الجمعة، يناير 13، 2012

لماذا القرآن.....18 ورد التدبر السورة والتى تليها




إدراك العلاقة بين السورة والتى تليها




القرآن وحدة واحدة - كأنه قطعة واحدة - وإن كان سورا بلغ عددها مائة وأربع عشرة سورة ، موضوعه واحد وهو الهداية والرشاد، ووسيلته واحدة وهى التحدى والإعجاز، ونتيجته واحدة وهى سعادة الدنيا والآخرة، قد يفصل بين سوره البسملة لكن تتصل معانى السورتين المتتاليتين كأنك لم تغادر الأولى، أوكأنك لم تبدأ الأخرى، فهى رحلة واحدة متصلة الخطوات ليس بينها مسافات.







"واعبد ربك حتى يأتيك اليقين" سورةالحجر آخر آية




"أتى أمر الله فلا تستعجلوه" سورة النحل أول آية




فى آخر آية من سورة النحل أمر ربانى إلى النبى الكريم صلى الله عليه وسلم أن يستمر فى عبوديته لربه حتى الموت؛ طالت الحياة أم قصرت، وألا يصرفه عن ذلك صارف من إيذاء عدو أو تلهى بشيء من زخرف الدنيا ومتاعها، ولما كان الموت غير معلوم الأجل، وربما استبطأ بعض السامعين ذلك فاستبعد دنوه واستثقل المهمة واستوحش من طول الطريق وقلة الرفيق؛ جاءت الآية الأولى فى سورة النحل لتعلمه بأن كل آت قريب، وأن هذا المستبعد قريب، وأنه يوشك أن ينزل بك الآن أو بعيد قليل فقال: "أتى أمر الله" بل إنه فعلا أتى، وأن بين حياة أحدنا وموته نفس قد يدخل فلا يخرج... إنه الشهيق الذى بين آخر سورة الحجر وأول سورة النحل.




******







"إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون"سورة النحل آخر آية




"سبحان الذى أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذى باركنا حوله لنريه من آياتنا" سورة الإسراء أول آية




فى آخر سورة النحل أمر بالدعوة والموعظة الحسنة، واختيار أفضل الوسائل للمجادلة والمحاجة؛ فإذا فرض حدوث إيذاء ثم تمكن من المعاقبة فلا ينبغى أن تزيد العقوبة عن الجريمة، ثم يتلوا ذلك دعوة إلى الصبر وترك المؤاخذة، ثم الاستعانة بالله على ذلك، ثم تختم السورة بأن ذلك هو التقوى بعينها وهو الإحسان نفسه، وأنه إذا فعل ذلك فليبشر بمعية الله له،"ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتى هى أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين*وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين*واصبر وما صبرك إلا بالله ولا تحزن عليهم ولاتك فى ضيق مما يمكرون*إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون"، ثم تكون أول آية فى سورة "الإسراء" التى تلى سورة "النحل" نموذجا لهذه المعية وبيانا عمليا لها فى صورة لم تحدث لمخلوق من قبل محمد صلى الله عليه وسلم، ولن تحدث لأحد بعده؛ إذهى آية ربانية ومعجزة إلهية خص بها محمد صلى الله عليه وسلم؛ إذ جمع الإحسان من أطرافه كلها، ودانت له التقوى حتى ضمها فى صدره وضمته فى حناياها - بأبى هو وأمى - صلى الله عليه وسلم "سبحان الذى أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذى باركنا حوله" سورة الإسراء أية 1




*******




"قل ياأيها الكافرون لاأعبد ماتعبدون" سورة الكافرون




"إذا جاء نصر الله والفتح" سورة النصر




بين السورتين أعوام عديدة، لكن القرآن ذكرهما متتاليتين ...الأولى تعنى استعلاء الإيمان، ورفض الذوبان، والإصرارعلى الإسلام كدين مستقل متميز، وعدم الرضا بالحلول الوسط فيما يتعلق بقضايا الاعتقاد أو أمور العبادات، كما أنها تعنى ألا نقف فى منتصف الطريق.




والأخرى تشير إلى حالة النصر التى من الله بها على المسلمين حتى دخل الناس فى دين الله أفواجا، وصار الإسلام قبلة العالمين وواحة الأمان للخائفين الوجلين، لكن هذه الحالة لم تحدث إلا بعد الأولى، وكان النصر يأتى بعد التحدى والثبات، وبعد الإصرار والتصميم على التميز ورفض الذوبان والتميع، فالأولى تؤدى إلى الآخرة، والآخرة ثمرة الأولى.




***********







والله من وراء القصد







وللحديث بقية




هناك تعليق واحد:

محمد السيد عبد الرحمن يقول...

سبحان الله! فعلا سر لطيف ورابط عميق بين متتاليات السور ، فإذاأخذنا في الاعتبار أن القرآن نزل منجما بحسب الأحداث ، وأن بعض أجزاء السور نزلت في أماكن مختلفة،وأن جمع القرآن الأولي كان بإشارة من النبي صلي الله عليه وسلم ، وتوجيه مباشر إلي وضع آيات السورة الواحدة في سياق واحد وترتيبها بترتيب خاص - هو علي الأصح الأظهر ترتيبها في اللوح المحفوظ قبل تنجيمها - والرسم نفسه - علي الأظهر - كما هو بأصله هنالك ، تبين لنا مدي إعجازه من هذا الوجه ؛ وكونه - إن جاز التعبير - توقيعات متجانسة ليد واحدة لحكيم لطيف خبير قاهر مقتدر - علي ما يليق بعظمة يده جل في علاه .