الأحد، فبراير 14، 2010

لماذا القرأن...2 القرآن أولا

لماذا القرآن .. والقرآن أولاً
.

.
"لا تكتبوا عني غير القرآن ... ومن كتب غير القرآن فليمحه".. حديث صحيح أخرجه الإمام مسلم عن أبى سعيد الخدرى

.

.
ترى أي أمر جلل جعل النبي صلى الله عليه وسلم ينهى أصحابه وأتباعه عن كتابة شيء يقوله سوى القرآن، وأي خطب دعاه أن يأمرهم بمحو ما كتبوه من حديثه إليهم سوى ماكان قرآنا!!! .. ترى ما الذي عناه النبي صلى الله عليه وسلم من وجوب تفردهم للقرآن ..... وماذا وراء انفراد القرآن بهم ؟!!!!..
.

.
هكذا خاطب النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه وأتباعه في بداية الرسالة، وقد ظل هذا النهي عن كتابة شيء من حديثه سوى القرآن وذلك الأمر بمحو ماكتبوه مالم يكن قرآنا ..... ظل ماضيا طوال الفترة المكية وزمناً من العهد المدني.

هل أراد النبي صلى الله عليه وسلم ألا يختلط القرآن -وهو كلام الله المعجز- بكلامه صلى الله عليه وسلم وهو قول بشر؟؟!! .... وماذا بعد الخلط إلا ضياع التميز القرآني وفقد إعجازه ومن ثم عدم نهوضه للتحدي ثم اندراس النبوة وفقدان الرسالة.!!
.

.
أم أنه أراد أن يتعلقوا بالله منذ البداية وليس ببشر ولو كان هو محمد صلى الله عليه وسلم؟!
.

.
أم أنه صلى الله عليه وسلم أراد أن ينشأ أصحابه على حب القرآن وحده والتعلق به دون ما سواه.... وأن يكونوا من خلال القرآن على علاقة مباشرة بالله تعالى وكأنه سبحانه يحدثهم ويحدثونه فيعلمون أنهم عبيده وحده وأنهم جميعاً رسل الله إلى خلقه، وأن وساطة النبي صلى الله عليه وسلم هي وساطة التبليغ وحده وليست وساطة العلاقة والاتصال....!!! وإلا فما الذي دعا ربعي بن عامر أن يخاطب رستم قائلاً "الله ابتعثنا" وقد كان بإمكانه أن يذكر أن قائده سعد بن أبي وقاص انتدبه أو أن عمر أمير المؤمنين أرسله أو أنه ينفذ تعليمات محمد صلى الله عليه وسلم وهو في ذلك كله صادق غير كاذب !!!ّ
.

.
أم أنه صلى الله عليه وسلم أراد- والصحب الكرام في بداية عهدهم بالإسلام- ألا يشوش عليهم حلاوة القرآن وجمال التلاوة وسمو المعاني القرآنية بكلامه صلى الله عليه وسلم وإن جمع البلاغة من أطرافها والفصاحة من بطونها وظهورها إلا أنه إذا قورن بالقرآن فقد كل ماله من جمال فصيح وحلاوة بليغة.
.

.
أم أنه صلى الله عليه وسلم أراد لهم أن يتعرفوا على ربهم من كلامه وأن يتعرفوا على ملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر من حديثه سبحانه وأن يتعرفوا على أصل خلقتهم وبداية فطرتهم ثم تسلسلهم في أصلاب آبائهم وأرحام أمهاتهم بقدرة فائقة وحكمة بالغة من خلال وصف القرآن المعجز وحديثه المبهر الذي لا تمله الآذان ولاتسأمه القلوب؟؟!!.
.

.


أم أنه صلى الله عليه وسلم أراد لهم أن يتعرفوا على سنن الله في خلقه وقوانينه في الكون والحياة وأن يتأملوا متعمقين ويتفكروا متدبرين في قطعيات القرآن الجازمة والتي تضبط حركة الإنسان وتحقق استقامة الحياة وتحدث توازناً بين الإنسان وسائر الكائنات وانسجاماً بين المرء والقدر وتجانساً بين الناس على اختلاف بينهم في دين أو جنس أو لغة أو لون.
.

.


