الأربعاء، أكتوبر 29، 2008

أيها الفنان ماذا لو حلمت 6 كل إناء ينضح بما فيه

كل إناء ينضح بما فيه(1)
يقول صاحبي : "أنا فعلاً بحلم" ولكن أحلامي كلها مزعجة (كوابيس) ، كل الصور حولي تدعو إلى اليأس ، كل الوقائع تستدعي القنوط.
أقول لك:
"كل إناء ينضح بما فيه"
حكمة قديمة .... صحيحة
فالإناء المملوء خمراً لا ينضح رزقاً حسناً والوعاء المملوء تمراً لا يفيض بسراً ولا عبثاً.

وكذلك القلوب والنفوس إنما هي أوعية تنضح بما فيها ، وتفيض بما ملأت به.
ملأوك يأساً ... فنضحت يأساً
وسقوك القنوط .. كأساً ... كأساً


والبداية من العينين والأذنين،
هما مدخل القلب ومنفذ المعاني

ألم تر أن العينين للقلب رائد
فما ألفت العينان فالقلب آلف
أنت تصحو على أصوات البارود وتنام على أنين الحيارى ، وصراخ الثكالى ، ونحيب الأرامل ، وآهات المظلومين وتنقل إليك شاشات التلفاز وأوراق الصحف والمجلات .... تنقل لك صور الطفولة المشردة والأعراض المهتكة والأموال المنهوبة والبلاد المحروقة والثروات المسروقة ، وكلها من بلاد العرب والمسلمين التي سرقتها أمريكا ونهبتها بريطانيا وأذلها الروس والصرب وحتى الكروات.

فإذا نقلوا إليك صور بلادك التي لم يحرقوها بعد فهي صور العشوائيات والتلوث والازدحام والفوضى والأمراض والأوبئة والموظفين الكسالى الحالمين على مكاتبهم ، وأعضاء المجالس التشريعية الفارين من مقاعدهم ، وضباط الشرطة يصفعون المواطنين على وجوههم وأقفيتهم ، ويركلونهم بالأقدام ، وقد علقوا فوق ذلك كله لافتة مكتوب عليها
"الشرطة في خدمة الشعب"
فلما سخر الناس منها إذ هي أكذوبة كبيرة جعلوها :
"الشرطة في خدمة سيادة القانون"

فلما سخر الناس أكثر من ذي قبل فإنها كذبة كبرى وهي أكثر شططاً وأبعد عن الحق من سابقتها صاروا صرحاء مع أنفسهم وأسفروا عن وجههم وصنعوا ما شاءوا إذ لم يبق حياء ولا بقية من حياء فجعلوها :
" الشرطة والشعب في خدمة الوطن"
والوطن طبعاً هو شخص بعينه كل الناس تعرفه
"ولا عزاء للخدامين"
فإذا نقلوا إليك صور زعمائك وقادتك ورؤسائك فهم أذلة خاضعون ، ليس فقط لرجالهم وإنما الأدهى والأمر لنسائهم بدءاً بمادلين أولبرايت صاحبة أقصر جيبة في تاريخ السياسة الأمريكية يجلس أمامها الملوك والرؤساء ـ العرب طبعاً والمسلمون ـ وقد وضعت ساقاً على ركبة وانحسرت جيبتها إلى نصف فخذها ـ واللي ما يتفاوض يتفرج ـ فإذا ذهبت إلى السعودية خلعت جيبتها وارتدت بنطلوناً ووضعوا فوق رأسها قبعة أمريكية "حجاب" فصارت محترمة.

ومروراً بالمستشارة الألمانية "ميراكل" ثم "كوندليزا رايس" كلهن يجلسن "رجل على رجل" وأسفل الحذاء في وجه السيد الرئيس أو جلالة الملك الذي يجلس على كرسيه في غاية الأدب وقد صف قدميه ، ووضع يده على فخذيه ، وأرخى أذنيه ، ونظر إلى موضع سجوده لها .. كأوفى من عرف من الكائنات.

