الأربعاء، أبريل 20، 2011

الشفافية . (2) حوار مع مخالف

الشفافية.......(2)









تذكر الأساطير أن الله لما خلق الخلق وقسم عليهم أرزاقهم من الأموال وأنصبتهم من العقول رضى كل منهم بعقله بينما تسخطوا على الأرزاق؛ وهم فى هذا وذاك مختلفون.









لم يزعجنى الذين خالفونى كما لم أفرح بالموافقين ، والمخالفون فى أشياء هم عن غيرها راضون، كما أن الموافقين لابد لديهم بعض التحفظات. ولن يختلف أخوان على طول الخط لأن أصل الفطرة فيهم ومنهل العلم عندهم واحد كما أن مورد الفهم لديهم صاف لايعرف الكدر؛ فلا غرو يلتقيان.





وبنفس الدرجة لن يتفق أخوان على طول الطريق لأن كلا منهما خلق وحده "ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة" وليس فى البشر نسخ مكررة لا شكلا ولا مضمونا، ولا صورة ولاتصورا، ولا خلقا ولا خلقا.









لذا لايزعجنى المخالف لأننا سنلتقى يوما، ولا تفرحنى الموافقة إذ الاختلاف متوقع ولو مرة، والحكمة القديمة تقول: "أحبب حبيبك هونا ما عسى أن يكون بغيضك يوما ما، وأبغض بغيضك هونا ما عسى أن يكون حبيبك يوما ما" ولا نعرف إلا الحب اتفقنا أو اختلفنا.









لكن أسعدنى عفيف المنطق موضوعى المذهب وإن خالفنى، وأحزننى شاط عند موافقة سليط عند مخالفة والله يغفر لى وله.









أما "غير معرف" ثم تتناول شخصى وتتهم خلقى وتجرح مشاعرى وتذكر مايدل على أنك قريب منى وأنى أعرفك وأنك تعرفنى؛ فلا أدرى تحت أى لون من ألوان الشجاعة يندرج هذا السلوك؟؟؟!!! ثم ماذا أنت فاعل حين تلتقى الوجوه؟؟!! هل ستبتسم فى وجهى وتمد يدك مصافحا بعد إذ غششتنى!! أم ستكون صريحا واضحا وتعنفنى كما عنفتنى فى تعليقك على مقالتى؟؟!! فمن الآن إذن عرفنى بنفسك واذكر اسمك برجولة أنت لها أهل!!!!،يرحمنى الله ويرحمك.





***********





قال صاحبى: ليس بحثنا فى حق أو باطل ولا فى جنة أو نار؛ وإنما هو صواب أو خطأ.









قلت: بل فى ما هو أبعد من كليهما ، إنما هو فى صواب أو أصوب، وفى حسن أو أحسن، والتوقف فى البحث عند حد الحق أو الباطل شأن العوام، ثم الانتهاء إلى حدود الخطإ أو الصواب دأب الخواص، أما الارتقاء بالبحث إلى مستوى الصواب أو الأصوب والحسن أو الاحسن فهو هم الأصفياء وخلق الأنقياء، وقديما قالوا: حسنات الأبرار سيئات المقربين، ولاتنس أن المقربين: "ثلة من الأولين وقليل من الآخرين" بينما أصحاب اليمين: " ثلة من الأولين وثلة من الآخرين"؛ فالمقربون فى الآخرين "قليل" بينما أصحاب اليمين فيهم"ثلة" أى كثيرون، وكلٌ من الباطل بريئون وعن الخطإ بعيدون، وإنما الفرق كان فى الصواب والأصوب وفى الحسن والأحسن.









قال صاحبى: "أنت أسميت مقالتك "شفافية"، وهذا لمز فى الآخرين فهل أنت "شفاف" بينما هم "معتمون"؟؟؟!!!





قلت: دعك من العنوان فإنها كلمة لاتنهض وحدها أن تكون جملة ولكن بتقدير محذوف تستطيع بالحب أن تقدره كما تستطيع بالهوى أن تغيره، وحسبى أننى أخرجت ماعندى ووضعته على مائدة التباحث والتحاور فإن كان صوابا التزمنا به جميعا وإن كان خطأ صوبتمونى فارتحت من حمله وتخلصت من عبئه ووزره.









قال: كنت أحب أن تبقى فى الطريق الذى اخترته لنفسك من دراسة العلوم الشرعية و تدريسها والانتظام فى لقاءات المساجد ودروسها والنأى عن الإداريات وعدم الخوض فى سياسات الجماعة.