أو أنه صلى الله عليه وسلم أراد أن تتوحد مشاعرهم وأن تتآلف قلوبهم، وقد أتوا من قبائل شتى ومن عشائر متفرقة قد اختلفت لهجاتهم وتباينت طبائعهم وعاداتهم..... فيهم القرشي الشريف والحبشي الرقيق والرومي الغريب ..... فأراد صلى الله عليه وسلم أن يجمعهم على ذلك الدستور الإلهي وأن يكون خطابهم ببيان رباني ترتفع عنه شبهات البشر وآفات المخلوقين وإن كان هو صلى الله عليه وسلم فوق الشبهات وقد عصمه الله من جميع الآفات.
.

.


أم أنه صلى الله عليه وسلم أراد توحيد مصدر ثقافتهم وغذاء فكرتهم فإن وحدة الثقافة والفكر هي أصل ألفة القلوب ووحدة الشعوب؟؟!!
.

.


تستطيع أن تطلق لفكرك العنان... وأن تحرر خيالك من وثاقه لتفترض الكثير من المبررات والدوافع التي حدت بالنبي صلى الله عليه وسلم أن يحمل أصحابه طوال ما يزيد على عقد كامل من السنين ألا يكتبوا حديثه ولايدونوا كلامه بل وأن يمحو أحدهم شيئاً من ذلك كان قد كتبه.
.

.


"لا تكتبوا عني شيئاً غير القرآن .. ومن كتب غير القرآن فليمحه"
.

.


وقد تختلف وجهات نظرنا ويرى كل ناظر أن فكرته أقوى وأن المبرر الذي ارتآه أولى وأجدى ، ولكننا لا نختلف أنه المنهج السليم في التربية والطريقة الحكيمة في النهوض بالأمة لا سيما وهي تخطو خطواتها الأولى نحو الحضارة بكل معانيها ومقاييسها.
.

.


إن من أعظم الأخطاء التي يقع فيها القائمون على العملية التربوية في زمن الصحوة أنهم يبدأون مع أبنائها من أقوال الرجال وآراء الزعماء واختلافات الفقهاء قبل أن يتحقق انتماؤهم إلى القرآن فيثقون بإعجازه ويتقنون تلاوته ويتذوقون فصاحته فيتغنون به بالليل ويترنمون به بالنهار ثم يميزون بين محكمه فيعملون به ويلتقون حوله.... وبين متشابهه فيؤمنون به ويدعونه مجالاً لعمل العقول واجتهادات المجتهدين من غير أن يؤثر ذلك على وحدة الصف أو اطمئنان القلب.
.

.


أو أنهم يضخمون دراسة السنة ومتون الأحاديث وعلوم الرجال ومناهج الجرح والتعديل.... فيكون لها نصيب الأسد من ساعات الدراسة ومن أوقات البحث والتدقيق ..... كل ذلك قبل استيعاب عموميات القرآن الكريم والوقوف على قطعياته والتي ينبغى فهم السنة في إطارها.... فإن السنة وإن كانت شرحاً وبياناً للقرآن إلا أنها ينبغي أن تفهم في إطار القرآن وحدوده وكل فهم للسنة أو تطبيق لها يتعارض مع قطعي القرآن الحازم ومع محكمه الجازم فهو فهم أخرق وتطبيق أحمق دافعه الهوى المحبط أو الجهل المطبق أو ما بينهما من جبن مقعد أو شح مثبط.

.


.




والله من وراء القصد




هناك 15 تعليقًا:

أمل حمدي يقول...

اللهم اهد علماء الأمة لما فيه الخير

ولاتفتنا اللهم أمين

جزاك الله خيرا

دمت بحفظ الرحمن

ستيتة يقول...

د. توكل
السلام عليكم
شكر الله لك هذا الشرح الراقي
وكما قلت
سواء اتفقنا على سبب واحد لهذا الحديث الشريف أو تعددت أوجه التفسير الا انها تبقى حقيقة واحدة
ان القرآن هو المنهج الأول
المنهج الصحيح
التعلق بالله وحده مع تقديرنا لخير خلق الله كلهم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم
أنه القرآن
أولا

تحياتي وخالص دعواتي بالصحة والعفو والعافية

المجاهد الصغير يقول...

السلام عليكم
جزاكم الله خيرا
اللهم صلى على محمد
كل سنه وانتم بخير

sal يقول...

د توكل
السلام عليكم
اتمنى لك كل توفيق

بحب كل الناس يقول...

السلام عليكم ورحمة الله

نحمد الله ان هدانا الى حب دينه والاقتداء بالقران والسنة

وجزاك الله كل خير

يا استاذنا العزيز د / توكل 

Adabclub يقول...