ثم يأتي رجالهم ليقبلوا نساء الرؤساء والملوك العرب والمسلمين بدءاً بقبلة ( بيجن وجيهان ) وانتهاءاً بقبلات بوش على خدود الغيد الحسان ، كل ذلك أمام الكاميرات ، وأما الذي خلف الكاميرات ... فالله أعلم به.!!

فإذا نقلوا إليك صور بلادهم فالأمن والأمان والنظام والنظافة والانضباط و الأخلاص والحضارة والعلم والثقافة والفنون..

الشوارع مستقيمة واسعة والخضرة على جانبيها وأعمدة الإنارة تتوسطها ، وتلك الشوارع تلتقي في ميدان فسيح تتوسطه حديقة غناء بأزهار فيحاء ويتوسط الحديقة تمثال لأي رجل أرعن أو امرأة رعناء
حتى قمم الجبال وشلالات الأنهار ومصباتها كل ذلك جمال في جمال وكأنها ليست صورة ملتقتطة بكاميرا..... وإنما ريشة فنان مبدع.


فإذا نقلوا إليك صور قادتهم فهم دائماً منتفشون منتفخون متعاظمون .. ومالهم لا يفعلون .. وقد قهرونا وغلبونا وذبحوا "التركي" ذلك الديك الذي تتبرأ كل بلد من نسبته إليها ، فالأتراك والمسلمون يسمونه "الإنجليزي" أو "الرومي" والإنجليز يسمونه "التركي" والصينيون يسمونه "الهندي" أما الهنود فلا أدري بم يسمونه ... أحسب أنهم سيسمونه "المسلم" ....

نعم : ذبحوا "التركي" وحمله جورج بوش بنفسه وقدمه على الصينية لضباطه وجنوده في أعياد الميلاد ، فإن "التركي" عندهم رمز للدولة العثمانية ، آخر دولة حملت لواء الخلافة ، وهم بذلك يطعنوننا في ديننا وخلافتنا وأمتنا ونحن نعلم ذلك ونعلم أنهم يعلمون أننا نعلم أنهم يعلمون.... ونعوذ بالله من الخذلان.
أرجو أن تفسر ما يلي :
ذات صباح و في الصحفة الأولى .... في جريدة الأهرام ... في منتصفها الأعلى ..
صورتان :
الأولى ناحية اليمين : لإمرأة رشيقة أنيقة مهندمة تحمل باقة من الزهور تكاد رائحتها تفوح على الجريدة إلى جوار قبر أنيق مزركش وقد كتب تحتها :
"أمريكية تضع إكليلا من الزهور على قبر ابنها الذي قتل في العراق"
الصورة كلها جمال في جمال....
الثانية ناحية اليسار: لإمرأة بدينة ترتدي سواداً بدوياً أو قروياً قد فغرت فاها وتباعدت شفتاها والدمع يغمر وجهها ومخاط أنفها قد فاض عن مخارجها وتكاد تسمع صوت النحيب والصراخ يمزق الصحيفة كل ذلك ألقته فوق كومة من التراب والحجارة المبعثرة التي هي ... القبر ... وقد كتب تحتها :
"عراقية تبكي أخاها الذي قتل في معارك النجف"
الصورة كلها قبح في قبح....
فسر من فضلك ... واشرح فإنني أحب أن أفهم.
الآن عرفت لماذا أنت غير قادر على التفاؤل ؟
عرفت لماذا أنت لا تحلم .... وإذا حلمت في الكوابيس المزعجة ؟!!
لأنك أسلمت نفسك وعينك وأذنيك وكل جوارحك للإعلام الذي يقودونه ويحركونه ويصنعونه بشاشاتهم وفضائياتهم وصحفهم ووكالات أنبائهم فامتلأت يأساً وقنوطاً فجاء الحلم كابوساً.
أنت ترى الفرق شاسعاً بين الصورتين والبون بعيداً بين الواقعين ولا تدري كيف يمكن أن تحدث النقله ولا كيف تضيق الفجوة وتسد الهوة وهل يمكن ترقيع الخرق أو رتق الفتق؟!!
لأنك لم تنهل منهلاً آخر ... ولم ترد مورداً آخر يروي ظمأك ويشبع نهمتك ويملأك أملاً ويعرفك الطريق ويدلك على أبواب النصر ومنافذ التمكين .
وللحديث بقية،

هناك 8 تعليقات:

أحمد بسام يقول...

