرحبون بذلك ويتنادون إليه. والمقابل أن تضع أمريكا بعد ذلك أقدامها وتحط رحالها فى تلك البلاد بدعوة من أبنائها وبترحيب شديد من أهلها،... ولا حرب ولادياولو.
.
.
فإذا أراد حكام بلاد المسلمين قمع الفتنة وإخماد نارها... فقاتلوا المتمردين وشردوا العملاء والخائنين وأدبوا المارقين وصمموا على حماية دولهم من التفرق والتشرذم.... إذا أرادوا ذلك اتهمتهم "أمريكا" التى هى "محكمة الجنايات الدولية" بالإبادة الجماعية والتطهير العرقى وصدر قرار باعتقالهم، وأصبح حكام المسلمين بين شقى الرحى، أوبين خيارين أحلاهما مر، أو بين نارين.... إما المضى قدما فى قتال المتمردين والمارقين حفاظا على وحدة الأمة ثم تعرضهم للاعتقال والمحاكمة، أو الرضا بالأمر الواقع والخضوع للعملاء والخونة والاستسلام للمنشقين والقبول بتقسيم البلاد، ذلك المسلسل الذى ماإن يبدأ حتى يستمر كالمتوالية العددية.. فالواحد يصير اثنين... والاثنان يصبحان أربعة... والأربعة يمسون ثمانية ... وهلم جرا... وسحبا.
.
فما هو الحل.....؟!
. .

هذا ما سوف أسمعه منكم إن شاء الله.

الثلاثاء، مارس 03، 2009

ليست كرامات وإنما إكراميات فهو يخلفه

ليست كرامات..وإنما إكراميات -4
.
.

"وماأنفقتم من شىء فهو يخلفه وهو خير الرازقين"
سورة سبأ ، آية 39
.
.

قبل انقضاء فترة التجنيد الإجبارى لأبى رحمه الله بشهر واحد.... انتقلت أمى إلى الإسكندرية، وعادت لتسكن "ببحرى" فى شقة قريبة من سابقتها..... ثم جاء موعد ولادتى... فوضعتنى فى مستشفى "الشاطبى" للولادة وكان ذلك فى أبريل سنة 1956
.
.

كانت السنوات الثلاث عجافا يابسات.... .قد غسلتهما غسلا... وعصرتهما عصرا... وكوتهما كيا...... فخرجا منها كأصفى ما يكون الصديقان..... وأصدق ما يكون الحبيبان... وأحب ما يكون الزوجان...... وهكذا تصنع المحن بأهلها..... تذهب الخبث... وتنقى الذهب.... وعندئذ تصنع السبائك.
.

كان لأمى حلى من الذهب.... وكان أبى رحمه الله يعتبر بقاء الحلى بعد محنة السنوات العجاف مكسبا ضخما ونجاحا كبيرا.
.

لكن يبدو أن الله كان قد أراد أن يتمم لهما الامتحلن... وأن يكمل لهما الاختبار... وأن يبليهما بلاء حسنا.
.

مكث أبى رحمه الله بعد الخروج من"الجيش" ستة أشهر... "بدون عمل"..... باع خلالها القرط والسوار والخاتم.... وبقيت القلادة.
.

كان لأبى عمة غير شقيقة، وكانت قد ورثت بيتا بحى القبارى... ورثته من أمها..... رقت عمتى لأبى رقة شديدة، وعرضت عليه غرفة فى بيتها يستأجرها:
.

("بنصف جنيه فى الشهر"، بدلا من شقة "بحرى" والتى تكلفك جنيها ونصف فى الشهر... وأولادك أولى بالجنيه... لاسيما أن بعض الأثاث قد بيع... والغرفة فسيحة تستوعب مابقى من الأثاث.. والأولاد الثلاثة مازالوا صغارا.....).وكانت.
.

كانت عمتى رحمها الله تتقاضى إيجار الغرفة -نصف جنيه كل شهر-... ثم تشترى لنا به لعبا.... وحلوى.