موضوع رائع استاذنا الغالي
ادام الله عليك فضله
ولكن بدي اسأل حضرتك سؤالا
متي نزلت مدونتي علي قوائم المقاطعة ؟

القدر و انا يقول...

د. توكل
السلام عليكم
شكر الله لك هذا المزضوع المهم
وكما قلت
القران منبع كل شئ فى الحياة
جالى اميل جميل يوضح اعجاز القران
وده اللينك


http://alkadarwana.blogspot.com/2010/01/blog-post_31.html#comments

alghanai@gmail.com يقول...

الأخ الدكتور توكل
أشكرك على هذا المجهود لكن اسمح لي ببعض الملاحظات :
أولاً : كان ينبغي تخريج الحديث وبيان صحته .. أقصد حديث النهي عن كتابة غير القرآن .. لأنه المرتكز الذي بُنيت عليه المقالة .
ثانياً : لا بد من الرد على فرضيات قد تناقض ما كتبته .. مثلاً كالقول بأن ذلك عند نزول القرآن.
ثالثاً : هل الاهتمام بغير القرآن هي المشكلة الرئيسية للجماعات الأصولية؟؟
دمت

د/عرفه يقول...

فعلا يا دكتور

االقرآن نزل من اجل التدبر والتفكر والعمل به

والقرآن لازم يتفهم من خلال نصوص السنة وسبب نزوله
ولا يصح ان ناخذه هكذا مجردا ا


وتحياتى لك دكتور

غير معرف يقول...

أنتبه هذه منطقه لا يجوز الحديث عنها بسطحيه و سذاجه. و يبدو انه قد خانتك الكلمات للتعبير عما تريد .فهذا العذر الوحيد.

أحمد بسام يقول...

استاذنا الفاضل د.توكل
جزيت خيرا على هذه التدوينة
وأعيب على غير معرف اسلوبه الفظ
نفع الله بك الاسلام و المسلمين

Unknown يقول...

السلام عليكم ورحمة
الله تعالى وبركاته
جزاك الله خيرا على
تفكرك وتفكيرك هذا
بصراحة لأول مرة أقرأ
وأعرف هذا الحديث لرسول
الله صلى الله عليه وسلم حتى
أنى أرتعبت وانا أقرأ بدايته
ياربى فماذا عن السنة النبوية
الصحيحة كيف نعرفها؟فلّما أكملت
القراءة عرفت والحمد لله انه كان فى
بداية الدعوة الشريفة.وكل ما وضعت
تحتمل الصدق واكثر منها ايضاً فجزاك الله خيراً يادكتور توكل على هذا الفكر.

أحمد الخير يقول...

كأني لم أقرأ هذا الحديث الشريف إلا الآن !
مبررات محتملة وقوية ، تنمّ عن معايشة صادقة وفهم عميق .

وجزاكم الله خيرا كثيرا أستاذنا الحبيب على ذوقك وأدبك ، وأسأل الله أن يجعلني عند حسن ظنك وأن يغفر لي !

د.توكل مسعود يقول...

السلام عليكم ورحمة الله
وبعد
فشكر الله جميعا زيارتكم وتعليقكم


أمل حمدى
حفظنا الله وإياكم من كل سوء


ستيتة حسب الله الحمش
دائما على خير نلتقى مع القرآن وأهله.


المجاهد الصغير
مرحبا بك دائما


SAL
ويبقى القرآن


بحب كل الناس
جعلنا الله وإياك من أهل القرآن


عمار مطاوع
لايحل لمسلم لأن يهجر أخاه فوق ثلاث....



القدر وأنا
دخلت على مدونتك وتصفحت الموضوع
كم هو رائع
نفع الله بكم


ALGHANAI
شكرا لزيارتك ونلتقى على خير إن شاء الله


د عرفة
ألف مبارك لنجاحك..وعقبال الدكتوراة



أحمد بسام
المهم انك بخير وعافية
أدام الله علينا ستره


norahaty
شكرا لزيارتك.. وفى السنة كنوز ودرر ولآلىء... ولكن أين الغواصون المهرة والباحثون المتجردون؟؟!!


أحمد الخير
ختام مبارك للتعليقات... دائما موفق جعلنا الله وإياك من يحظون بكلإه وعنايته.

وزراء في البلاك ليست يقول...

جزاالله خيرا