قلت: الطريق الذى اخترته هو جماعة الإخوان المسلمين، وأما العلوم الشرعية فهى وسيلة من وسائل النهوض بنفسى وبها "قوا أنفسكم وأهليكم نارا" وهى أنجع وسيلة للارتقاء بالإداريات وضبط السياسات ثم إنى لاأعرف هذه المسميات ولكنى أعرف الإسلام بشموله، وبئس العلم علم مبتوت عن الإدارات، وإذا انفصلت لقاءات المساجد عن السياسات فبئست المساجد وبئست اللقاءات؛ ثم إنها علاقتى بربي وليس من شأن المخلوقين أن يحددوا علاقات بعضهم بالله وأين تبدأ وكيف تنتهى.









قال أخى: كانت مكالمة الأستاذ المرشد للأستاذ سيف الإسلام حسن البنا مجرد خاطرة تعبر عن حبه واهتمامه بأخيه.





قلت: كانت خاطرة يوم الحادى عشر من فبراير، فلما حكيت فى اليوم التاسع والعشرين من مارس -أى بعد مضى شهر ونصف بالتمام- دل ذلك على أنها استقرت بالذهن وتمكنت من القلب حتى انتقلت من حالة الخاطرة العابرة إلى حالة الفكرة المستقرة، والخطرة إذا لم تدفع صارت فكرة كما يقول "ابن القيم" فى "الفوائد".









قال أخى: كان خروجى من المعتقل يوم الحادى عشر من فبراير سنة ألفين وعشرة، فلما خلع حسنى مبارك فى الحادى عشر من فبراير سنة ألفين وإحدى عشر؛ -أى بعد مرور عام كامل على خروجى من المعتقل- هللت زوجتى وكبرت وقالت: اليوم ثأر الله لك يا مصباح.





قلت: هذه مشاعر زوجة لاترى فى الدنيا إلا زوجها، ولاشك أن الله قد انتقم لك ولغيرك، منهم من تعلم وكثير لايعلمهم إلا الله، ثم أردفت قائلا: ولو وافق يوم خلع مبارك يوم اعتقالك لكان أقوى وأبين فى الانتقام من موافقته يوم خروجك.









قال أخى: وكان غرق العبارة المصرية فى الحادى عشر من فبراير سنة ألفين وست؛ غرقت وعلى متنها ألف وثلاثمائة تقريبا من الرجال والنساء والأطفال، كانوا وجبات شهية لأسماك القرش لبضعة أيام، وفى مساء نفس يوم حتفهم كان مبارك المخلوع يشاهد إحدى مباريات كرة القدم وقد ارتسمت على ملامحه ابتسامات عريضة وهو يلوح بيده للجماهير، وكان خلف كل واحد من هؤلاء الضحايا عشرات من الأرحام والأصدقاء والأحباب والجيران اكتوت قلوبهم جميعا فى ذلك اليوم، فلما وافق يوم حتفهم يوم خلع مبارك اتصلت بى والدة إحدى الضحايا وقالت: اليوم انتقم الله لابنتى.





قلت: وهذه أيضاً مشاعر أم احترق قلبها وتفتت كبدها على ابنتها فأعماها الحزن عن رؤية غيرها، وأذهلها الهم فلم تسمع استغاثات المئات بينما سمعت استغاثة ابنتها، ولو أنصفت لقالت: اليوم انتقم الله لألف وثلاثمائة رجل وامرأة وطفل.





ولو أن الأستاذ المرشد ذكر هذا المثال لكان أوقع فى قلوب المؤمنين وأشرح لصدور المصريين من اختزال الانتقام فى الثأر لحسن البنا، ومايليق بآحاد الناس والمتحدث بالإصالة عن نفسه وأيضا بالنيابة عنها لايليق بالمتحدث عن أمة أوبالأحرى عن جماعة ترنو إلى قيادة الدنيا وتعتبر أن من تمام أهدافها أستاذية العالم بنشر دعوة الخير فيه.









قال صاحبى: أنت تقول إن المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين ينظر إليه على أنه إمام المسلمين وأمير المؤمنين؛ بينما نحن نعلم اعتقادا أن جماعة الإخوان المسلمين هى جماعة من جماعات المسلمين وليست هى جماعة المسلمين!!!





قلت:نحن الآن جماعة من المسلمين ولسنا جماعة المسلمين،ولكنا نطمح أن تسود دعوتنا الدنيا بأسرها، ومراحل العمل عندنا سبع؛ تبدأ بإعداد الفرد المسلم وتنتهى بأستاذية العالم بنشر دعوة الخير فيه، وإن عيني لترصد هذا الهدف وتراه قريبا، وأرى أن الاستعداد ينبغى أن يكون من الآن، وأن نرقى إلى مستواه، وأن من أبجديات ذلك أن نرفع الحواجز بيننا وبين الآخرين فضلا عن أن نصنع بأنفسنا حواجز،ويكفى بالحديث عن الذات وبالمن حاجزا هو أثبت وأرسى من كل الحواجز التى يضعها الأعداء.





