الأحد، مارس 21، 2010

جمال النصح..........وحلاوة الصدق

جمال النصح وحلاوة الصدق
.
.

كانت انتخابات نقابة الأطباء سنة 1986 ....... وتقدم الدكتور محمد محمد البنا للترشيح لمنصب نقيب أطباء الإسكندرية ..... كان الدكتور محمد محمد البنا وقتها فى مركز مرموق يغبطه عليه جل أقرانه فهو مدير عام مستشفى المواساة ورئيس مجلس إدارة المؤسسة العلاجية بالإسكندرية ،وكنت وقتها أعمل بالمستشفى طبيب مقيم باثولوجي إكلينيكي..... فاز الدكتور محمد محمد البنا بمنصب نقيب أطباء الإسكندرية وتسارع الناس لتهنئته بالمنصب الجديد وحملوا إليه الهدايا العينية القيمة كلٌ على قدره والهدايا دائما ً على قدر مهديها.
.
.

جاءني زميل طبيب وأخ كريم حبيب إلى فلبى هو الدكتور جمال قريطم..........
.
قال : هل هنأت الدكتور محمد البنا ؟؟
قلت : لا
قال : لماذا ؟؟!!
قلت : لأنني أود أن أعزيه ...
قال : في ماذا ؟؟
قلت : في البلوى التي أصابته .
قال : وما هي ؟؟
قلت : منصب نقيب أطباء الإسكندرية .
قال : أنت تمزح في موضع الجد .
قلت : ماكان هذا دأبى ولاخلقى... وإنى والله لجاد فيما أقول وسأذهب لأعزيه ..
قال : أنت وشأنك .
.
.
عدت إلى بيتي مساء ً وخلوت إلى مكتبي وكتبت .....
.
.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

الأستاذ الدكتور / محمد محمد البنا

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعد ؛

فالموقف من وجهة نظري ليس موقف تهنئة وإنما هو موقف تعزية في بلوى جديدة أضيفت إليك فقد كنت مسؤلا ً عن بيتك وأطباء مستشفى المواساة والمؤسسة العلاجية واليوم أضيف إلى أعبائك عبء جديد وهو أنك مسؤلٌ عن أطباء الإسكندرية جميعا ً ....... وإنها أمانة وإنها يوم القيامة خزيٌ وندامةٌُ إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها .
.
.
وإذا كان الناس ينظرون إلى هذه المناصب على أنها شرف لحق بالمرء وتكريم كبيرأدركه فإن هذه نظرة العميان أو قصيري النظر الذين لا يرون إلا تحت أقدامهم وإنما الناظر إلى المستقبل القريب والبعيد يراه تكليفا ً شاقا ً وعملا ً صعبا ً ومن سعى إليه وكل إلى نفسه ومن أخذه بحقه أعين عليه .... والله معك وأسأله لى ولك التوفيق .

وشكر الله سعيكم
د / توكل محمد مسعود ؛

.
.


في الصباح صافحت د/ محمد البنا في مكتبه وقلت هذه رسالة كتبتها إليك ولم أقل مبروك ولا غيره كما يقول غيري من الأطباء وانصرفت .
.
.
بعدها ببضعة أشهرأنهيت خدمتى بالمستشفى وقدمت استقالتى .... وسافرت بعدها إلى الخارج ومكثت بعيدا ًعن الإسكندرية عشر سنوات كاملة لم أر خلالها البنا وإنما كنت أسمع أخباره وأخبار النقابة.
.
.

كنت قد نسيت هذه الرسالة تماما ً ونسيت موضوعها حتى دعيت ذات يوم إلى إفطار في رمضان الموافق لعام 2002 ميلادية . والتقيت في الإفطار مع عدد كبير من أطباء الإسكندرية وإذا بالدكتور محمد البنا يذكرني ويحكي للأطباء عن هذه الرسالة ويقول بالحرف الواحد:
.
.
" كل الهدايا التي جاءتني في ذلك الوقت عفا عليها الزمان ونسيتها تماما ً ونسيت أصحابها وإن لم أشك في إخلاصهم لكن هذه الرسالة هي الهدية الوحيدة التي لا زلت أحتفظ بها وأرى أنها أثمن هدية تلقيتها في تلك المناسبة"
.
.

