الاثنين، أبريل 25، 2011

الشفافية..... 3 حوار مع مخالف 2

الشفافية....(3)










قال أخى: ولكنك بنقدك العلنى تعطى الأعداء فرصة فيكيدوا للإخوان كيدا، وتمنح المتربصين سهما ليطعنونا به، وهم بذلك فرحون.










قلت: "هذه حجة داحضة من عدة وجوه:



















أولها:










أنها حجة كل الذين يكممون أفواه الشعوب ويقيدون الحريات ويحرمون الناس حرية التعبير.



















ثانيها:










أن الأمة لم تخل في فترة من فتراتها ولا في مرحلة من مراحل حياتها -على اتساع رقعتها وعمق زمانها- من أعداء يكيدون ومتربصين يطعنون، فلو كان لهذه الحجة ساق تقوم عليه لكان معناه أن الأمة تحرم من التناصح وإبداء الرأي فيما يتعلق بالحكام والأمراء والأنظمة التى تحكمها لتبقى دائما زهرية الصورة وردية اللون مخملية الملمس، وهو مالم يحدث في أزهى وأكرم وأنقى عصورها؛ أي في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم من تبعه من الخلفاء الراشدين.










وإن كان لهذه الحجة من مردود فهو انحسار قضية التناصح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في آحاد الناس بعيدا عما يمس الأنظمة والحكام فيضمنوا لأنفسهم عيشة هنية وقلوبا رضية، كل ذلك باسم مصلحة الشعوب وهي براء.



















ثالثها:










أن التاريخ يشهد أن الأمة لم تؤت من خارجها ولم يؤثر فيها أعداؤها سلبا لأنهم كانوا أقوى منها، وإنما لأنها ضعفت وتآكلت من الداخل ليس بسبب التناصح وإبداء الرأى، ولكن بسبب انفصال الأمراء ومن سار في ركبهم من العلماء عن القاعدة العريضة، وقد بين القرآن هذا المعنى في أكثر من موضع فقال مرة: "وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدكم شيئا" وقال: "عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم"










فليس المعيار هو استفادة الأعداء من إعلان التناصح لأنه ظنى ومفسدته متوهمة، ولكن استفادة الأمة من التناصح وقدر "الهدى" و"التقوى" الذي يحققه وعمق "الصبر" الذي ستلتزم به الأمة لتبلغ هذا الهدى وتلك التقوى هى المصلحة المعتبرة.










وهل يمكن إلغاء مصلحة معتبرة من أجل مفسدة متوهمة بحجة أن دفع المفسدة مقدم على جلب المنفعة؟؟!! أحسب أن هذه القاعدة تعنى مفسدة متحققة ومصلحة مرئية، أما والفساد متوهم ومظنون بينما المصلحة قائمة متحققة فيسقط الاستدلال بتلك القاعدة ومن ثم لاتنطبق.



















ورابعها:










أن الأمة لم تمر بمرحلة من كيد المتآمرين وتربص المنافقين مثلما كانت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم؛ إذ المشركون بمكة يعدون العدة والعتاد لضرب المدينة في بدر وأحد والخندق وبينهما سرايا وغزوات هى أقل ذكرا، ثم اليهود يكيدون ويشككون في الوحي ويستهزئون بالرسالة داخل مدينة النبي صلى الله عليه وسلم، ومعهم المنافقون يلمزون ويهمزون ويغمزون، ثم لم يمنع ذلك كله الوحي من أن يتنزل على النبي صلى الله عليه وسلم ليصحح له بعض اجتهاداته، ثم ليتلى هذا التصحيح على مسامع الدنيا جميعا من المؤمنين في المدينة ثم المنافقين واليهود، ولا غرابة أن يبلغ أسماع المشركين في شتى أنحاء الجزيرة، فهل كانت هذه سهام ورماح تعطى لأولئك المتربصين ليطعنوا بها النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته.



















زوج النبي صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة من زينب بنت جحش وهي له كارهة، وأعلم الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن زيدا يطلق زينب، وأنه -أى النبي صلى الله عليه وسلم- يتزوجها من بعده، فلما تراخى النبي صلى الله عليه وسلم في تنفيذ ما عهد إليه أنزل الله عليه: "وتخفى في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه".



















