الأربعاء، يونيو 11، 2008

رسالتي إلى ابنتي ليلة زفافها ... :)

رسالتي إلى ابنتي ليلة زفافها

الحب أعظم نعمة لذوى القلوب الطاهرة
الحب مفتاح الهدى من هـا هــنا للآخرة


نعم هذه حقيقة ... لست أدري لو لم يخلق الله الحب فبم كان يسعد الإنسان !!
إن علاقتنا بالله هي في الأصل علاقة حب .. حب الله لنا .. وحبنا له .

" فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه "
" قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله "

وإن علاقتنا ببعضنا هي في الأصل حب ... تابع لحبنا لله وحبه لنا ...

لقد سأل النبي (ص ) يوما ً أصحابه :
أتدرون ما أوثق عرى الإيمان ؟!
قالوا : الصلاة ..
قال : الصلاة حسنة ، ولكن ماهي بأوثق عرى الإيمان ..
قالوا : الزكاة ..
قال : الزكاة حسنة ، ولكن ما هي بأوثق عرى الإيمان ..
قالو : الجهاد ..
قال : الجهاد حسن ، ولكن ماهو بأوثق عرى الإيمان ..
فسكتوا ، فقال (ص) : إن أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله .

المحب : عابد متذلل خاشع
مشغول بمحبوبه غيبة وحضورا ً، يرى غاية أمله رضاه .. ومنتهى سعادته عند لقياه ، لا يرى في محبوبه عيبا ً ولا يجد فيه نقصا ً .. بل يرى في نفسه التقصير وأنه دائما دون المستوى المطلوب ، وأنه عاجز عن حسن الأداء وتمام الوفاء ؛ مع سعيه الدؤوب ، وحرصه على الخدمة ، وتفننه في إيصالها ، وربعته في قبول محبوبه لخدمته ، ثم يرى ذلك القبول منة كبرى ونعمة عظمى وفضلاً لا يدانيه فضل .
ويرى اللحظة التي يدعوه فيها محبوبه لخدمته لحظة سقوطه ، ومنتهى تقصيره إذ كيف غفل عنه حتى دعاه وهو الذي كان ينبغي أن يكون عند قدميه ، وكان يجب عليه أن يفكر في حاجته قبل أن يحتاج إليها ، وأن يعدها له قبل أن يسأل عنها ، وأن يمده بها ويحملها إليه في وقت طلبه إياها .

لقد رأى بعض الصالحين ولده يغدو إلى المسجد كلما سمع الأذان ، فقال يا بني :
" ألا تذهب إلى المسجد إلا إذا دعيت ؟! "
فقال : وماذا عساني أن أصنع ؟؟
قال : يا بني بئس العبد لا يخدم مولاه إلا إذا دعاه ...
إنه يريده أن يكون جاهزا ً وفي الخدمة قبل أن يدعى إليها
فإذا أراد مولاه أن يدعوه .. وجده ماثلا ً بين يديه ، وحاضرا ً بكل مشاعره وخواطره
وخلجات نفسه ودقات قلبه ، فيكون النداء مددا ً والدعوة عونا ً ،ويرى نفسه أقرب من أن ينادى ،وألصق من أن يدعى ، فتتحول المناداة إلى مناجاة ،ويرى في الخدمة شرفا ً ووصولا ً ،ويحس مع التعب راحة وسعادة .. هي سعادة المحب برضا المحبوب

* والمحب لا يمل النظر إلى محبوبه ..
ولا تشبع عيناه من رؤياه

" وجوه يومئذ ٍ ناضرة إلى ربها ناظرة "

فإذا قُدِّر أنه لايراه إلى حين .. عزى نفسه وصبر فؤاده بالنظر إلى آثاره

"فانظر إلى آثار رحمة الله "


فرآه في كل نعمة وأحس به في كل فضل ... بل حتى عند البلاء يرى يده الحانية تمتد لترفعه ، ويستلهم من إرشاده وتوفيقه ما يعينه على الاجتياز .

المحب قد يخطىء وهو يريد الصواب
وقد يهفو وهو حريص على السداد ، وقد يزل بينما قدمه على الصراط.
قال المحب في لحظة من لحظات الفرح الشديد، وفي وقت من أوقات نشوة الحب ودفقته التي قد تفقد العقل فينطلق اللسان بلا رويةٍ .. قال : " اللهم أنت عبدي وأنا ربك " ، فكان المحبوب أشد فرحا ً به من ذي قبل .. إذ علم أن وراء الزلة سدادا ً، وأن مع الهفوة حبا ًولهفة، وأن الخطأ هو عين الصواب .

أقول لك بعد ما سبق .. هذه نصيحتي


نصيحتي لابنتي وقد أوشكت أن تفارق عشي وأن تغادر بيتي لتنعم في مملكتها الجديدة بزوج أحسب أنها تحبه و أنه يحبها ، وأحسب أني قد منحته أغلى ما رزقت ووهبته أحلى ما وهبت .

هذه نصيحة أب قد خبر الرجال والنساء ، ولم يبقى من عمره بحسبان البشر مثل ما مضى أو حتى بعض مثله .
هذه نصيحته لابنة .. هي بها أعلم من علمه نفسها .. والله أعلم به وبها من علم كليهما
المرأة مع الرجل ليس بينهما شهادات ولا أموال ولا فارق السن ولا حتى مقاييس الجمال .. لقد تجردا من ذلك كله كما هما من ثيابهما متجردان ، ولم يبق في كل منهما إلا الإنسان بفطرته وغريزته وحاجته ، والمتفوق من تفوق بحسن خلقه وصبره وحكمته ،وكل ذلك ينضوى في الرحمة التي تجعله قادرا ًعلى استيعاب كل المواقف وامتصاص جميع الصدمات .
قفي منه موقف الصغير من الكبير، وموقف الولد البار من أبيه الرحيم ، وموقف التلميذ النجيب من معلمه الملهم .
لا تحدي إليه بصرا ً،ولا تغفلي له أمرا ً، وليكن نظرك إليه نظر الرضا والسرور، وليقع أمره منك موقع الفرح من الصدور .
أيقظي في زوجك الحب وذكريه به في كل لحظة وعند كل حاجة
لا تذكري حاجته وإرادته .. ولكن اذكري حبه ..