أذكر بهذه المناسبة كلمة الإمام الشافعى:
.
.
أد النصيحة على خير وجه واقبلها على أى وجه
.
.
قد تكون الطريقة التى اخترتها لاتناسب الكثيرين وعند الآخرين ماهو أفضل منها ولكن البنا قبلها بكل مافيها فكان صدقه فى قبول النصح ساترا لتقصيرى فى حسن الأداء .
.
.
والله من وراء القصد

الاثنين، مارس 08، 2010

على الطريق سوف نلتقى

سوف نلتقي مادمنا على الطريق
.

.


في فبراير من سنة 1981 أقام الإخوان المسلمون معسكرا ً للشباب في محافظة أسيوط في قرية "درنكة"،

.

كان المعسكر يحتضنه الجبل ويجاوره الدير الشهير المعروف ب"دير درنكة"، كان قائد خيمتنا "الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح"، وكنا عشرة، قضينا سبعة أيام تعارفنا وتحاببنا ما بين صلاة وقيام وقرآن ومحاضرات ومدارسات .......، وفي نهاية المعسكر كانت جلسة الختام ولقاء العهد على الدوام؛ وتحدث كل منا عن مشاعره وخواطره، وجاء دور أحدنا "الدكتور كمال" من إخوان "الفيوم" وطلب أن يسجل عناوين وأرقام تليفونات إخوانه الباقين لكي يتواصل معهم دائما ً في الأعياد والمناسبات .

.

.

رفعت يدي وطلبت الكلمة معترضاً على هذا الطلب وقلت:

.

.

يكفي أن يدعو بعضنا لبعض بظهر الغيب..... وسوف يهيء الله لنا لقاءات كثيرة مادمنا على الطريق، ثم إن ظروفنا الأمنية لا تسمح بذلك وأحب أن نضبط عواطفنا وأن نوجهها بدلاً من أن توجهنا هي. .

.

وافق الآخرون على رأيي وانتهت جلسة الختام وتصافحنا ومضى كل منا إلى محافظته – د/ عبد المنعم إلى القاهرة و د/ كمال إلى الفيوم وتوجهت إلى الإسكندرية

.


بعدها بستة أعوام وفي يناير 1987 أرسلت لجنة الإغاثة التابعة لنقابة أطباء مصر بعثة طبية إلى باكستان للمشاركة في علاج المهاجرين الأفغان وكنت ضمن أفراد البعثة وعملت في مستشفى الهلال الأحمر الكويتي لعلاج النساء والأطفال.

.

.

وبعد عدة أشهر من عملي بالمستشفى وذات يوم بينما كنت متوجها ً إلى إدارة المستشفى وقعت عيني في مدخل الإدارة على حقيبة سفر ضخمة. أدركت أن أحدا ً قد وصل لتوه من المطار ولكني لا أدري من هو ومن أين أتى. أسرعت إلى مكتب مدير المستشفى لأنظر من هناك، استاذنت ودخلت وتصفحت وجوه الحاضرين.... كلها من الوجوه المألوفة التى أراها كل يوم ما عدا وجها ً واحدا ً، دققت النظر إليه فعرفته... إنه "الدكتور كمال". أسرعت إليه وسلمت عليه وصافحته وعانقته ورحبت به وناديته باسمه، فتعجب من ذلك الحاضرون وقلت له؛ ها نحن قد التقينا.

.


.

ليس في أسيوط ولا في الفيوم ولا في الإسكندرية ولكن في بيشاور باكستان.

.

.

.قال: مامناسبة هذا الكلام ؟؟ !! ..... فذكرته بما كان منه وما كان مني، فتذكر ذلك وتعجب وتعجب الحاضرون.

.

.

وبعدها بعدة أيام كان الدكتور عبد المنعم ابو الفتوح يزور البعثة الطبية في مدينة بيشاور باكستان، فانطلقت مع أخي وزميلي الدكتور كمال لنزوره ونسلم عليه ونتذاكر سويا ً حدثا ً مر منذ ست سنوات ونردد جميعا ً:


.

.



سنظل نلتقى مادمنا على الطريق

.

.


والله من وراء القصد