إننى أحب وأتمنى أن يذوب الإخوان المسلمون فى هذا الشعب المصرى ذوبانا ليس بالطبع هو الضياع وفقدان الهوية، وإنما ذوبان التواضع والحب والخدمة حتى الفناء، وأن يذوب المصريون فى الإخوان المسلمين ذوبان الحب ووحدة الوجود، ولن يكون هذا إلا برفع الحواجز.





قال أخى: ولكنك بنقدك العلنى تعطى الأعداء فرصة فيكيدوا للإخوان كيدا، وتمنح المتربصين سهما ليطعنونا به، وهم بذلك فرحون.





قلت:....................................................









وللحديث بقية.









والله من وراء القصد

هناك 7 تعليقات:

م إسماعيل يقول...

خي د.توكل حياك الله الموضوعات التي تتفضل بطرحها هي حـمالة أوجه كل واحد فينا يرى منها وجه غير الذي يراه الآخر لذلك عند الطرح تختلف الرؤى وبدوام الطرح يتخلى أحدنا عن وجهة نظره إلى وجهة أخرى وتظهر وجهات نظر أخرى لم تكن موجودة ويبقى البعض على وجهة نظرة إلى آخره ولاتتوقف العقول عن النظر وقد لاينجح أحدنا في عرض وجهة نظره وتبدو غير جيدة ولانحاز لها أحد لكن تبقى القاعدة الجميلة (نتعاون فيما إتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضا فيما إختلفنا فيه) لذلك قد أرى حضرتك مرهف الحس حس عالي راقي وألمحت لك كثيرا بذلك لذلك ستظل هذه الرؤى التي تعن لك تؤرقك لكن هي في مجال الحسن والأحسن فأرجوك إلتماس العذر لمخالفيك وثق تماما أننا لانجتمع على ضلالة نحن في حماية الله والله يتقبل منا جميعا

خطاب يقول...

أخى وأستاذى قبل أخى الدكتور توكل مسعود عنوان مقالتك ((الشفافية )) هى فى نظرى وحسب معرفتى بشخصك الكريم أصدق تعبير عنك وعن شخصك فحينما أجلس معك وأسمع صوتك أشعر بشفافية ونقاء وإخلاص وتجرد للحق وهذه هى آفة هذه الأيام أقصد عدم وجود هذه الخلال والصفات الحميدة عند الكثيرين -داخل الصف -ويكون الأمر أسوأحينما تأتى بهم الظروف فى مواقع المسئولية إداريا أو تربويا .وفقك الله لما يحب ويرضى وأجرى الحق على لسانك ونفع بك إخوانك وكل من يسمع لك ويقرأ لك وثبتنا وإياك على الحق

Unknown يقول...

أخى وحبيبى د/ توكل أسأل الله أن يجمعنى وإياك فى مستقر رحمته وان يحفظ عليك عقلك ووجدانك فما كانت هذه الشفافية لتخرج إلا من رجل قلبه معلق بالقرآن نحسبك كذلك والله حسيبك ولا نزكى على الله أحداً، ولكن أرجو من أخى الأكبر وحبيبى الدكتور توكل أن يفسح صدره للخلاف مع إخوانه وإن كانت ثمة نصيحة كما وضحت حضرتك فى ان الخلاف بينك وبين القيادة فى الإخوان هى فى الحسن والأحسن منه والصواب والأصوب منه- فأنت أعلم منى كيف تكون النصيحة وعليك ياحبيبنا تجنب العلانية ما استطعت لأن أعداء الدعوة كثر ويتربصون بها الدوائر وخصوصاً ان الخلاف ليس فى أمور شرعية كبيرة- كما أرجو من حضرتك أن يتسع صدرك لإخوانك وأن تصبر على زلاتهم وعثراتهم وأن تكون نصائحك لهم مغلفة بالحب والبشر والإبنتسامة فذلك أطيب لقلبك وقلوبهموأحترم تقدير شخصك للأمور فيما يخص الأفراد أياً من كانوا فكل ي}خذ منه ويرد إلا المعصوم صلى الله عليه وسلم. أخوك المحب/ محمد عطيه

أحمد الخير يقول...