وحرم النبي صلى الله عليه وسلم على نفسه لونا من الطعام إرضاءً لبعض أزواجه؛ فأنزل الله عليه: "لم تحرم ما أحل الله لك تبتغى مرضاة أزواجك".



















وأعرض النبي صلى الله عليه وسلم عن عبد الله بن أم مكتوم في موقف دعوى بحت لمكانة كبار القوم يرجى منه إسلامهم فأنزل الله عليه: "عبس وتولى* أن جاءه الأعمى* وما يدريك لعله يزكى* أو يذكر فتنفعه الذكرى* أما من استغنى* فأنت له تصدى* وما عليك ألا يزكى* وأما من جاءك يسعى* وهو يخشى* فأنت عنه تلهى* كلا إنها تذكرة ".



















وسرق أنصارى درع أخيه الأنصاري، فلما حامت حوله الشبهة عمد إلى الدرع فألقاها في بيت رجل يهودي، وأسرع قومه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليدفعوا التهمة عن صاحبهم ويلصقوها بالبريء، فقام النبي صلى الله عليه وسلم فعذره على رؤوس الناس فأنزل الله القرآن: "إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيما* واستغفر الله إن الله كان غفورا رحيما*و لا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما"










وقد كان من الممكن أن تكون هذه المعاتبات وتلك التصحيحات سهما يؤتاه اليهود والمنافقون ليطعنوا به المسلمين وهم محقون؛ في وقت كانوا يطعنون وهم مبطلون.



















أما مراجعات القرآن العلنية للمؤمنين فأكثر من أن تحصى:



















ففي بدر خرج المؤمنون يريدون العير، وأراد الله لهم أن يلقوا النفير، فكره بعضهم ذلك، فأنزل الله القرآن: "وإن فريقا من المؤمنين لكارهون* يجادلونك في الحق بعدما تبين كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون* وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم".



















وفي أحد خالف الرماة أمر النبي صلى الله عليه وسلم فنزلت بهم الهزيمة؛ فنزل القرآن: "أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم"، وقال لهم أيضا: "حتى إذا فشلتم وتنازعتم في الأمر وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة". حتى قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: ما كنت أحسب أن أحدا من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم يريد الدنيا حتى نزلت هذه الآية.



















ولما تسارع المسلمون في بدر يقيدون أسرى المشركين قبل الإثخان رغبة في الفداء أنزل الله عليهم: "ماكان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة والله عزيز حكيم* لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم".



















وفي الخندق اجتمعت الأحزاب من قريش وثقيف وغطفان ومعهم اليهود على ضرب المدينة، فوصف الله حال المؤمنين: "وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا* هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا".



















فلم يكتف في كل ما سبق بأن يكون التصحيح والتنبيه وعظا عاما غير مباشر أو غير معلن بكلمة يلقيها عليهم صلى الله عليه وسلم في مجمع خاص أو داخل جدران المسجد؛ حتى جعلها قرآنا يتلى يسمعه القاصي والدانى والعدو والصديق والموافق والمخالف، ولم يكتف بنقض أعمال ظاهرة حتى كشف خبايا النفوس وأخرج مكنونات القلوب، وفي ذلك من وجهة نظرى فائدتان لا غنى للمؤمنين عنهما يساهم كل منهما في بناء دولة قوية:



















أولاهما:










لجوء المؤمنين الدائم والمستمر إلى الله، وانكسارهم بين يديه إذ يروا فى كل مرة ضعفهم ثم تقوية الله لهم،وأخذه بأيديهم، وجبره لكسرهم، فيكون أبعد لهم من العجب والغرور والزهو بالنفس والركون إلى أسباب القوة المادية والعددية، ليوقنوا دوما أن النصر من عندالله.



