وكان أبى رحمه الله يخرج كل صباح يبحث عن عمل... فلا يجد العمل المناسب..... أولا يجد صاحب العمل المناسب...... أو لا يجد الأجر المناسب..... وكان رحمه الله صاحب نفس كريمة... وعزيمة أبية..... وهمة قوية... محبا للمعالى.
.
.

حتى جاء الدور على القلادة
.
.

فخرج بها أبى ذات صباح ووضعها فى جيبه..... وفى الجيب الآخر ربع جنيه.... هوآخر مايملك من نقد..... ولكنه كان وحتى هذه اللحظة يحافظ على مظهر أنيق وملبس "شيك" من رآه ممن لا يعرفه حسبه "باشا".
.

ركب أبى رحمه الله "الترام" من القبارى إلى "المنشية"، ومنها إلى شارع "نوبار باشا"، وهناك لقيه رجل .... اقترب منه جدا، ووضع يده على كتفه، وهمس فى أذنه: "عايز افطر".
.

أخرج أبى رحمه الله "الربع جنيه" من جيببه وأعطاه الرجل ودعا له بخير وحمد الله على الستر، وقال فى نفسه: لقد بلغ هذا الرجل أشد مما بلغنى..... الجمد لله، لازال معنا مال كثير.
يقول أبى: فأدركت أنها رسالة.
.

دخل أبى رحمه الله أحد محلات الصاغة بشارع "فرنسا"..... أخرج القلادة وأعطاها لصاحب المحل ليزنها ويقدر ثمنها.... وجلس على المقعد المقابل للميزان الحساس مهموما حزينا قد أسند رأسه إلى راحتيه وأسند مرفقيه إلى ركبتيه... وغلبه البكاء..... فبكى.
.
.

مرت لحظة كأنها الدهر.... لم يدر أبى إلا ويد تربت على كتفه.... رفع رأسه فإذا صاحب المحل قد وضع القلادة وثمنها فى يمناه وهو يقول لأبى: "خذ قلادتك يابنى..... وخذ ثمنها لحين ميسرة......." وألح الرجل... وأصر أبى.... حتى إذا أخذ ثمن القلادة وهم بالانصراف أخذ الرجل بمنكبيه وهزه هزا رفيقا وهو يقول: "والله ليخلفن الله عليك خيرا منها... ولكن بعد أن تنجح فى الامتحان."
.

شكر أبى الرجل وانصرف....... وكان وقت صلاة الظهر..... دخل أبى رحمه الله المسجد.... صلى الظهر... ثم صلى ركعتى الحاجة ودعا دعاء طويلا..... كان يقول فيه:
.

اللهم لم يبق إلا الثياب
اللهم لم يبق إلا الثياب
اللهم لم يبق إلا الثياب

.
.

التحق أبى رحمه الله بعدها بوظيفة حكومية..... وكان ذلك فى أواخر سنة 1956.... ثم فتح الله له باب التجارة فباع واشترى وربح.
.
.

بعدها بعشر سنوات.... وفى سنة 1966 كانت أمى تجمع حليها الذهبية فى علبة معدنية، وضعتها داخل كسوة من القطيفة الحمراء... فإذا أرادت أن تتزين....... فكت الكسوة.... وفتحت العلبة... ونظرت إلى مافيها.... وجعلت تنتقى.... فتأخذ هذا... وتدع هذا.
.
.

ملك الملوك إذا وهب لاتسألن عن السبب
.
الله يرزق من يشاء فقف عند حد الأدب
.

سمعتهما من أبى، لم أسمعهما من أحد غيره.
.
اللهم اغفر لأبى.... وارحمه.... وأكرم نزله... ووسع مدخله..... وأفسح له فى قبره.... وافتح له بابا إلى الجنة.