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أستاذي الحبيب د. توكل
جزاكم الله خيرا على شفافيتك، وقد سعدتُ كثيرا بما كتبتَ - بغض النظر عن اتفاقي أو اختلافي مع بعض تفاصيله - وحزنتُ أيضا لما رأيت تعليق الأخ الذي دفعه حبه للجماعة وحرصه على سير الدعوة في هذه المرحلة دون إبطاء.. وأرجو أن تعامله كما أوصى عمر بن عبد العزيز: إذا سمعت كلمة من امرئ مسلم فلا تحملها على شيء من الشر ما وجدت لها محملا من الخير.

تعلمت من أستاذي الحكيم د. توكل أن ما يجري داخل أروقة الجماعة لا يذاع على الملأ ولا يُتَعَرَّض له بالنقد على وسائل الإعلام، لأنه شيء خاص، مثله كمثل المشاكل الأسرية، الخير لها في الستر لا التشهير! .... وأما ما يصدر من خطأ أمام الناس فيجب نقده أمام الناس أيضا، ولا أرى التستر عليه إلا من القداسة التي يجب أن نتنزه عنها.
ولعلنا في نقدنا لأي خطأ ظاهر ننفي عن أنفسنا شبهة تقديس القيادة التي يتشدق بها بعض الناقمين، ونفرِّق لهم بين تقدير القيادة وتقديسها.

ولي مقال بعنوان "نقد لا نقض" أرجو أن يوفقني الله إلى الانتهاء منه، وأعرضه على أستاذي إن شاء الله.

لكل الناس يقول...

السلام عليكم ورحمة الله

استاذى الدكتور توكل وأخى فى الله أشهد الله إنى أحبك فى الله وقد كنت منتظراً أن تنشر المقالة التى بعنوان شفافية الحديبيةلنتعلم منها بدلا من الرد على الأشخاص وهم ونحن لن نتفق على طول الخط كما قلت سيادتكم وليعلم الناس كيف كان الرسول صلى الله عليه وسلم يعلم الصحابة المشاركة فى الرأى وإن خالفوه أرجوا نشرها والتعليق حولها فستكون أفضل بكثير فى مجال إبداء الرأى والتعلم منها

alreda&alnoor يقول...

أستاذي وأخي الحبيب بارك الله فيك وجزاك كل خير وزادك علما وحكمة ويسر أمرك وشد أزرك ........
أخي الكريم لازالت كلماتك الرقيقة تشدني وتهز أعماقي ولا أدري أحسست بحزن في كلماتك فهل هذا صحيح .
ثم هذه الجملة ( وأحزننى شاط عند موافقة سليط عند مخالفة والله يغفر لى وله ) لم أفهمها حقيقة فهل ممكن شرحا أو توضيحا ، سامحني على الاطالة ولي رجاء مراسلتي على الاميل بنصيحة خاصة

د.توكل مسعود يقول...

مهندس إسماعيل
السلام عليكم ورحمة الله
وبعد فليست رفاهة الحس جريمة وإنما هى واجب من واجبات الأخ العامل" أن يكون شديد التأثر بالحسن وبالقبح بفرح ويسر للأول ويحزن ويتألم للثانى"
أما التماس العذر للمخالفين المتأولين فقد التمسته وأما المخالفين المتطاولين فلا يكفيهم التماس العذر وإنما يحتاجون إلى العفو قد عفوت عنهم
وليس البحث فى الحسن والأحسن جريمة ...وترك الأحسن مع إمكان الوصول إليه جريمة فى حق الدعاة.... نقيصة فى حق العوام... هذا الذى أدى بنا إلى ألا نرقى..... حدثت أحداث غزة ولم نرق إلى المستوى اللائق..... وحدثت الثورة ولم نرق إلى المستوى اللائق.
لايكفينا ألا نجتمع على ضلالة فهذا هم العوام... أما أمثالكم من القادة والهداة فلا يشفع لهم إلا الاجتماع على الكمالات...إلا إذا رضيتم بأن تكونوا من العوام. .... اتقوا الله فى دعوتكم وما جعل تحت أيديكم من الأمانات.


خطاب
السلام عليكم ورحمة الله
لن تحرم أمة محمد من الخير


أخى محمد عطية
أرجوك قراءة المقالة التالية فى مسألة العلانية لتكمل الصورة.


أحمد الخير
السلام عليكم ورحمة الله
جزاك الله خيرا ماعلمتنا: "التقدير لاالتقديس"
نعم المعلم أنت نحسبك كذلك والله حسيبك

لكل الناس
المقالة"شفافية الحديبية" بعد الشفافية...3 إن شاء الله

أخى عماد
أما قولى: "شاط عند موافقة" فأعنى الذى إذا وافقك مال إليك بشدة حتى يطعن فى المخالفين..وأما" سليط عند مخالفة" فأعنى الذى إذا خالفك حمل عليك بما لاقبل لك به من التهم والإساءات......شكر الله لك