الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم النبيين وسيد الأولين والآخرين ـنبينا محمدـ وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان.
وبعد،
فقد مضى رمضان، وبقى الله رب رمضان، ولئن كان رمضان قد حرم عليكم الطعام والشراب فى نهاره فإن رب رمضان قد حرم عليكم دماءكم وأموالكم وأعراضكم طيلة العام ليلا ونهارا، وإنى لأربأ بنفسي وبكم أن نجتهد فى طاعة الله فى رمضان ثم لا نبالى بمعصيته بعد رمضان، أو أن نكون قد شمرنا فى المساجد ثم لا نبالى بعد ذلك بالترهل فى الشوارع والميادين، أو أن نحسب أن نجاتنا مرهونة بإحسان مابيننا وبين الله ثم لانبالى بفساد ما بيننا وبين خلقه وعباده.
أيها المسلمون
والله لايبالى الأعداء بصيامكم وصلاتكم وعكوفكم حتى يروا أثر ذلك فيكم: أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين، وحتى يروكم: أشداء على الكفار رحماء بينكم، وحتى تكونوا: متعاونين على البر والتقوى نافرين من الإثم والعدوان؛ هنا يحسبون لكم ألف حساب، وإياكم أن تتسع صدوركم لأهل الدنيا ومن خالفوا دينكم ثم تضيق تلك الصدور بأهل دينكم ممن خالفوكم الرأى فإنه عين الجهل وعلامة المداهنة.
أيها المسلمون
لقد أعد الأعداء لكم حفرة الفرقة ونار الشقاق فخيبوا ظنهم وضيعوا فرصتهم، فلينوا فى أيدي إخوانكم ولاتحاسدوا ولاتباغضوا، والسعيد من أقال عثرة أخيه وعفا عمن هفا، ففى أوقات الشدائد وأزمنة المحن يصير التماس الأعذار واجبا وإحسان الظن فريضة والتنازل عن كثير من المظاهر والشكليات دينا لايحسن الإسلام إلا به ولا يتم الإيمان إلا معه، فهذا عمر رضى الله عنه فى الحديبية يرى أنها دنية لاتنبغى فى الدين، والنبي صلى الله عليه وسلم يعذره، ثم المسلمون يكادون يعصون أمر النبى صلى الله عليه وسلم وأم سلمة تعذرهم وترى أنه قد نزل بهم مالا قبل لهم به، ثم المشركون يأبون كتابة: "بسم الله الرحمن الرحيم" ويرفضون أن يذكر: "محمد رسول الله" ليكتب مكانهما: "باسمك اللهم"، و"محمد بن عبدالله" فيأبى "على" ويقبل "النبي"، فليست العبرة بما كتب على الورق وإنما العبرة بما وقر فى القلب وصدقه العمل.
أيها المسلمون
انطلقوا بعد "رمضان" باسم الله، وسيحوا بعد ثورتكم باسم الإسلام، والإسلام وحده بعيدا عن حزبية تفرق أو فئوية تمزق، ودعوا كل عصبية منتنة فإن الدين لايتم إلا بأمرين: إقامته والتوحد حوله؛ قال ربكم فى كتابكم:
"أن أقيموا الدين ولاتتفرقوا فيه" سورة الشورى
تقبل الله منا ومنكم، وجمع الله قلوبنا وقلوبكم على الخير وألف بينها على حبه وحب رسوله وآل بيته وتلاوة كتابه حتى نلقاه غير مغيرين ولا مبدلين.
وكل عام وأنتم بخير وعافية.
هناك تعليقان (2):
كل عام وحضرتك بخير وسعادو ورضى من الرحمن
كل عام وحضرتك بخير
والمسلمون بعافية ونصر
ومصر من ثورة إلى دولة
إرسال تعليق