آميــــــــــــــــــــــــــــــــــــــن


الخميس، فبراير 26، 2009

ليست كرامات وإنما إكراميات3 يجيب المضطر

ليست كرامات..... وإنما إكراميات -೩


"أمن يجيب المضطر إذا دعاه" سورة النمل آية 62


مكث أبى رحمه الله فى "طنطا" عاما، يسافر مساء كل خميس إلى "الإسكندرية" ليعود إلى "طنطا" ليلة السبت، حتى سئم -رحمه الله-.... سئم السفر..... والغربة..... والعزوبة.


اتفق أبى رحمه الله مع أمى على أن يستأجر لها غرفة رخيصة الثمن فى ضاحية من ضواحى "طنطا" لتقيم معه هناك.... وكانت.


عاشت أمى فى "كفرة هلال" مايقرب من عامين، وكان لها جيران من أهل "طنطا" لازالت تذكرهم بخير..... وتدمع عيناها عند ذكراهم.


حملت أمى حملها الثانى هناك... وجاء وقت الولادة....... وكان آخر يوم من شهر أغسطس،..... كان أبى رحمه الله قد تغلب على "نصف جنيه" بقى معه فى هذا اليوم الأخير من الشهر.... بعد محاولات عنيفة ومفاوضات قاسية مع الراتب.... لمدة شهر.

هم أبى رحمه الله بالخروج إلى وحدته العسكرية فى مدينة "طنطا" فأخبرته أمى أن آلام الوضع قد اشتدت.... وأنها قد اقتربت.

يقول أبى رحمه الله: ارتديت ملابسى العسكرية، وصليت ركعتى الحاجة، ثم طرقت باب جارتنا.... وتنحيت جانبا، فلما فتحت الباب ألقيت عليها السلام فردت ورحبت.... فأخبرتها أن جارتها قد ألم بها "وجع الولادة".... وأننى مضطر أن أذهب الآن إلى وحدتى العسكرية ولا أستطيع التخلف عن موعدى لأنهم هناك... "لايرحمون"



قالت المرأة: "توكل على الله يا ابوعلى، ربنا معانا ومعاها، إن شاء الله تيجى تلقاها قامت بالسلامة".

كان الوقت بعد الفجر..

يقول أبى رحمه الله: انطلقت أمشى فى الطريق، ولاأملك من الدنيا إلا هذا "النصف جنيه"، وأنا أقول لنفسى وأشكو لربى: ماذا أنا صانع، تركت المرأة بلا شىء..... لاأجرة القابلة.. ولا ثمن طعام تطهوه لهذه الوالدة... وليس فى البيت شىء سوى كسرات من الخبز... والملح... والزيت... والجبن القريش... والعسل الأسود.

يقول أبى رحمه الله: عرفت فى هذه اللحظة معنى الكرب، ورأيت لون الحياة الأسود، وتذوقت مرارة العجز، وشعرت بانكسار وذلة.... لم أر مثل ذلك فى حياتى...... وبينما أنا كذلك، والدمع يترقرق فى عينى.... إذ هبت نسمة هواء باردة..... كأنما كانت فى مكانى الذى أنا فيه..... لم تتجاوزه... ومع هذه النسمة أوراق تتطاير فى الهواء وتسقط حولى.... نظرت فيها فإذا هى عملات ورقية من فئة الشلن "الخمسة قروش"، والبريزة "العشرة فروش"، والربع جنيه "الخمسة وعشرين قرشا".

يقول أبى رحمه الله:

نظرت حولى فلم أر إنسانا... لا فى الشارع، ولا فى نافذة بيت أو شرفته.... حتى شرفات البيوت من حولى ونوافذها كلها مغلقة.... انحنيت أجمع الأوراق فى دائرة قطرها لا يزيد على المترين.... جمعت كل ما كان حولى من أوراق.... ثم وقفت أنظر فى دائرة أوسع... وألقيت ببصرى فى كل مكان فما رأيت إنسانا....... وقفت أعد المال.... ثلاثة جنيهات ونصف.... الحمد لله.... يكفى أجرة القابلة وثمن دجاجة للوالدة.... وغدا يأتى برزقه.