وآخرهما:










أن قيام الدولة المسلمة بإحصاء أخطائها ونقاط ضعفها ومعرفة آحاد الناس بذلك ثم مشاركة الجميع فى المعاجة المستمرة والمتابعة الدؤوب يوقظ مشاعر الأمة ويحفزها نحو مصالحها، ويقوى الشعور بالانتماء إلى الوطن، وهو من أقوى الضمانات التى تصون نسيج المجتمعات ووحدتها، ثم إنها من ناحية أخرى تقطع كل الألسنة الخارجية أو حتى ألسنة المنافقين التى تلوك الموضوع أو تتناوله، وأنى لهم ذلك وقد ذكره أهله وتناولوه بشفافية ومصداقية، وناهيك به من أسلوب لايسمح معه بإطلاق شائعات مغرضة؛ إذ مجتمع المؤمنين يتناول المعلومات من مصادرها الموثقة نقية صحيحة أولا بأول؛ فلا مجال للإرجاف هناك.









قال أخى: ولكن ألا تري أنها مثالية مطلقة؟؟!!









قلت: إذا قلت لي ما هي المثالية؛ ما تعريفها عندك!! أستطيع أن أجيبك ب"نعم" أو "لا". أما أن تطلق مصطلحاً له في نفسك معني لا أعرفه وتريدني أن أجيبك عليه فكلاً وألف كلا؛ وقد كان ذلك من أسباب تدهور حضارتنا وتراجع أمتنا: إطلاق مصطلحات غامضة ليس لها معني دقيق يتفقون عليه قبل التحاور فإذا بهم يتفقون علي ما اختلفوا في فهمه، ولو أنهم اختلفواعلي ما فهموا لكان أولي.









ولكنى أكاد أدرك قصدك... وأجيبك بعيداً عن مصطلح "المثالية":

















أعلم أن الكمال لله والعصمة لمحمد صلى الله عليه وسلم؛ وسلوكه صلى الله عليه وسلم وأخلاقه هى غاية ما يطمح إليه من الكمال البشري، وأن القرآن هو المثال الأعظم في هذه الحياة وأننا بين المثال والواقع مترددون؛ فجواذب النفس والهوى تهوى بنا إلى أسفل بينما القرآن يأخذ بأيدينا إلى الارتقاء والسمو، وأن علينا أن ننظر إلى المثال دائما ونتطلع إليه؛ لا لنبلغه لأن ذلك محال، ولكن حتى لا نتردى ونسقط، وقد نقع وعيوننا على المثال فيأخذ بأيدينا ليرفعنا مرة أخرى فإذا زاغت عنه عيوننا وانصرفت عنه قلوبنا كان السقوط، وهو ما عبر عنه القرآن بقوله: "ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه"، وما تلاوة القرآن إلا لون من ألوان التطلع الدائم والمستمر إلى النموذج الأرقى لتظل العيون والأفئدة ترقب الكمال وإن لم تكن لتبلغه؛ والبديل هو التسفل.









ليس معنى أنى أدعوك إلى النظر إلى الكمال أنى أطالبك بالوصول إليه، ولكنى أخشى عليك السقوط.









فإذا كنت تعنى بالمثالية بلوغ الكمال النبوي المحمدى فهو مطلب من لاعقل له، أما إذا عنيت التعلق بحبله المتين ودوام النظر إليه فهى فريضة لا يسعنا تركها وإلا فأمه هاوية.



















قال صاحبى: ولكنك كنت قاسيا فظا والأصل فى النصح أن يكون رقيقا!!!










قلت: القسوة والفظاظة كلمات فضفاضة يتسع معناها ويضيق حسب تفسير كل واحد منا ورؤيته وبيئته وقد كان عمر رضى الله عنه يوصف بأنه فظ غليظ؛ وصفه بذلك بعض أزواج النبى صلى الله عليه وسلم، ووصفه أيضا بعض أصحابه صلى الله عليه وسلم على فراش موت أبى بكر فأنكر عليهم ووصفه بأنه خيرهم.



















عد إذا شئت إلى الآيات التى صحح فيها القرآن بعض مواقف النبى صلى الله عليه وسلم لتراه وهو يقول له: "تخشى الناس والله أحق أن تخشاه"..."فأنت عنه تلهى" ...." كلا إنها تذكرة".."تبتغى مرضاة أزواجك" واسأل نفسك أخى لو أن أحد الناس خاطبك بذلك أكنت تراها قسوة؟؟!!... "ومن أحسن من الله حديثا"؟؟!!