فقولي .. ماذا تحب ، ولا تقولي .. ماذا تريد ولا ماحاجتك
ماذا تحب أن تشرب وماذا تحب من الطعام
ماذا تحب من الثياب وماذا تحب من الألوان
وإلى أين تحب أن تخرج ومن تحب أن تزور

* انظري إليه دائما ً تعرفينه أكثر وتحبينه أكثر
انظري إليه بل أطيلي النظر إليه
وهو يتكلم
وهو يأكل
وهو يشرب
وهو يقرأ
بل حتى وهو نائم .. انظرى ملامح وجهه وقسمات ملامحه
لقد قال النبي (ص) للرجل الذي يريد الزواج من امرأة :

" انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما "


وقال العلماء : " دوام النظر بعد الزواج يؤدم العشرة " ( أي يطيلها ويحسنها )

انظري إليه عند غضبه وعند رضاه وعند فرحه وترحه وإقباله وإدباره .. تعرفين طبعه وتفهمين خلقه وسلوكه

انظرى إليه حتى يراك ناظرة إليه .
فإن نظرك إليه يحببه إليك ورؤيته لك وأنت ناظرة إليه تحببك إليه .

أعدي له حاجته قبل السؤال عنها

طعامه وشرابه وملبسه
وهييئي فراشه دائما ً بالطريقة التي تعلمين أنها تروقه وبالهيئة التي يحبها وتعجبه ، واستدركي النقص في كل ذلك وأكمليه قبل أن يدركه هو فينصرف ذهنه عنك، ويتحول قلبه إلى حاجته وهمته إلى طلباته فتكوني قد خسرتيه وأبعدتيه .

أكرمي أهله وإخوانه وأصدقاءه ،ورحبي بهم ، وافرحي بقدومهم وأشعريه بذلك تكبرين في عينيه ، وتعظمين في صدره وقلبه .. لا تملي خدمتهم ولا تستثقلي اللذين يسعد بهم ويحبهم .
لا تنشغلي أثناء وجوده بنفسك ولا بما حولك ،واجعليه شغلك ،وأد ِ كل ما يخصك في غيابه وكذلك ما يتعلق بأعمال بيتك واهتمامات أولادك .

وأخيرا ً فلم يكتب البقاء إلا لله ولا الدوام إلا لوجهه .. وليس في الدنيا ثبات إلا عدم الثبات .. وقد أتى جبريل النبي (ص) فقال: " يا محمد .. عش ما شئت فإنك ميت ، وأحبب من شئت فإنك مفارقه ، واعمل ما شئت فإنك مجزي به "

وجاء في الحديث عن النبي (ص ) : " أحبب حبيبك هونا ً ما عسى أن يكون بغيضك يوما ً ما ، وأبغض بغيضك هونا ً ما عسى أن يكون حبيبك يوما ً ما "

بنيتي : لولا أني أحبك ما صارحتك

الحبيب قد يفقد
والحب قد يتبدل


لذا أنصحك أن يكون حبك لله أعظم وأدوم من كل حب .. وأن يكون حبك لزوجك نابعا من حبك لله وثقتك به وتوكلك عليه ، لأنه المحبوب الذي لا يفقد بل إنه يعوض كل مفقود ، ولأن حبه معقود بإرادته ، لذا فهو حب مصون .

ماذا فقد من وجد الله...وماذا وجد من فقد الله


لقد تنازل الملك إدوارد الثامن ملك انجلترا عن عرش مملكته سنة 1937 من أجل امرأة أحبها كانت قد تزوجت قبل ذلك وطلقت مرتين ، ولكنه أحبها ومن أجلها تنازل عن ملكه وكتب " أتنازل أنا الملك إدوار الثامن عن عرشي وذريتي من بعدي .. " فأسعدها وعوضها معاناتها في زيجتين متتاليتين ، وعوضته فقدان عرشه ووجد فيها مالم يجده في مملكته ، وكانت تقول له : " سيدي إدوارد ".. سواء كانت معه وحدها أو كانا في جمع من الناس ، وكان يقول : " لقد أسعدت من خلالها ثلاث نساء ولم أسعد امرأة واحدة "
يقصد تعويضه إياها عن سعادتها المفقودة مرتين متتاليتين ، ثم إسعاده إياها بزواجه منها " وانتصر الحب على السياسة "

بنيتي " مريم ":
كتبت لكم كتابا ً أسميته " إبهاج الأزواج " قال عنه كثير من الأفاضل أنه قد أبهجهم فعلا ً وأنهم استطاعوا من خلاله أن يسعدوا ، فأرجو أن يكون هذا الكتاب من أسباب سعادتك ودوام عشرتك لزوجك واستمرار حبكما .

والله معكم
يوفقكم
ويحفظكم
ويرعاكم

والدك المحب ؛

الأربعاء 11 يونيو 2008

هناك تعليقان (2):

حياتى نغم يقول...

السلام عليكم / بارك الله لكِ أباكِ وبارك الله لنا فيه وحفظه وأمنه من مكر الماكرين آمين .

مجداوية يقول...

السلام عليكم

كلام ولا أروع

ما شاء الله ولا قوة إلا بالله

أسأل الله لمريم كل السعادة والهناء
وبارك الله فيك يا دكتور توكل