عاد أبى رحمه الله إلى البيت فطرق باب جارتنا..... فتحت الباب، وتأسفت... واعتذرت... وقالت: والله أنا فقط صليت الصبح بعد ما مشيت أنت... وكنت ذاهبة لتوى لأكون مع "أم على".
قال أبى رحمه الله: ليس من أجل هذا أتيت، ولكنى نسيت أن أترك لك أجرة القابلة وثمن دجاجة.... أما أنت فأجرك على الله.

قالت: وهل أنا إلا أختها..وهل أنت إلا أخى!

انطلق أبى رحمه الله مسرعا إلى وحدته العسكرية، وقضى هناك يومه وليلته، وعاد ظهر اليوم التالى.... ومعه راتب الشهر الجديد، ورزق المولود السعيد "مسعود".

كان ذلك سنة 1954

اللهم اغفر لأبى.... وارحمه.... وأكرم نزله... ووسع مدخله..... وأفسح له فى قبره.... وافتح له بابا إلى الجنة.



آميــــــــــــــــــــــــــــــــــن


السبت، فبراير 21، 2009

ليست كرامات وإنما إكراميات من حيث لاتعلمون

ليست كرامات..وإنما إكراميات -2

"ويرزقكم من حيث لاتعلمون"

كان أبى رحمه الله قد تزوج أمى وهو شاب صغير، وهى أيضا فتاة غضة..... هو فى العشرين، وهى فى الثامنة عشرة.......... وقضى ثلاثة أعوام بعد الزواج يعمل موظفا فى إحدى الشركات بعقد عمل مؤقت يجدد كل ستة أشهر........ وفى هذه الفترة أدرك أبى سن التجنيد الإجبارى، ولكنه ظل يسوف، ويتخلف يوما بعد يوم...... وشهرا بعد شهر...من أجل مسؤلية بيته..... حتى وجد نفسه يوما -وبدون مقدمات- أمام التجنيد.

سلم أمره لله... وسلمت أمى كذلك، وكان معها فى ذلك الوقت رضيعها ومولودها الأول "على"..... وكانت تسكن فى "بحرى" بالإسكندرية فى شقة داخلية بالدور الأرضى تطل على منور فسيح.

تم إلحاق أبى رحمه الله بقوات الأمن بمدينة "طنطا" محافظة الغربية.... وكان أبى رحمه الله يحافظ على الراتب الشهرى الذى يحصل عليه من الجيش بكل وسيلة حتى تنفق منه أمى على نفسها وولدها...وكان ذلك سنة 1953


ذات يوم وكانت أمى قد تفتت كبدها من الفول.... والعدس....... والعسل الأسود.... والجبن القريش.... قامت كعادنها كل صباح تفتح باب المنور لتهوية الشقة فاقتحمت أنفها رائحة........"بسترمة"...... إذ من عادة بعض الناس تحميرها مع البيض فى السمن فى وجبة الإفطار.

اشتاقت أمى الى"البسترمة".... وكتمت رغبتها فى نفسها.... وبينما هى كذلك سمعت صوت "على " يناغى فى فراشه... لقد استيقظ هو الآخر... أسرعت إليه لتقبله وتداعبه وماهى إلا لحظات حتى سمعت صوت ارتطام بالأرض.... فى المنور... أعادت "على" إلى فراشه وأسرعت نحو المنور.

تقول أمى: وجدتها لفافة ورق... ليس من جنس الورق الذى آلفه ولا هو من نوعية الورق الذى يلف فيه الباعة والبقالون مبيعلتهم.... تقول: فتحتها فإذا هى...... "بسترمة".


وجاء عيد الأضحى... وأبى هناك فى "الغربية"....وأمى ورضيعها فى "الأسكندرية".... وأهدتها أمها "جدتى" نصيبها من الأضحية....... تناولت أمى هديتها ودخلت إلى المطبخ.... فأوقدت......... وقطعت... وجهزت.. وأعدت.... وكانت قد واعدت أمها على الغداء.