ثم عد مرة أخرى إلى القرآن وهو يخاطب المؤمنين: "تريدون عرض الدنيا"..."لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم"...منكم من يريد الدنيا"......وتخيل إذا وجه هذا الخطاب إليك!!! "ومن أصدق من الله قيلا"؟؟؟!!!




























روى مسلم عن أبى هريرة رضى الله عنه قال: بينما عمر بن الخطاب يخطب الناس يوم الجمعة دخل عثمان بن عفان فعرض به عمر بن الخطاب فقال: مابال رجال يتأخرون عن النداء؟! أية ساعة هذه!! فقال عثمان: مازدت حين سمعت النداء أن توضأت ثم أقبلت. فقال عمر والوضوء أيضا، وانت تعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بالغسل؟؟!!



















الله الله ياأهل الدعوة



















الله الله يارجال الإخوان



















الله الله يامسؤلين



















عثمان الأسبق إسلاما...عثمان الأكثر إنفاقا... عثمان ذو النورين...وصاحب بئر رومة.










لم يخالف فى فريضة، وإنما ترك الأحسن وفعل الحسن..لم ينصح سرا وإنما علانية على رؤوس القوم فى مسجد النبى صلى الله عليه وسلم ومن على منبره،



















قال النووى: قاله توبيخا له وإنكارا لتأخره إلى هذا الوقت وفيه جواز الإنكار على الكبار فى مجمع الناس. انتهى



















ياقوم إن الكبار الذين يقتدى بهم لا ينصحون سرا إذا كان موقفهم علانية لأنهم يقتدى بهم، وأقوالهم شرائع ومفاهيم، وإنما الغرم بالغنم.










ياقوم تعلقتم بقول الشافعى: من نصح أخاه سرا فقد وعظه وزانه ومن نصح أخاه علانية فقد فضحه وشانه.......وهذا فى من كان شأنه سرا أو ليس فيه أسوة.



















تعلقتم بهذا الظنى وتركتم المحكم من القرآن ومن سنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعد محمد صلى الله عليه وسلم:



















أقول قولى هذا واستغفر الله لى ولكم... فاستغفروه... لكم ....ولى.























































والله من وراء القصد

هناك 4 تعليقات:

ابو حبيبة يقول...

بارك الله فيك يا دكتور علي كل هذه المعاني التي كنت احسب انها تصرفات خاطئة و كان يعاتبني عليها كثير من الاخوان عندما اتحدث الي احد المسؤلين
لي طلب ارفق باخوانك في شرح مثل هذه المعاني

القدر و انا يقول...

د. توكل
سلام الله ورحمته علي المسلمين اجمعين
اولا عودا حميدا
ثانيا سعيدة جدا انك نورت عالم التدوين من تانى وفعلا كلماتك منبر يهتدى به جزاك الله خيرا
سلام خاص لابنتنا اسراء

لكل الناس يقول...

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جزاكم الله خيراً على هذاالمعنى
هل من الممكن أن نعلم من سيادتكم المصادر حتى نتعلم ماذا نقرأ ولمن نقرأ

وجزاكم الله للمرة الثانية على هذه المعانى التى تتيح تعلم كيفية تقبل الرأى والرأى الآخر

Unknown يقول...

السلام عليكم ورحمة الله

أبوحبيبة
رفق الله بنا وبك...شرفتنا....


القدر وأنا

التدوين بالنسبة لى سياحة ورحلات وطعام وشراب ودواء..... مضى على مايقرب من عام من غير كتابة فكانت سنة بمعنى السنة.... بارك الله فيكم إسراء تسلم عليك كثيرا..
كيف حال ابننا أشرف له خالص التحيات.


لكل الناس
المراجع مذكزرة فى المقال
اقرأ مرة أخرى بتؤدة لتقف على المراجع
هل بع دالقرآن من مرجع وههل بعد السنة من هداية


دمتم جميعا بخير.