استاذنا الفاضل
اتفق معك في كل حرف وانتظر البقية

غير معرف يقول...

ارجو متابعة تعليقى بالصفحةالسابقةولك الشكر.

DR.HAMAS يقول...

أستاذنا الكريم

لقد قرأت كلماتك كلها

و منبهر بأسلوبك و أفكارك

و ما ذكرت هو حالنا بالفعل

فقط ... لأننا تركنا ديننا و هداه

و اتبعنا ركب كونداليزا و من قبلها أولبرايت

و قبلناهم سادتنا و كبراءنا فأضلونا السبيلا

ربنا آتهم ضعفين من العذاب و العنهم لعنا كبيرا

و لكن الغد القريب آت

الغد الذى نلوذ فيه جحافلا نحو اتباع ديننا

ديننا الذى هو مصدر عزنا و كرمتنا

و إن هذا لقريب

أليس الصبح بقريب !!!






د.حماس

أكون أو لا أكون يقول...

الدكتور الفاضل توكل مسعود...

بوست أكثر من رائع... والله هذا الكلام عبره...
معك حق... صرنا نروّج لهم نصرهم وعزهم... وننشر بين الناس صورة أنكسارنا وذلنا... ونهايتنا...!!!


اشكرك جزيل الشكر استاذي العزيز على التنبيه... والدرس المهم الذي أعتبره من أهم الدروس في حياتي... الموضوع اثر فيني جداً... وزاد من عزيمتي واصراري على التفائل... والصبر والأمل... بإذن الله تعالى
جزاك الله كل خير...

م/ الحسيني لزومي يقول...

شارك في الحملة الشعبية للقيد بالجداول الانتخابية بوضع بنر الحملة علي مدونتك.
البنر موجود علي مدونتي

أحــوال الهـوي يقول...

لست ادري هل هناك كوابيس ابلغ مما اوجزت في حقيقة ايامنا التي اظنها ليل بلا شروق و ظلام بغير سنا ضوء
ان كل مافي الصور التي اسلفتها تلقي بنا الي غياهب الجحيم نتجرع منه الزقوم و شراب الهيم فدعنا ننظر فيما وراء حدود الدنيا الي جنات الخلد التي تجري من تحتها الانهار لعل لنا بها ملاذا و رزقنا الله نعيمها

ادماني الدمع من مقالك الفريد الذي جمع كل شئ و اوجز حال البلاد والعباد و جعلني ابكي بحرقة الثكالي و اصرخ بصمت المقهورين
تقبلني في زمرة المتابعين لاعمالك و لك الشكر بهذا الشرف العظيم


تحياتي

كلام على بلاطة يقول...

حلمت بالتقدم وزوال الضباب والفقر

د.توكل مسعود يقول...

أحمد بسام
كتبنا البقية .. وتسرنا متابعتك

لا حرمنا الله منك


محب لدينه
بارك الله فيك


د/حماس
بلى .. إن الصبح لقريب
تشرفت بزيارتك..متابعتك تسعدنى


أكون أو لاأكون
استمري والله معك .. يحميكي ويسدد خطاكي


م/الحسيني لزوم
أعدك بالزيارة لمعرفة المزيد عن الموضوع


A7WAL_EL HAWA
جزاك الله خيرا ً
شاركنا في الحلم .. من أجل التغيير


كلام على بلاطة
خطط لحلمك .. يتحقق
تسعدنا متابعتك



جزاكم الله خيرا ًجميعاً