تقول: واحترت ماذا أقدم لأمى عندما تأتى على الغداء؟!..... أقدم لها اللحم الذى أحضرته.... والمرق..... ثم لاشىء بعد ذلك!!....
لك الأمر يارب.
جاءت جدتى رحمها الله وقت الغداء و دقت الباب....... خرجت أمى لتفتح الباب لأمها فوجدت لفافة ضخمة ملقاة على الأرض فى " الصالة" ... أدخلتها المطبخ بسرعة ثم عادت لتفتح الباب لجدتى...... أدخلتها ورحبت بها.

عادت إلى المطبغ لترى ماشأن هذه اللفافة.... فإذا هو "رقاق باللحم".

أعدت أمى الطعام وقدمت اللحم .... والمرق.... والرقاق.

كان لأمى شقيقة ميسورة الحال تسكن قريبا منها اسمها "روح".......... نظرت جدتى إلى الرقاق وقالت لأمى: لقد أتيت لتوى من عند "روح" ورأيتها تصنع رقاقا بغير لحم ...... وأنت تعملين الرقاق باللحم؟!

تقول أمى: فما رددت ولا علقت ولكنى حمدت الله أنها لم تسألنى:

من أين لك هذا الرقاق؟!

*****************

اللهم اشف أمى


اللهم أذهب عنها الأمراض والأسقام والأوجاع والآلام


اللهم لاتردها إلى أرذل العمر


اللهم متعها بالعافية حتى تلقاك


ْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْXXXXXXXXXXXX


الثلاثاء، فبراير 17، 2009

ليست كرامات وإنما إكراميات.1 المنبه والفاتحة

ليست كرامات ...وإنما إكراميات .-1-



1- "حتي تملوا"


هي جزء من حديث نبوي شريف كريم؛ علي صاحبه أتم الصلاة وأكمل التسليم.


"إ ن الله لا يمل حتي تملوا" متفق عليه.


ذلك أنه سبحانه كريم، لايمل من المغفرة طالما أنكم تستغفرون..... ولايمل من العطاء طالما أنكم تسألون...... ولا يمل من سماع دعائكم طالما أنكم تدعون... حتي تكونوا أنتم البادئين بالامتناع.


والناس تسأل ربها بحالها ومقالها: أما سؤال المقال فمثل أن تقول بلسانك متضرعا: "اللهم أني أسالك زوجة صالحة تعينني علي طاعتك وبر والدي"


وأما سؤال الحال فإ ن لسانك لا ينطق، ولكنك تندفع بعزيمة وهمة نحو هذا الهدف فتسأل وتتحري وتبحث.... وقد تعلق بالله قلبك وانقطع من الناس رجاؤك، وخلا من دنياهم أملك....... والعلماء يقولون:
دعاء الحال خير من دعاء المقال.


لما هم النمروذ بإلقاء إبراهيم عليه السلام في النار.... وأحضروا المنجنيق.......... ثم وضعوه فيه معقود اليدين والرجلين..... ثم رموه كما ترمي الحجارة.....جاءه جبريل- وإبراهيم يطير في الهواء في طريقه إلي المحرقة- فقال: يا إبراهيم، ألك حاجة؟، فقال إبراهيم: أما إليك فلا، قال: فسل ربك، فقال إبراهيم: علمه بحالي يغني عن سؤالي.
فكان الجواب: " قلنا يا نار كوني بردا وسلاما علي إبراهيم"سورة الأنبياء،الآية ೬೯


كنا صغارا، وكنا كثر، وكانت أمي حفظها الله توقظنا في أوقات مختلفة من الليل.... أو من النهار، كل حسب حاجته ورغبته... ومدرسته....... وكانت صاحبة أعباء كثيرة ومهام وفيرة تملأ عليها الليل والنهار.... وما شكت يوما..... عطاء بلا حدود.


كانت نحفظ مواعيد أعمالنا الراتبة أكثر مما نحفظها، وربما أخبرتها بموعد لى.... فأنساه ولاتزال هى تذكره.


كان صاحب الحاجة ربما قال لها: لاتنس ضبط المنبه! فتقول: إن شاء الله، وربما مر أحدنا فى الصباح على المنبه فأدرك أنه لم يضبط تلك اليلة؛ فيقول: ياأمى ...لقد نسيت أن تضبطى المنبه الليلةّ!....... فتقول: نعم، ولكن الله سلم....... لاتزيد. وربما ضبط أحدنا المنبه.. ودق جرسه... ثم لم يقم، حتى تكون هى توقظه،


ومرت السنون وصار كل منا رجلا......تحت يده امرأة... وعيال.


وذات يوم كنت أقرأ تفسير سورة الكهف فاستوقفنى هذا الكلام:


جاء رجل إلى عبدالله بن عباس رضى الله عنهما فقال: إنى أضمر أن أقوم فى ساعة من الليل فلاأقوم...... فقال له ابن عباس: إذا أتيت فراشك فاقرأ خواتيم سورة الكهف فإنك تقوم فى الساعة التى تريد. قال الرجل: ففعلت فوجدته كذلك.



فرحت كثيرا بهذا الكلام المبارك...... فلما لقيت أمى حفظها الله أخبرتها به.... وذكرتها أيام كانت توقظنا صغارا.... و"تضبط المنبه"، فقالت: سأخبرك بشىء كان خبيئة بينى وبين ربى.... أخبرك به الآن، قلت: وماهو؟!


قالت: أنا لم أكن أضبط "المنبه"
أنا كنت أضبط:الفاتحة"



قلت: كيف؟!
قالت: كنت أقرأ الفاتحة قبل أن أنام على الساعة التى أحب أن أقوم فيها.... فأقوم........ أربعين سنة..... ما أخلفتها ولا خالفتنى.


اللهم اشف أمى وارحمها
اللهم أذهب عنها الأمراض والأسقام والأوجاع والآلام
اللهم لا تردها إلى أرذل العمراللهم متعها بالعافية حتى تلقاك


قولوا: آمين


آمين...آمين.... آمين.

الخميس، فبراير 12، 2009

اليـــــــــــوم عـــــــيــــــــدهـــــــــا


اليـــــــــــوم عـــــــيــــــدهـــــــــا





من 12 فبراير 1988
إلى 12 فبراير 2009





في ناس كتير لها "قرون "

ونـــاس عمرها بالسنين

ونــاس أعمارها أنفاس

وناس تعد دقات القلوب

ونـــاس عايشة بالمقلوب




عـجــبــي



كل دقة فـى قلبي بتهنيك

وكل أنفاسي بتعيد عليك



كل سنة وإنت طيبة





الثلاثاء، فبراير 10، 2009

غربة والعــود أحمد 2 وطنك ليس هنا

غــــــــــــــــــــــــــــــربة...والعــــــــــــــــــــود أحمد 2



أيهــــــــــــــــا الغريــب


سارع بالرجوع..... وطنك ليس هنا.... وطنك هناك عند ربك، في الجنة الكبري والحديقة العظمي والبستان دائم الخضرة...... الذي أخرج منه آدم، وأهبطت منه حواء...... حيث كانت:
أول خطوة...... وأول سكني..... وأول ضمة...... وأول لقمة...... وأول بسمة...... وأول ضحكة..... وأول صحبة.... وأول فرحة..... كانت هناك .
أرسل إليه صا لح متاعك.... أقصد: صالح عملك..... واحلم بالبيت والقصر فيه،
شمر.... وأسرع إلي الله.... لاتتراجع..... لاتتوقف .... لاتلتفت...... وقل: لن يسبقني إلي الله أحد.... كن إن استطعت أول من يصل إلي الله.


الدنيا تعب ونصب، والآخرة راحة وسكن، فلا تحلم بالراحة في دارالتعب فتتهم بالجنون.
لقي رجل إبراهيم بن أدهم فقال: متي الراحة ؟ فأجاب إبراهيم: عندما تطأ بقدمك جنة ربك..... فقال الرجل: ليس عن هذا سألتك... إنما سألتك عن راحة الدنيا..... فقال إبراهيم:
" مجنون من طلب الراحة في الدنيا".


لما حضرت النبي صلي الله عليه وسلم الوفاة، وعاني سكرات الموت..... وفاطمة عندرأسه؛ فقالت: واكرب ابتاه!! فنظر إليها صلي الله عليه وسلم نظرة الأب الحانى الرحيم المحب المشفق ....... المودع، و قال: لا كرب علي أبيك بعد اليوم يا فاطمة.
نعم: الكرب هنا في دار الغربة.... واليوم يرجع إلي وطنه وأهله عند ربه في دار الفرح والسرور.



بلدك .....هناك، وطنك ..... هناك، إقامتك.... هناك.
أما هنا... وماأدراك ماهنا....... هنا الأسر..... هنا المر....هنا الصبر.

ولابد من حط الرحال يوما.... ولا مفر من الإياب وإن طال الغياب


" فيا خاطب الحسناء إن كنت راغبا..... فهذا زمان المهر فهو المقدم
وصم يومك الأدنى لعلك في غد ...... تفوز بعيد الفطر والناس صوم
وأقدم ولا تقنع بعيش منغص ....... فما فاز باللذات من ليس يقدم
وإن ضاقت الدنيا عليك بأسرها....... ولم يك فيها منزل لك يعلم

فحي على جنات عدن فإنها ..... منازلنا الأولى وفيها المخيم
ولكننا سبي العدو فهل ترى ..... نعود إلى أوطاننا ونسلم
وقد زعموا أن الغريب إذا نأى ..... وشطت به أوطانه فهو مغرم

وأي اغتراب فوق غربتنا التي ..... لها أضحت الأعداء فينا تحكم
وحي على يوم المزيد الذي به.... زيارة رب العرش فاليوم موسم
وحي على واد هنالك أفيح.... وتربته من إذفر المسك أعظم
منابر من نور هناك وفضة ... ومن خالص العقيان لا تتقصم
وكثبان مسك قد جعلن مقاعدا..... لمن دون أصحاب المنابر يعلم
فبينا هموا في عيشهم وسرورهم..... وأرزاقهم تجري عليهم وتقسم
ذاهم بنور ساطع أشرقت له.... بأقطارها الجنات لا يتوهم
تجلى لهم رب السموات جهرة.... فيضحك فوق العرش ثم يكلم
سلام عليكم يسمعون جميعهم.... بآذانهم تسليمه إذ يسلم
يقول سلوني ما أشتهيتم فكل ما..... تريدون عندي إنني أنا أرحم
فقالوا جميعا نحن نسألك الرضا...... فأنت الذي تولى الجميل وترحم
فيعطيهم هذا ويشهد جميعهم.... عليه تعالى الله فالله أكرم
فيا بائعا هذا ببخس معجل... كأنك لا تدري بلى سوف تعلم
فإن كنت لا تدري فتلك مصيبة.... وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم

" من قصيدة لابن القيم أوردها فى كتابه: " حادى الأرواح إلى بلاد الأفراح"...بتصرف

سئل أبو حازم رضي الله عنه :
كيف القدوم غدا علي الله!! فقال:
أما المسئ ..............فكالعبد الآبق يؤتي به إلي سيده.
وأما المحسن .........فكالغائب يقدم علي أهله.


شمر......وتسابق..... ولاتلتفت...... وكن حريصا على السبق.
وردد في نفسك دائما:


ما أحلي الرجوع إليه
ما أحلي الرجوع إليه
ما أحلي الرجوع إليه

وليس البعير بأولى منك